Shatharat min Ithaaf al-Areeb bi-Ahkaam Maraatib Taqreeb al-Tahdheeb
شذرات من إتحاف الأريب بأحكام مراتب تقريب التهذيب
Nau'ikan
شَذَرَاتُ من إتْحَافِ الأرِيبِ
بِأحْكامِ مَرَاتِبِ تَقْرِيبِ التَّهْذِيبِ
أبُو مْحَمَّدٍ أَحْمَدُ شِحَاتَهْ الأَلْفِيُّ السَّكَنْدَرِيُّ
ــ،،، ــ
«وَأَمَّا عَمَلُ الْمُعَاصِرِينَ، وَمَنْهَجُهُمُ الْمُتَعَجِّلُ فِي بَيَانِ مَرَاتِبِ الأَحَادِيثِ مِنَ الصِّحَةِ وَالضَّعْفِ، فَهُوَ أَشْبَهُ شَيْءٍ بِالْمُعَادَلاتِ الرِّيَاضِيَّةِ الْبسِيطَةِ، الَّتِي يَعْتَقِدُ الْمُبْتَدِئُ فِي الْعِلْمِ عُمُومَ الاعْتِمَادِ عَلَيْهَا فِي حَلِّ الْمَسَائِلِ الْمُرَكَّبَةِ وَالْبَسِيطَةِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ، وَهُوَ كَالتَّلْفِيقِ بَيْنَ عَمْلِ الْمُحَدِّثِينَ وَعَمَلِ الْفُقَهَاءِ، فِي صُورَةِ مُعَادَلاتٍ رِيَاضِيَّةٍ سَاذِجَةٍ، كَانَ مِنْ نَتَائِجِهَا الشَّاذَّةِ: أَنَّ يُضَعِّفَ أَحَدُهُمْ صَحِيحًَا تَلَقَّاهُ الأَئِمَّةُ الْمُتَقَدِّمُونَ بِالْقَبُولِ وَصَحَّحُوهُ، أَوْ يُصَحِّحَ ضَعِيفًَا مُنْكَرَاَ هَجَرُوهُ وَأَنْكَرُوهُ. وبِمِثْلِ هَذَا الْعَمَلِ الْمُتَهَافِتِ جَاءَ الْكَثِيْرُ مِنْ أَحْكَامِهِمْ شَاذًَّا مُخَالِفًَا لأَحْكَامِ الأَئِمَّةِ الْمُتَقَدِّميِنَ، سِيَّمَا التَّسَاهُلَ فِي تَصْحِيحِ الْمَوْضُوعَاتِ وَالْمَنَاكِيْرِ وَالأَبَاطِيلِ» .
1 / 1
الْحَمْدُ للهِ الْمُتَعَزِّزِ فِي عَلْيَائِهِ. الْمُتَوَحِّدِ فِى عَظَمَتِهِ وَكِبْرِيَائِهِ. الْنَافِذِ أَمْرُهُ فِي أَرْضِهِ وَسَمَائِهِ. حَمْدًَا يُكَافِئُ الْمَزِيدَ مِنْ أَفْضَالِهِ وَنَعْمَائِهِ. وَيَكُونُ ذُخْرًَا لِقَائِلِهِ عِنْدَ رَبِّهِ يَوْمَ لِقَائِهِ. وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ الدَّائِمَانِ عَلَى الْمُصْطَفَى مِنْ رُسْلِ اللهِ وَأَنْبِيَائِهِ. وَرَضِىَ اللهُ عَنْ آلِهِ وَصَحْبِهِ وَأَصْفِيَائِهِ.
وَبَعْدُ ...
فَإنَّ «تَقْرِيبَ التَّهْذِيبِ» لِلْحَافِظِ الشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ الْعَسْقَلانِيِّ، هُوَ زُبْدَةُ مَا تَوَصَّلَ إِلَيْهِ مِنْ أَحْكَامِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ لِرُوَاةِ الْكُتُبِ السِّتَّةِ. فَقَدْ تَكَفَّلَ بِبَيَانِ أَصَحِّ مَا قِيلَ فِي الرَّاوِي، وَأَعْدَلِ مَا وُصِفَ بِهِ، بِأَلْخَصِ عِبَارَةٍ، وَأَخْلَصِ إِشَارَةِ. وَقَدْ أَوْفِي الْحَافِظَ الْغَايَةَ فِيمَا أَرَادَ، وَحَكَمَ فَعَدَلَ وَأَنْصَفَ، وَتَكَلَّمَ فَأَجَادَ وَأَفَادَ.
1 / 2
وَنَصُّ أَحْكَامِهِ فِي مُقَدِّمَةِ التَّقْرِيبِ: «وَبِاعْتِبَارِ مَا ذَكَرْتُ انْحَصَرَ لِيَ الْكَلامُ عَلَى أَحْوَالِهِمْ - يَعْنِي رُوَاةَ السِّتَّةِ - فِي اثْنَتَيْ عَشَرَةَ مَرْتَبَةً، وَحَصْرِ طَبَقَاتِهِمْ فِي اثْنَتَيْ عَشَرَةَ طَبَقَةً. فَأَمَّا الْمَرَاتِبُ:
فَأَوَّلُهَا: الصَّحَابَةُ فَأَصْرَحُ بِذَلِكَ لِشَرَفِهِمْ.
الثَّانِيَةُ: مَنْ أُكِّدَ مَدْحُهُ إِمَّا بِأَفْعَلِ كَأَوْثَقِ النَّاسِ أَوْ بِتَكْرِيرِ الصِّفَةِ لَفْظًَا كَثِقَةٍ ثِقَةٍ، أَوْ مَعْنَىً كَثِقَةٍ حَافِظٍ.
الثَّالِثَةُ: مَنْ أُفْرِدَ بِصِفَةٍ كِثِقَةٍ، أَوْ مُتْقِنٍ، أَوْ ثَبْتٍ، أَوْ عَدْلٍ.
الرَّابِعَةُ: مَنْ قَصَرَ عَنْ دَرَجَةٍ الثَّالِثَةِ قَلِيلًا، وَإِلَيْهِ الإِشَارَةُ بِصَدُوقٍ، أَوْ لا بَأْسَ بِهِ، أَوْ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
الْخَامِسَةُ: مَنْ قَصَرَ عَنِ الرَّابِعَةِ قَلِيلًا، وَإِلَيْهِ الإِشَارَةُ بِصَدُوقٍ سَيْءِ الْحِفْظِ، أَوْ صَدُوقٌ يَهِمُ، أَوْ لَهُ أَوْهَامٌ، أَوْ يُخْطِئُ، أَوْ تَغَيَّرَ بِأَخِرَةَ، وَيَلْتَحِقُ بِذَلِكَ مَنْ رُمِيَ بِنَوْعٍ مِنَ الْبِدْعَةِ كَالتَّشَيُّعِ، وَالْقَدَرِ، وَالنَّصَبِ، وَالإِرْجَاءِ، وَالتَّجَهُّمِ مَعَ بَيَانِ الدَّاعِيَةِ مِنْ غَيْرِهِ.
السَّادِسَةُ: مَنْ لَيْسَ لَهُ مِنَ الْحَدِيثِ إِلاَّ الْقَلِيلَ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ مَا يُتْرَكُ حَدِيثُهُ مِنْ أَجْلِهِ، وَإِلَيْهِ الإِشَارَةُ بِلَفْظِ مَقْبُولٍ حَيْثُ يُتَابَعُ، وَإِلاَّ فَلَيِّنُ الْحَدِيثِ.
السَّابِعَةُ: مَنْ رَوَى عَنْهُ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ، وَلَمْ يُوَثَّقْ، وَإِلَيْهِ الإِشَارَةُ بِلَفْظِ مَسْتُورٍ، أَوْ مَجْهُولِ الْحَالِ.
الثَّامِنَةُ: مَنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ تَوْثِيقٌ لِمُعَتَبِرٍ، وَوُجِدَ فِيهِ إِطْلاقُ الضَّعْفِ وَلَوْ لَمْ يُفَسَّرْ، وَإِلَيْهِ الإِشَارَةُ بِلَفْظِ ضَعِيفٍ.
التَّاسِعَةُ: مَنْ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَلَمْ يُوَثَّقْ، وَإِلَيْهِ الإِشَارَةُ بِلَفْظِ مَجْهُولٍ.
الْعَاشِرَةُ: مَنْ لَمْ يُوَثَّقْ الْبَتَّةَ، وَضُعِّفَ مَعَ ذَلِكَ بِقَادِحٍ، وَإِلَيْهِ الإِشَارَةُ بِلَفْظِ مَتْرُوكٍ، أَوْ مَتْرُوكِ الْحَدِيثِ، أَوْ وَاهِي الْحَدِيثِ، أَوْ سَاقِطٍ.
الْحَادِيَةَ عَشَرَةَ: مَنْ اتُّهِمَ بِالْكَذِبِ.
الثَّانِيَةَ عَشَرَةَ: مَنْ أُطْلِقَ عَلَيْهِ اسْمُ الْكَذِبِ وَالْوَضْعِ» اهـ.
1 / 3
فَمِنَ الْوَاضِحِ اللائِحِ: أَنَّ الْحَافِظَ اقْتَصَرَ عَلَى بَيَانِ أَحْكَامِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ لِلرُّوَاةِ، وَلَمْ يُرِدْ قَطُّ بَيَانَ دَرَجَةِ أَحَادِيثِهِمْ مِنَ الصِّحَةِ أَوْ الْحُسْنِ أَوْ الضَّعْفِ، وَلَوْ أَرَادَهُ لأتَى بِأَحْكَامٍ مُسَدَّدَةٍ، أَوْ مُقَارِبَةٍ، فَهُوَ أَبُو عُذْرَةِ هَذَا الشَّانِ، وَفَارِسُ ذَلِكَ الْمَيْدَانِ. وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ مَقْصُودِهِ، لا فِي تَقْرِيبِهِ، وَلا فِي تَهْذِيبِهِ، كَمَا صَرَحَ بِذَلِكَ هُوَ نَفْسَهُ فِي «مُقَدِّمَةِ التَّقْرِيبِ»، إذْ يَقُولُ مُعْرِبًَا عَنْ خُطَّتِهِ فِي تَرْجَمَتِهِ لِكُلِّ رَاوٍ: «أَنَّنِي أَحْكُمُ عَلَى كُلِّ رَاوٍ بِحُكْمٍ يَشْمَلُ أَصَحَّ مَا قِيلَ فِيهِ، وَأَعْدَلَ مَا وُصِفَ بِهِ، بِأَلْخَصِ عِبَارَةٍ، وَأَخْلَصِ إِشْارَةٍ، بِحَيْثُ لا تَزِيدُ كُلُّ تَرْجَمَةٍ عَلَى سَطْرٍ وَاحِدٍ غَالِبًَا يَجْمَعُ: اسْمَ الرَّجُلِ. وَاسْمَ أَبِيهِ وَجَدِّهِ. وَمُنْتَهَى أَشْهَرِ نِسْبَتِهِ وَنَسَبِهِ. وَكُنْيَتَهُ وَلَقَبَهُ مَعَ ضَبْطِ مَا يُشْكَلُ مِنْ ذَلِكِ بِالْحُرُوفِ. ثُمَّ صِفَتَهُ الَّتِي يَخْتَصُّ بِهَا مِنْ جَرْحٍ أَوْ تَعْدِيلٍ» . فَهَذَا بَيَانٌ وَافٍ لِمَقْصُودِهِ وَغَايَتِهِ، وَمُرَادِهِ وَطِلْبَتِهِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَمَا الَّذِي صَرَفَ الْحَافِظَ عَنْ هَذَا الْمَقْصِدِ، مَعَ اقْتِضَاءِ ضَرُورَتِهِ، وَالْجَزْمِ بِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَهُ لأتَى بِأَحْكَامٍ مُسَدَّدَةٍ، أَوْ مُقَارِبَةٍ؟ .
قُلْنَا: لاعْتِبَارَاتٍ عِدَّةٍ لا تَخْفَى عَلَي أَهْلِ هَذَا الشَّأْنِ، فَلْنَقْتَصِرُ عَلَى أَهَمِّهَا فِي هَذَا الإِيْضَاحِ:
إِنَّ الْحُكْمَ عَلَى دَرَجَةِ حَدِيثِ الرَّاوِي لا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَعْرِفَةِ عَدَالَتِهِ أَوْ جَرْحِهِ فَقَطْ فَلَيْسَ الأَمْرُ كَمَا يَجْرِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْحَدِيثِ الْمُعَاصِرِينَ، كَقَوْلِهِمْ: فُلانٌ ثِقَةٌ فَحَدِيثُهُ صَحِيحٌ، وَفُلانٌ صَدُوقٌ فَحَدِيثُهُ حَسَنٌ، وَفُلانٌ ضَعِيفٌ فَحَدِيثُهُ ضَعِيفٌ، وَفُلانٌ مَتْرُوكٌ فَحَدِيثُهُ مَتْرُوكٌ، وَفُلانٌ لَهُ مَنَاكِيْرُ فَحَدِيثُهُ مُنْكَرٌ، وَفُلانٌ كَذَّابٌ فَحَدِيثُهُ مَوْضُوعٌ.
فَهَذَا مَنْهَجُ الْمُبْتَدِئِ الْمُتَعَجِّلِ، وَهَذِهِ أَحْكَامُ الْمُحَقِّقِ الْمُتَطَفِّلِ. وَمِمَّا يَنْقُضُ هَذِهِ الأَحْكَامَ كُلَّهَا، وَيَقْضِي أَنَّهَا مُتَهَافِتَةٌ مُتَدَاعِيَةٌ: أَوَّلُ دَرْسٍ فِي عِلْمِ الْمُصْطَلَحِ، وَبِمَعْنَىً آخَرَ: أَوَّلُ مَا يُلْقَى عَلَى أَسْمَاعِ الْمَبْتَدِئِ فِي هَذَا الْعِلْمِ، فَهُوَ كَافٍ فِي كَشْفِ عَوَارِ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ الشَّوْهَاءِ، وَالْقَوَاعِدِ الْعَوْجَاءِ، وَالْخَطَأِ الْمُنْتَشِرِ، وَالْعَمَلِ الْمُبْتَسِرِ. فَقَدْ تَلَقَّنَ الْمُبْتَدِئُ أَوَّلَ مَا تَلَقَّنَ، بَلْ حَفِظَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ مَا قَالَهُ الْحَافِظُ ابْنُ الصَّلاحِ أَنَّ «الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ مَا اتَّصَلَ سَنَدُهُ بِالْعَدْلِ الضَّابِطِ عَنِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ إِلَى مُنْتَهَاهُ، مِنْ غَيْرِ شُذُوذٍ وَلا عِلَّةٍ»، ثُمَ عَقَّبَ بِقَوْلِهِ: «فَهَذَا هُوَ الْحَدِيثُ الَّذِي يُحْكَمُ لَهُ بِالصِّحَةِ بِلا خِلافٍ بَيْنَ أَهْلِ الْحَدِيثِ» .
1 / 4
وَالْخُلاصَةُ: أَنَّ الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ الْمُجْمَعَ عَلَى صِحَّتِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ مَا جَمَعَ شُرُوطًَا خَمْسَةً: اتِّصَالَ السَّنَدِ، وَعَدَالَةَ الرُّوَاةِ، وَضَبْطَهُمْ، وَالسَّلامَةَ مِنَ الشُّذُوذِ، وَمِنَ الْعِلَّةِ الْقَادِحَةِ. فَهَذِهِ بِاتِّفَاقِهِمْ خَمْسَةُ أَرْكَانٍ، لا تَنْقُصُ وَاحِدًَا.
وَهَذَا بِخِلافِهِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَالأُصُولِيِّينَ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يَشْتَرِطُوا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنْ يَكُونَ سَالِمًَا مِنَ الشُّذُوذِ وَالْعِلَّةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِمَا عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ.
وَلِذَا قَالَ شَيْخُ الإِسْلامِ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي شَرْحِ الإِلْمَامِ: «إنَّ لِكُلٍّ مِنْ أَئِمَّةِ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ طَرِيقًَا غَيْرَ طَرِيقِ الآخَرِ، فَإِنَّ الَّذِي تَقْتَضِيهِ قَوَاعِدُ الأُصُولِ وَالْفِقْهِ أَنَّ الْعُمْدَةَ فِي تَصْحِيحِ الْحَدِيثِ عَدَالَةُ الرَّاوِي وَجَزْمُهُ بِالرِّوَايَةِ، وَنَظَرُهُمْ يَمِيلُ إِلَى اعْتِبَارِ التَّجْوِيزِ الَّذِي يُمْكِنُ مَعَهُ صِدْقُ الرَّاوِي وَعَدَمُ غَلَطِهِ، فَمَتَى حَصَلَ ذَلِكَ، وَجَازَ أَلا يَكُونَ غَلَطًَا، وَأَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَ رِوَايَتِهِ وَرِوَايَةِ مَنْ خَالَفَهُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ الْجَائِزَةِ لَمْ يُتْرَكْ حَدِيثُهُ. فَأَمَّا أَهْلُ الْحَدِيثِ، فَإِنَّهُمْ قَدْ يَرْوُونَ الْحَدِيثَ مِنْ رِوَايَةِ الثِّقَاتِ الْعُدُولِ، ثُمَّ تَبْدُو لَهُمْ عِلَلٌ تَمْنَعُهُمْ عَنِ الْحُكْمِ بِصِحَّتِهِ» .
قُلْتُ: فَهَذَا مِنْ أَبْيَنِ الْكَلامِ وَأَصْرَحِهِ فِي تَبَايُنِ الاصْطِلاحَيْنِ: الْفِقْهِيِّ، وَالْحَدِيثِيِّ فِي تَقْرِيرِ الْمَبَادِئِ، وَتَحْرِيرِ الْقَوَاعِدِ الْمُقْتَضِيَةِ لِقَبُولِ الأَخْبَارِ أَوْ رَدِّهَا.
وَأَمَّا عَمَلُ الْمُعَاصِرِينَ، وَمَنْهَجُهُمُ الْمُتَعَجِّلُ الْمَذْكُورُ آنِفًَا، فَأَكْثَرُ مُبَايَنَةً، وَأَوْسَعُ خِلافًَا مِنْ ذَا، فَهُوَ أَشْبَهُ شَيْءٍ بِالْمُعَادَلاتِ الرِّيَاضِيَّةِ الْبسِيطَةِ، الَّتِي يَعْتَقِدُ الْمُبْتَدِئُ فِي الْعِلْمِ عُمُومَ الاعْتِمَادِ عَلَيْهَا فِي حَلِّ الْمَسَائِلِ الْمُرَكَّبَةِ وَالْبَسِيطَةِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ، وَهُوَ كَالتَّلْفِيقِ بَيْنَ عَمْلِ الْمُحَدِّثِينَ وَعَمَلِ الْفُقَهَاءِ، فِي صُورَةِ مُعَادَلات رِيَاضِيَّةٍ سَاذِجَةٍ، كَانَ مِنْ نَتَائِجِهَا الشَّاذَّةِ: أَنَّ يُضَعِّفَ أَحَدُهُمْ صَحِيحًَا تَلَقَّاهُ الأَئِمَّةُ الْمُتَقَدِّمُونَ بِالْقَبُولِ وَصَحَّحُوهُ، أَوْ يُصَحِّحَ ضَعِيفًَا مُنْكَرَاَ هَجَرُوهُ وَأَنْكَرُوهُ. وبِمِثْلِ هَذَا الْعَمَلِ الْمُتَهَافِتِ جَاءَ الْكَثِيْرُ مِنْ أَحْكَامِهِمْ شَاذًَّا مُخَالِفًَا لأَحْكَامِ الأَئِمَّةِ الْمُتَقَدِّميِنَ، سِيَّمَا التَّسَاهُلَ فِي تَصْحِيحِ الْمَوْضُوعَاتِ وَالْمَنَاكِيْرِ وَالأَبَاطِيلِ.
وَالْمَقْصُودُ: الإِيْقَاظُ وَالتَّنْبِيهُ بِأَنَّ هَذَا الْعَمَلَ عَدِيْمُ الْجَدْوِى، وَلَوْ صَادَفَ الصَّوَابَ فِي بَعْضِ اسْتِعْمَالاتِهِ. وَالْحَقُّ الَّذِي لا مِرْيَةَ فِيهِ: أَنَّ الصَّوَابَ الْمَحْضَّ مُسْتَسَاغٌ كَاللَّبَنِ «يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًَا خَالِصًَا سَائِغًَا لِلشَّارِبِينَ»، وَأَنَّ أَحْكَامَ الْكَتَبَةِ الْمُفَهْرِسِينَ لَيْسَتْ كَأَحْكَامِ الْحُفَّاظِ الْمُتْقِنِينَ، فَـ «لا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيْرٍ» .
وَلِهَذَا وَلاعْتِبَارَاتٍ أُخْرَى، لَمْ يُرِدِ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ أَنْ يَقْرِنَ بَيْنَ مَرْتَبَةِ الرَّاوِي مِنَ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ، وَبَيْنَ الْحُكْمِ عَلَى حَدِيثِهِ صِحَّةً أَوْ حُسْنًَا أَوْ ضَعْفًَا، لِوُجُوبِ أَنْ يَنْضَافَ إلَى الْعَدَالَةِ وَالضَّبْطِ أَرْكَانٌ أُخْرَي كَمَا أَلْمَحْنَا فِي الإِيْضَاحِ السَّابِقِ.
1 / 5
وَقَدْ تَكَلَّفَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ بَيَانَ مَا لَمْ يُرِدِ الْحَافِظُ بَيَانَهُ، فَسَدَّدَ كُلٌّ سَهْمًَا لَكِنْ فِي غَيْرِ مَرْمَاهُ، وَجَالَ بَعْضُهُمْ لَكِنْ بَعِيدًَا عَنْ مَقْصِدِهِ وَمُبْتَغَاهُ، وَفَسَّرَ بَعْضُهُمُ الْوَاضِحَ الْمَفْهُومَ بِالْغَامِضِ الْمُبْهَمِ.
وَمِمَّنْ أَغَارَ عَلَى أَحْكَامِ التَّقْرِيبِ مِنْ رُفَعَاءِ الشُّيُوخِ وَعُقَلائِهِمْ، فَصَرَفَهَا عَنْ مَقَاصِدِهَا وَغَايَاتِهَا، وَتَصَرَّفَ بِالْجَوْرِ فِي تَأوِيلِ دِلالاتِهَا: الشَّيْخُ الْعَلاَّمَةُ أبُو الأَشْبَالِ أَحْمَدُ شَاكِرٍ ﵀. فَقَدْ قَالَ فِي «الْبَاعِثِ الْحَثِيثِ» (ج١/٢١٩) بَعْدَ نَقْلِهِ لِمَا فِي التَّقْرِيبِ مِنْ مَرَاتِبِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ: «وَالدَّرَجَاتُ – يَعْنِى الْمَرَاتِبَ - مِنْ بَعْدِ الصَّحَابَةِ.
فَمَا كَانَ مِنَ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ، فَحَدِيثُهُ صَحِيحٌ مِنَ الدَّرَجَةِ الأُولَى، وَغَالِبُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ.
وَمَا كَانَ مِنَ الرَّابِعَةِ، فَحَدِيثُهُ صَحِيحٌ مِنَ الدَّرَجَةِ الثَّانِيَةِ، وَهُوَ الَّذِي يُحَسِّنُهُ التِّرْمِذِيُّ، وَيَسْكُتُ عَلَيْهِ أَبُو دَاوُدَ.
وَمَا بَعْدَ الرَّابِعَةِ فَمِنَ الْمَرْدُودِ، إِلاَّ إِذَا تَعَدَّدَتْ طُرُقُهُ مِمَّا كَانَ مِنَ الْمَرْتَبَةِ الْخَامِسَةِ وَالسَّادِسة، فَيَتَقَوَّى بِذَلِكَ وَيَصِيْرُ حَسَنًَا لِغَيْرِهِ.
وَمَا كَانَ مِنَ السَّابِعَةِ إلَى آخِرِهَا، فَضَعِيفٌ عَلَى اخْتِلافِ دَرَجَاتِ الضَّعْفِ، مِنَ الْمُنْكَرِ إلَى الْمَوْضُوعِ» اهـ.
ثُمَّ خَتَمَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ شَاكِرٍ أَحْكَامَهُ الشَّاذَّةَ الْفَاذَّةَ بِتَقْرِيرٍ عَجِيبٍ غَرِيبٍ، فَقَالَ: «وَيَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ هَذِهِ الْمَرَاتِبَ إِنَّمَا هِيَ خَاصَّةٌ بِالْحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ، وَلَيْسَتْ مُطْلَقَةً عِنْدَ جَمِيعِ النُّقَّادِ وَالأَئِمَّةِ، فَاعْتِبَارُهَا نِظَامًَا لِلنَّقْدِ فِي عِلْمِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ لا يَخْفَى مَا فِيهِ!!» اهـ.
قُلْتُ: بَلْ الَّذِي لا يَخْفَى مَا فِيهِ هُوَ كِلامُ الشَّيْخِ أَبِي الأَشْبَالِ ﵀، لِمُبَاعَدَتِهِ عَنِ الإِنْصَافِ، وَلِمَا فِيهِ مِنَ التَّكَلُّفِ وَالاعْتِسَافِ. وَلَوْ رَدَّ الشَّيْخُ مَا تَكَلَّفَهُ وَعَانَاهُ إِلَى الْحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ، لَنَقَضَهُ بِرُمَّتِهِ، وَجَاءَهُ بِأَحْكَامٍ مُسَدَّدَةٍ مُحَرَّرَةٍ مُتْقَنَةٍ، كَمَا هِيَ لائَحِةٌ فِي تَهْذِيبِهِ، وَمَفْهُومَةٌ مِنْ تَقْرِيبِهِ.
1 / 6
وَللهِ دَرُّ الشَّيْخِ الدُّكْتُورِ وَلِيدِ بْنِ حَسَنٍ الْعَانِي ﵀ حَيْثُ قَالَ فِي ثَنَايَا مُنَاقَشَتِهِ أَحْكَامِ الشَّيْخِ أَبِي الأَشْبَالِ الآنِفَةِ:
إنَّ الأَحْكَامَ الَّتِي أَصْدَرَهَا الشَّيْخُ أَحْمَدُ شَاكِرٍ ﵀ لَمْ تَكُنْ قَائِمَةً عَلَى دِرَاسَةٍ حَدِيثِيَّةٍ جَادَّةٍ، وَلا عَلَى اسْتِقْرَاءٍ يُؤَهِّلُ لإِصْدَارِ مِثْلِ هَذِهِ الأَحْكَامِ الْخَطِيْرَةِ. وَأَوَّلُ رَجُلٍ عَالِمٍ لَمْ يَقْتَنِعْ بِمَا قَالَهُ هُوَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ شَاكِرٍ نَفْسَهُ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَعْتَمِدْ عَلَى أَحْكَامِهِ عِنْدَ تَحْقِيقِهِ مُسْنَدِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، وَحَكَم عَلَى أَسَانِيدِهِ، وَكَذَلِكَ اسْتَبْعَدَ هَذِهِ الأَحْكَامَ عِنْدَ تَحْقِيقِهِ سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ، وَحَكَم عَلَى رِجَالِ أَسَانِيدِهِ اهـ.
قُلْتُ: وَأَوَّلُ الْعَجَائِبِ الْغَرَائِبِ الَّتِي لَمُ يُسْبَقَ إِلَيْهَا، وَلا يَنْبَغِي أَنْ يُتَابَعَ عَلَيْهَا: قَوْلُهُ «وَمَا بَعْدَ الْمَرْتَبَةِ الرَّابِعَةِ فَمِنَ الْمَرْدُودِ، إِلاَّ إِذَا تَعَدَّدَتْ طُرُقُهُ مِمَّا كَانَ مِنَ الْمَرْتَبَةِ الْخَامِسَةِ وَالسَّادِسة، فَيَتَقَوَّى بِذَلِكَ، وَيَصِيْرُ حَسَنًَا لِغَيْرِهِ» ! .
فَمُقْتَضَى هَذِهِ الأُطْرُوحَةِ الْمُتَعَسِّفَةِ، وَالْقَضِيَّةِ الْجَائِرَةِ؛ فِي حَقِّ رِجَالِ الْمَرْتَبَتَيْنِ الْخَامِسَةِ وَالسَّادِسَةِ:
[أَوَّلًا] أَنَّ كُلَّ مَنْ ذَكَرَهُ الْحَافِظُ فِي الْمَرْتَبَةِ الْخَامِسَةِ، وَوَصَفَهُ بِـ صَدُوقٌ سَيْءٌ الْحِفْظِ، أَوْ صَدُوقٌ يَهِمُ، أَوْ لَهُ أَوْهَامٌ، أَوْ يُخْطِئُ، أَوْ تَغَيَّرَ بِأَخِرَةَ، أَوْ مَنْ رُمِيَ بِنَوْعٍ مِنَ الْبِدْعَةِ كَالتَّشَيُّعِ، وَالْقَدَرِ، وَالنَّصَبِ، وَالإِرْجَاءِ، وَالتَّجَهُّم. وَمَا أَكْثَرَ رُوَاةِ هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ فِي النَّقْرِيبِ، بَلْ هِيَ أَكْثَرُ الْمَرَاتِبِ عَدَدًَا، فَأَحَادِيثُ هَؤُلاءِ جَمِيعًَا مَرْدُودَةٌ، وَإِنْ شَفَعَتْ لِحَدِيثِ أَحَدِهِمْ مُتَابَعَةٌ لِتُقَوِّيهِ، أَوْ شَاهِدٌ لِيُعَضِّدَهُ، فَأَقْصَى غَايَاتِهِ أَنْ يَكُونَ حَسَنًَا، وَلا يَبْلَغُ الصِّحَةَ بِحَالٍ!! .
[ثَانِيًَا] أنَّ هَذَا الْحَكْمَ بِرُمَّتِهِ هُوَ مَا يُحْكَمُ بِهِ عَلَى أَحَادِيثِ رِجَالِ الْمَرْتَبَةِ السَّادِسَةِ، الَّذِينَ وَصَفَهُمُ الْحَافِظُ بِقَوْلِهِ: مَنْ لَيْسَ لَهُ مِنَ الْحَدِيثِ إِلاَّ الْقَلِيلَ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ مَا يُتْرَكُ حَدِيثُهُ مِنْ أَجْلِهِ، وَإِلَيْهِ الإِشَارَةُ بِلَفْظِ مَقْبُولٍ حَيْثُ يُتَابَعُ، وَإِلاَّ فَلَيِّنُ الْحَدِيثِ.
[ثَالِثًَا] أنَّ هَذَا الْحَكْمَ عَامٌّ شُمُولِيٌّ لِرِجَالِ الْمَرْتَبَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ، بِلا اسْتِثَاءَ، وَلا تَخْصِيصَ، وَلا نَظَرَ فِيمَا ذَكَرَهُ الْحَافِظُ فِي خَوَاتِيمِ تَرَاجَمِ الْعَشَرَاتِ، بَلْ الْمِئَاتِ مِنَ رِجَالِ هَاتَيْنِ الْمَرْتَبَتَيْنِ بِقَوْلِهِ [خ م]، يَعْنِي أَخْرَجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ!! .
1 / 7
وَهَذَا الاقْتِضَاءُ الثَّالِثُ هُوَ الَّذِي حَمَلَنِي عَلَى: التَّأَسُّفِ مِمَّا فِي هَذَا الْحُكْمِ مِنَ الْجَوْرِ وَالتَّعَسُّفِ، وَالإِشْفَاقِ عَلَى الشَّيْخِ ﵀ مِمَّا قَابَلَ بِهِ أَحْكَامَ التَّقْرِيبِ الْعَادِلَةِ مِنَ الْقَطِيعَةِ وَالشِّقَاقِ، وَالإِذْعَانِ لِمَا أُمِرْنَا بِهِ مِنْ إِزْهَاقِ الْجَوْرِ وَإِظْهَارِ الْحَقِّ بِالْحُجَّةِ وَالْبَيَانِ.
فَأَقُولُ بِلا ارْتِيَابْ، وَاللهُ وَحْدَهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابْ: إنَّ الْحُكْمَ الصَّحِيحِ عَلَى أَحَادِيثِ رِجَالِ هَاتَيْنِ الْمَرْتَبَتَيْنِ لَيْسَ بِدَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ، بَلْ يَجِبُ النَّظَرُ فِي حَدِيثِ كُلِّ رَاوٍ عَلَى حِدَّةٍ، لِيُحْكَمَ عَلَى حَدِيثِهِ بِمَا يَسْتَحِقُّهُ، صِحَّةً أَوْ حُسْنًَا أَوْ ضَعْفًَا. فَهَذِهِ ثَلاثَةُ أَحْكَامٍ مُتَبَايِنَةٍ مُتَفَاوِتَةٍ، وَلَيْسَتْ حُكْمًَا وَاحِدًَا مُتَعَسِّفًَا كَمَا ادَّعَاهُ الشَّيْخُ شَاكِرُ ﵀. فَلا يَغِيبَنَّ عَنْكَ هَذَا الْبَيَانُ، فَإِنَّهُ مِنَ الْمُهِمَّاتِ الْكَاشِفَةِ عَنْ خَطَأِ هَذِهِ الأُطْرُوحَةِ، وَعَسَفِ هَذِهِ الأَحْكَامِ.
فَأَمَّا الْحُكْمُ الأَوَّلُ مِنَ الثَّلاثَةِ الأَحْكَامِ؛ أَعْنِي الصِّحَةَ، فَأَعْلَى مَرَاتِبِهِ وَأَرْفَعُ دَرَجَاتِهِ، وَهُوَ الْمُجْمَعُ عَلَى تَلَقِّيهِ بِالْقَبُولِ، قَدْ كَفَانَا الْحَافِظُ تَكَلُّفَ مُؤْنَتِهِ، وَتَعَسُّفَ مَشَقَّتِهِ، وَذَلِكَ بِإِضَافَتِهِ حَرْفَيْنِ مُفْرَدَيْنِ [خ م] فِي خَاتِمَةِ تَرْجَمَةِ رَاوِي الصَّحِيحِ مِنْ رِجَالِ هَاتَيْنِ الْمَرْتَبَتَيْنِ، وَبِعِبَارَةٍ أَدَقِّ: احْتَجَّ بِهِ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحِهِمَا.
1 / 8
ومن التَّمْثِيلِ عَلَى عُجَالَةٍ لِهِذَا الصِّنْفِ مِنْ رُوَاةِ الصَّحِيحِ مِنَ الْمَرْتَبَةِ الْخَامِسَةِ؛ مَا قَالَهُ الْحَافِظُ الْحُجَّةُ الْمُتْقِنُ طَيَّبَ اللهُ ثَرَاهُ:
[١] شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ قَيْسٍ السَّكُونِيُّ أَبُو بَدْرٍ الْكُوفِيُّ صَدُوقٌ وَرِعٌ لَهُ أَوْهَامٌ [خ م د ت س ق] .
[٢] طَارِقُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَجَلِيُّ الأَحْمَسِيُّ الْكُوفِيُّ صَدُوقٌ لَهُ أَوْهَامٌ [خ م د ت س ق] .
[٣] عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ التِّنِّيسِيُّ أبُو حَفْصٍ الدِّمَشْقِيُّ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ صَدُوقٌ لَهُ أَوْهَامٌ [خ م د ت س ق] .
[٤] مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ الْيَامِيُّ كُوفِيٌّ صَدُوقٌ لَهُ أَوْهَامٌ [خ م د ت عس ق] .
[٥] مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ صَدُوقٌ لَهُ أَوْهَامٌ [خ م د ت س ق] .
[٦] مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ الْقُرَشِيُّ الْحَرَّانِيُّ صَدُوقٌ لَهُ أَوْهَامٌ [خ م د س ق] .
[٧] هِشَامُ بْنُ حُجَيْرٍ الْمَكِّيُّ صَدُوقٌ لَهُ أَوْهَامٌ [خ م س] .
وَمِنْهُ كَذَلِكَ قَوْلُهُ طَيَّبَ اللهُ ثَرَاهُ:
[١] إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ صَدُوقٌ يَهِمُ [خ م د س] .
[٢] حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَدَنِيُّ أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْحَارِثِيُّ مَوْلاهُمْ الْكَوفِي صَحِيحُ الْكِتَابِ صَدُوقٌ يَهِمُ [خ م د ت س ق] .
[٣] الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ الْمَدَنِيُّ صَدُوقٌ يَهِمُ [عخ م د ت س ق] .
[٤] حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ الْعَتَكِيُّ الْبَصْرِيُّ أَبُو رَوْحٍ صَدُوقٌ يَهِمُ [خ م د س ق] .
[٥] طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيُّ الأَنْصَارِيُّ الْمَدَنِيُّ صَدُوقٌ يَهِمُ [خ م د س ق] .
[٦] عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ نَافِعٍ الْكِنَانِيُّ الْحَنَّاطُ أَبُو شِهَابٍ الْكُوفِيُّ صَدُوقٌ يَهِمُ [خ م د س ق] .
[٧] مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ الزَّبْرَقَانِ الْمَكِّيُّ نَزِيلُ بَغْدَادَ صَدُوقٌ يَهِمُ [خ م ت س ق] .
1 / 9
وَمِنْهُ كَذَلِكَ قَوْلُهُ طَيَّبَ اللهُ ثَرَاهُ:
[١] حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْكِرْمَانِيُّ أَبُو هِشَامٍ الْعَنَزِيُّ قَاضِي كِرْمَانَ صَدُوقٌ يُخْطِئُ [خ م د] .
[٢] سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ الأَزْدِيُّ أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ الْكُوفِيُّ صَدُوقٌ يُخْطِئُ [خ م د ت س ق] .
[٣] شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي نَمَرٍ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْمَدَنِيُّ صَدُوقٌ يُخْطِئُ [خ م د تم س ق] .
[٤] عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ الأُمَوِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَدَنِيُّ صَدُوقٌ يُخْطِئُ [خ م د ت س ق] .
[٥] عُبَيْدُ اللهِ بْنُ الأَخْنَسِ النَّخَعِيُّ أَبُو مَالِكٍ الْخَزَّازُ صَدُوقٌ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ يُخْطِئُ [خ م د ت س ق] .
[٦] كَثِيْرُ بْنُ شِنْظِيْرٍ الْمَازِنِيُّ أَبُو قُرَّةَ الْبَصْرِيُّ صَدُوقٌ يُخْطِئُ [خ م د ت ق] .
[٧] مِسْكِينُ بْنُ بُكَيْرٍ الْحَرَّانِيُّ أبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَذَّاءُ صَدُوقٌ يُخْطِئُ [خ م س] .
وَمِنْهُ كَذَلِكَ قَوْلُهُ طَيَّبَ اللهُ ثَرَاهُ:
[١] سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ ذَكْوَانَ السَّمَّانِ أَبُو يَزِيدَ الْمَدَنِيُّ صَدُوقٌ تَغَيَّرَ حِفْظُهُ بِأَخِرَةَ [خ م د ت س ق] .
[٢] سِمَاكُ بْنُ حَرْبِ بْنِ أَوْسِ بْنِ خَالِدٍ الذُّهْلِيُّ الْكُوفِيُّ صَدُوقٌ وَقَدْ تَغَيَّرَ بِأَخِرَةَ فَكَانَ رُبَّمَا تَلَقَّنَ [خت م د ت س ق] .
[٣] شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أبِي شَرِيكٍ النخعِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْكُوفِيُّ الْقَاضِي صَدُوقٌ عَابِدٌ يُخْطِئُ كَثِيْرًَا وَتَغَيَّرَ لَمَا وَلِيَ الْقَضَاءَ [خت م د ت س ق] .
[٤] عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَبْدِ اللهِ بْنِ ذَكْوَانَ الْمَدَنِيُّ صَدُوقٌ تَغَيَّرَ حِفْظُهُ لَمَا قَدِمَ بَغْدَادَ [خت م د ت س ق] .
[٥] عَبْدُ اللهِ بْنُ مَطَرٍ أَبُو رَيْحَانَةَ الْبَصْرِيُّ صَدُوقٌ تَغَيَّرَ بِأَخِرَةَ [م د ت ق] .
[٦] قُرَيْشُ بْنُ أَنَسٍ الأَنْصَارِيُّ وَيُقَالُ الأُمَوِيُّ أَبُو أَنَسٍ الْبَصْرِيُّ صَدُوقٌ تَغَيَّرَ بِأَخِرَةَ [خ م د ت س] .
[٧] يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ الْعِجْلِيُّ الْكُوفِيُّ صَدُوقٌ عَابِدٌ يُخْطِئُ كَثِيْرًَا وَقَدْ تَغَيَّرَ [بخ م د ت س ق] .
1 / 10
وَمِنْهُ كَذَلِكَ قَوْلُهُ طَيَّبَ اللهُ ثَرَاهُ:
[١] سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْجَرْمِيُّ الْكُوفِيُّ صَدُوقٌ رُمِيَ بِالتَّشَيُّعِ [خ م د ق] .
[٢] عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمَّانِيُّ أبُو يَحْيَى الْكُوفِيُّ صَدُوقٌ يُخْطِئُ وَرُمِيَ بِالإِرْجَاءِ [خ م د ت ق] .
[٣] عُمَرُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ الْهَمْدَانِيُّ الْوَادِعِيُّ الْكُوفِيُّ أَخُو زَكَرِيَّا صَدُوقٌ رُمِيَ بِالْقَدَرِ [خ م س] .
[٤] فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ الْمَخْزُومِيُّ مَوْلاهُمْ أَبُو بَكْرٍ الْحَنَّاطُ صَدُوقٌ رُمِيَ بِالتَّشَيُّعِ [خ د ت س ق] .
[٥] مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ أبُو الْخَطَّابِ الْبَصْرِيُّ الْمَكْفُوفُ صَدُوقٌ رُمِيَ بِالْقَدَرِ [خ م خد ت س ق] .
[٦] مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ الضَّبِّيُّ مَوْلاهُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكُوفِيُّ صَدُوقٌ عَارِفٌ رُمِيَ بِالتَّشَيُّعِ [خ م د ت س ق] .
[٧] الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيْرٍ الْقُرَشِيُّ الْمَخْزُومِيُّ مَوْلاهُمْ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَدَنِيُّ الْكُوفِيُّ صَدُوقٌ رُمِيَ برأي الْخَوَارِجِ [خ م د ت س ق] .
وَمِنْهُ كَذَلِكَ قَوْلُهُ طَيَّبَ اللهُ ثَرَاهُ:
[١] يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الْقُرَشِيُّ الطَّائِفِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَكِّيُّ الْخَرَّازُ [خ م د ت س ق] .
[٢] سَعْدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَمْرٍو الأَنْصَارِيُّ أَخُو يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ صَدُوقٌ سَيْءُ الْحِفْظِ [خت م د ت س ق] .
[٣] النُّعْمَانُ بْنُ رَاشِدٍ الْجَزَرِيُّ أَبُو إِسْحَاقَ الرَّقِّيُّ صَدُوقٌ سَيْءُ الْحِفْظِ [خت م د ت س ق] .
[٤] إبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرِ بْنِ جَابِرٍ الْبَجَلِيُّ أَبُو إِسْحَاقَ الْكُوفِيُّ صَدُوقٌ سَيْءُ الْحِفْظِ [م د ت س ق] .
[٥] زِيَادُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَخْزُومِيُّ، وَيُقَالُ السَّهْمِيُّ الْمَكِّيُّ صَدُوقٌ سَيْءُ الْحِفْظِ [عخ م ت ق] .
[٦] إبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ السَّكْسَكِيُّ أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْكُوفِيُّ صَدُوقٌ سَيْءُ الْحِفْظِ [خ د س] .
[٧] مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ النَّهْدِيُّ أبُو حُذَيْفَةَ الْبَصْرِيُّ صَدُوقٌ سَيْءُ الْحِفْظِ وَكَانَ يُصَحِّفُ [خ د ت ق] .
1 / 11
فَهَذِهِ السُّبَاعِيَّاتُ السِّتُّ، بِعِدَّةِ أَوْصَافِ رِجَالِ الْمَرْتَبَةِ الْخَامِسَةِ: صَدُوقٌ سَيْءُ الْحِفْظِ، أَوْ صَدُوقٌ يَهِمُ، أَوْ صَدُوقٌ لَهُ أَوْهَامٌ، أَوْ صَدُوقٌ يُخْطِئُ، أَوْ صَدُوقٌ تَغَيَّرَ بِأَخِرَةَ، أو صَدُوقٌ رُمِيَ بِنَوْعٍ مِنَ الْبِدْعَةِ، كَالأمثلة لِرُوَاةٍ مِنَ هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ احْتَجَّ بِهِمُ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحِهِمَا، وَشَارَكَهُمَا أَصْحَابُ الصِّحَاحِ وَالسُّنَنِ، وَهِيَ غَيْضٌ مِنْ فَيْضٍ، وَجَمْعُ قِلَّةٍ مِنْ كَثْرَةٍ أَمْثَالِهِمْ. وَفِيهَا كِفَايَةٌ لِدَفْعِ هَذَا الْحُكْمِ الْمُتَعَسِّفِ فِي حَقِّ رِجَالِ هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ مِنْ مَرَاتِبِ تَقْرِيبِ الْحَافِظِ، شِهَابِ مِصْرَ الْوَقَّادِ ابْنِ حَجَرٍ.
وَمِنْ أَوْضَحِ الْبَرَاهِينِ عَلَى خَطَأِ هَذَا الْحُكْمِ، لِجَوْرِهِ، وَوُعُورَةِ مَسْلَكِهِ، وَمُخَالَفَتِهِ لِلاسْتِقْرَاءِ وَالتَّتَبُّعِ، خَاصَّةً لِرُوَاةِ الصَّحِيحَيْنِ مِنْ هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ: أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا الأَشْبَالِ هُوَ أَوَّلُ مَنْ أَلْقَى بِهِ خَلْفَ ظَهْرِهِ، وَلَمْ يُعِرْهُ اهْتِمَامًَا، وَلَمْ يُطَبِّقْهُ وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي أَحْكَامِهِ عَلَى أَحَادِيثِ رِجَالِ هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ، فَأُطْرُوحَتُهُ بِهَذَا الْحُكْمِ فِي وَادٍ، وَأَحْكَامُهُ عَلَى أَحَادِيثِ الْمُسْنَدِ الْحَنْبَلِيِّ وَالْجَامِعِ التِّرْمِذِيِّ فِي وَادٍ آخَرَ، وَكَأَنَّهُمَا ضِدَّانِ مُتَعَارِضَانِ، يَنْقُضُ أَحَدُهُمَا عَمَلَ الآخَرِ وَقَوْلَهِ، وَيَصْدُقُ فِيهِمَا قَوْلُ الْقَائِلِ:
وَغَيَّرَ بَعْضُهُمْ أَقْوَالَ بَعْضٍ ... وَأَبْطَلَتِ النُّهَى مَا أوْجَبُوهُ
فَلا تَفْرَحْ إِذَا عُلِّمْتَ ذَلِكْ ... فَإِنَّ الْحَقَّ مَعْ مَنْ خَالَفُوهُ
- الله الله -
1 / 12
وَأَمَا شَبِيهُ هَذَا التَّمْثِيلِ بِرُوَاةِ الصَّحِيحِ مِنَ الْمَرْتَبَةِ التَّالِيَةِ، وَهِيَ السَّادِسَةُ مِنْ مَرَاتِبِ تَقْرِيبِ الْحَافِظِ الْجِهْبَذِ، فَأَوْسَعُ مِمَّا سَبَقَ وَأَسْهَبُ فِي كِتَابِنَا «الْمَنْهَجُ الْمَأْمُولُ بِبِيَانِ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ حَجَرٍ مَقْبُولُ» .
وَمِنْ نَافِلَةِ الْقَوْلِ وَمُعَادِهِ: أَنَّ الْحَافِظَ الشِّهَابَ الْمُتْقِنَ قَدْ كَفَانَا تَكَلُّفَ مُؤْنَةِ الْبَحْثِ وَالتَّنْقِيبِ، وَتَعَسُّفَ مَشَقَّةِ الاقْتِضَابِ وَالتَّرْتِيبِ، وَذَلِكَ بِإِضَافَتِهِ حَرْفَيْنِ مُفْرَدَيْنِ [خ م] فِي خَاتِمَةِ تَرْجَمَةِ رَاوِي الصَّحِيحِ مِنْ رِجَالِ هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ السَّادِسَةِ، فَهُمَا لِمَنْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ، وَأَوَّلُهُمَا مُنْفَرِدًَا [خ] لِمَنْ تَفَرَّدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ، وَثَانِيهِمَا مُنْفَرِدًَا [م] لِمَنْ تَفَرَّدَ بِهِ مُسْلِمٌ.
وَهَذِهِ أَرْبَعِينِيَّةٌ مِنَ الرُّوَاةِ، أَعْنِى رُوَاةَ الصَّحِيحِ الْمُتَّفَقِ عَلَى قَبُولِهِ مِنْ هَذِهِ الْمَرْتَبَةَ، وَالَّذِينَ حَكَمَ الشَّيْخُ أَبُو الأَشْبَالِ ﵀ أَنَّ حَدِيثَهُمْ مَرْدُودٌ، مُهْدَاةٌ عَلَى عُجَالَةٍ لِمُقَلِّدِيهِ، لِيُقْلِعُوا عَنْ تَقْلِيدِ الْخَطَأِ الْقَبِيحِ، وَيَلْتَزِمُوا الصَّوَابَ الصَّرِيحَ:
[١] مَالِكُ بْنُ جُعْشُمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَمْرٍو الْمُدْلَجِيُّ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّانِيَةِ [خ ق] .
[٢] خَالِدُ بْنُ عُمَيْرٍ الْعَدَوِيُّ الْبَصْرِيُّ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّانِيَةِ [م تم س ق] .
[٣] طَلْقُ بْنُ مُعَاوِيَةَ النَّخَعِيُّ أَبُو غِيَاثٍ الْكُوفِيُّ تَابِعِيٌّ كَبِيْرٌ مُخَضْرَمٌ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّانِيَةِ [بخ م س] .
[٤] رَافِعٌ الْمَدَنِيُّ مَوْلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ وَبَوَّابُهُ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ [خ م ت س] .
[٥] عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ التَّيْمِيُّ الْمَدَنِىُّ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ [خ م خد س ق] .
[٦] عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الأَرْقَمِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ الزُّهْرِيُّ الْمَدَنِىُّ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ [خ م د س] .
[٧] مَعْبَدُ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الأَنْصَارِيُّ السُّلَمِيُّ الْمَدَنِىُّ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ [خ م خد س ق] .
[٨] إبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِى رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيُّ الْمَدَنِىُّ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ [خ س ق] .
[٩] عُبَيْدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ الْمَكِّيُّ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ [خ د ت س] .
[١٠] عَوْفُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ الطُّفَيْلِ بْنِ سَخْبَرَةَ الأَزْدِيُّ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ [خ د س ق] .
[١١] نَبْهَانُ الْجُمَحِيُّ أَبُو صَالِحٍ الْمَدَنِىُّ وَالِدُ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ [خ] .
[١٢] يَزِيدُ بْنُ أَبِى كَبْشَةَ السَّكْسَكِيُّ الشَّامِيُّ الدِّمَشْقِيُّ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ [خ] .
[١٣] أبُو بَكْرِ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ التَّيْمِىُّ الْمَكِّيُّ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ [خ] .
[١٤] جَعْفَرُ بْنُ أَبِي ثَوْرٍ عِكْرِمَةَ السُّوَائِيُّ أَبُو ثَوْرٍ الْكُوفِيُّ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ [م ق] .
[١٥] جَعْفَرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ الْقُرَشِيُّ الْمَخْزُومِيُّ الْكُوفِيُّ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ [م د تم س ق] .
[١٦] حَبِيبٌ الأَعْوَرُ الْمَدَنِىُّ مَوْلَى عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ [م د س] .
[١٧] خَالِدُ بْنُ غِلاقٍ الْقَيْسِيُّ أَبُو حَسَّانٍ الْبَصْرِيُّ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ [بخ م] .
[١٨] عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ الْبَجَلِيُّ الْكُوفِيُّ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ [م د ت س] .
[١٩] عَبْدُ اللهِ بْنُ شِهَابٍ الْخَوْلانِيُّ أبُو الْجَزْلِ الْكُوفِيُّ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ [م] .
[٢٠] عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْنٍ الْمَدَنِيُّ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ [م د] .
1 / 13
[٢١] عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرِ بْنِ مْسْعُودٍ أَبُو بِشْرٍ الْمَدَنِىُّ الأَزْرَقُ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ [م د س] .
[٢٢] عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ بْنِ نَوْفَلٍ الزُّهْرِيُّ أبُو الْمِسْوَرِ الْمَدَنِيُّ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ [م] .
[٢٣] عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مِهْرَانَ الْمَدَنِيُّ أبُو مُحَمَّدٍ مَوْلَى الأَزْدِ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ [م س] .
[٢٤] مُسْلِمُ بْنُ قَرَظَةَ الأَشْجَعِيُّ الشَّامِيُّ ابْنُ أَخِي عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ [م] .
[٢٥] مِصْدَعٌ أبُو يَحْيَى الأَعْرَجُ الْمُعَرْقَبِ مَوْلَى مُعَاذِ بْنِ عَفْرَاءَ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ [م د ت س ق] .
[٢٦] الْمُنْذِرُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيُّ الْكُوفِيُّ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ [م د س ق] .
[٢٧] وَهْبُ بْنُ رَبِيعَةَ الْكُوفِيُّ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ [م ت] .
[٢٨] يَعْقُوبُ بْنُ عَاصِمِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ الطَّائِفِيُّ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ [م د س] .
[٢٩] أبُو بَكْرِ بْنُ عُمَارَةَ بْنِ رُوَيْبَةَ الثَّقَفِيُّ الْكُوفِيُّ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ [م د س] .
[٣٠] أبُو سَعِيدٍ مَوْلَى الْمَهْرِيِّ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ [م د ت س] .
[٣١] أَبُو شُعْبَةَ الْكُوفِيُّ مَوْلَى سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ الْمُزَنِيِّ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ [بخ م س] .
[٣٢] أبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَمْعَةَ بْنِ الأَسْوَدِ الأَسَدِيُّ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ [م د س ق] .
[٣٣] أبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عُقْبَةَ بْنِ نَافِعٍ الْفِهْرِيُّ الْمِصْرِيُّ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ [م س] .
[٣٤] الْقَاسِمُ بْنُ عَاصِمٍ التَّمِيمِيُّ اللَّيْثِيُّ الْبَصْرِيُّ مَقْبُولٌ مِنَ الرَّابِعَةِ [خ م مد تم س] .
[٣٥] عَطَاءٌ أَبُو الْحَسَنِ السُّوَائِيُّ الْكُوفِيُّ مَقْبُولٌ مِنَ الرَّابِعَةِ [خ د س] .
[٣٦] أَبُو يَزِيدَ الْمَدَنِيُّ الْبَصْرِيُّ مَقْبُولٌ مِنَ الرَّابِعَةِ [خ س] .
[٣٧] سَالِمُ بْنُ أَبِى سَالِمٍ سُفْيَانَ بْنِ هَانِئ الْجَيْشَانِيُّ الْمِصْرِيُّ مَقْبُولٌ مِنَ الرَّابِعَةِ [م د س] .
[٣٨] صُهَيْبُ أَبُو الصَّهْبَاءِ الْبَكْرِيُّ الْبَصْرِيُّ مَقْبُولٌ مِنَ الرَّابِعَةِ [م د س] .
[٣٩] عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدٍ الْقَارِّيُّ ابْنُ أَخِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِّيِّ مَقْبُولٌ مِنَ الرَّابِعَةِ [م د] .
[٤٠] عَبْدُ اللهِ بْنُ وَاقِدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الْعَدَوِيُّ الْمَدَنِيُّ مَقْبُولٌ مِنَ الرَّابِعَةِ [م د س] .
1 / 14
وَمِنَ التَّتْمِيمِ لِهَذَا الإِيْضاحِ، مَعَ وُضُوحِ دِلالَتِهِ عَلَى خَطَأِ أَحْكَامِ أبِي الأَشْبَالِ عَلَى رُوَاةِ الْمَرْتَبَتَيْنِ الْخَامِسَةِ وَالسَّادِسَةِ: أَنْ نَجْتَزِئَ بِذِكْرِ صِحَاحَ أَحَادِيثِ سَبْعَةِ رُوَاةٍ مِنْ كُلِّ مَرْتَبَةٍ، لِتَكُونَ دَالَّةً عَلَى أَمْثَالِهَا وَنَظَائِرِهَا لِبَاقِي الرُّوَاةِ الْمُتَرْجَمِ لَهُمْ آنِفًَا، مَعَ الإِعْلامِ أَنَّنَا ذَكَرْنَا كُلَّ الأَحَادِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهَا لِثِقَاتِ الْمَقْبُولِينَ مِنَ الْمَرْتَبَةِ السَّادِسَةِ فِي «الْبَيَانُ الْمَأْمُولُ بِعِدَّةِ الثِّقَاتِ الَّذِينَ وَصَفَهُمُ ابْنُ حَجَرٍ بِقَوْلِهِ مَقْبُولُ» .
فَمِنَ الْمَرْتَبَةِ الْخامِسَةِ:
[١] مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ الْيَامِيُّ كُوفِيٌّ
صَدُوقٌ لَهُ أَوْهَامٌ، وَأَنْكَرُوا سَمَاعَهُ مِنْ أَبِيهِ لِصِغَرِهِ [خ م د ت عس ق]
وَهَذَا حُكْمٌ مُقَارِبٌ وَسَطٌ، لاخْتِلافِ أَقْوَالِ أَئِمَّةِ التَّعْدِيلِ وَالتَّجْرِيْحِ فِيهِ، فَقَدْ ضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَمَشَّاهُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ عَنْهُ، وَلَيَّنَهُ عَفَّانُ وَأَحْمَدُ، وَلَوْلا فَضْلَهُ وَمَكَانَتَهُ لَتَرَكَا حَدِيثَهُ، وَكَذَلِكَ لَيَّنَهُ النَّسَائِيُّ، وَحَكَم أَبُو زُرْعَةُ وَأَبُو حَاتِمٍ بِأَنَّهُ صَالِحٌ، وَوَثَّقَهُ الْعِجْلِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ، وَزَعَمَ ابْنُ سَعْدٍ أَنَّ: لَهُ أَحَادِيثٌ مُنْكَرَةٌ. وَلَمْ يُنْكِرِ الْجَمِيعُ فَضْلَهُ وَشَرَفَهُ، وَلَكِنْ أَنْكَرُوا سَمَاعَهُ مِنْ أَبِيهِ لِقِدَمِ وَفَاتِهِ، وَاعْتَمَدَهُ الشَّيْخَانِ وَصَحَّحَا أَحَادِيثًَا لَهُ صَالِحَةً، وَاتَّقَيَا حَدِيثَهُ عَنْ أَبِيهِ لِنَكَارَتِهِ، إلاَّ حَدِيثًَا وَاحِدًَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، سَيَأْتِي بَيَانُ وَجْهُ تَخْرِيْجِهِ إِيَّاهُ. وَلَخَّصَ الْحَافِظُ ذَلِكَ كُلَّهُ بِقَوْلٍ مُقَارِبٍ وَسَطٍ: صَدُوقٌ لَهُ أَوْهَامٌ.
وَقَدْ بَسَطَ أَقْوَالَهُمْ فِي «تَهْذِيبِهِ» (٢/١١٠/٢٠٩) بِقَوْلِهِ: «قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ أَبِيهِ: لا بَأْسَ بِهِ إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ لا يَكَادُ يَقُولُ فِي شَيءٍ مِنْ حَدِيثِهِ: حَدَّثَنَا. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: كَانَ يُقَالُ: ثَلاثَةٌ يُتَّقَى حَدِيثُهُمْ: مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، وَأَيُّوبُ بْنُ عُتْبَةَ، وَفُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: سَمِعْتُ هَذَا مِنْ أَبِي كَامِلٍ مُظَفَّرِ بْنِ مُدْرِكٍ، وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًَا. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: قَالَ أَبُو كَامِلٍ مُظَفَّرُ بْنُ مُدْرِكٍ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ: أَدْرَكْتُ أَبِي كَالْحُلْمِ، وَقَدْ رَوَى عَنْ أَبِيهِ أَحَادِيثَ صَالِحَةً. وَقَالَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ صَالِحٌ. وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَالِحٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَقَالَ: كَانَ يُخْطِئُ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَتْ لَهُ أَحَادِيثُ مُنْكَرَةٌ، قَالَ عَفَّانُ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ يَرْوِي عَنْ أَبِيهِ وَأَبُوهُ قَدِيْمُ الْمَوْتِ، وَكَانَ النَّاسُ كَأَنَّهُمْ يُكَذِّبُونَهُ، وَلَكِنْ مَنْ يَجْتَرِئُ أَنْ يَقُولَ لَهُ: أَنْتَ تَكْذِبُ، كَانَ مِنْ فَضْلِهِ وَكَانَ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ يُخْطِئُ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ قَالَ أَحْمَدُ: ثِقَةٌ. وَقَالَ الْعِجْلِيُّ: ثِقَةٌ إِلاَّ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ أَبِيهِ وَهُوَ صَغِيْرٌ. وَقَالَ بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ: كَانَ سَيِّدًَا كَرِيْمًَا» .
1 / 15
أَخْرَجَا لَهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ سَبْعَةَ أَحَادِيثَ، تَفَرَّدَ الْبُخَارِيُّ بِأَرْبَعَةٍ مِنْهَا، وَمُسْلِمٌ بِالثَّلاثَةِ الأُخْرَى
[١] قَالَ الْبُخَارِيُّ (كِتَابُ الْجُمُعَةِ /ح٩٧٦): حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ عَنْ زُبَيْدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ الْبَرَاءِ قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ يَوْمَ أَضْحًى إِلَى الْبَقِيعِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، وَقَالَ: «إِنَّ أَوَّلَ نُسُكِنَا فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نَبْدَأَ بِالصَّلاةِ، ثُمَّ نَرْجِعَ، فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ وَافَقَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ عَجَّلَهُ لأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنْ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ»، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِنِّي ذَبَحْتُ وَعِنْدِي جَذَعَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّةٍ؟، قَالَ: «اذْبَحْهَا، وَلا تَفِي عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ» .
[٢] قَالَ الْبُخَارِيُّ (كِتَابُ الْمغازي /ح٤٠٤٨): أَخْبَرَنَا حَسَّانُ بْنُ حَسَّانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ ﵁: أَنَّ عَمَّهُ غَابَ عَنْ بَدْرٍ، فَقَالَ: غِبْتُ عَنْ أَوَّلِ قِتَالِ النَّبِيِّ ﷺ، لَئِنْ أَشْهَدَنِي اللهُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ لَيَرَيَنَّ اللهُ مَا أُجِدُّ، فَلَقِيَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَهُزِمَ النَّاسُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلاءِ يَعْنِي الْمُسْلِمِينَ، وَأَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ، فَتَقَدَّمَ بِسَيْفِهِ، فَلَقِيَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ، فَقَالَ: أَيْنَ يَا سَعْدُ، إِنِّي أَجِدُ رِيحَ الْجَنَّةِ دُونَ أُحُدٍ، فَمَضَى، فَقُتِلَ، فَمَا عُرِفَ حَتَّى عَرَفَتْهُ أُخْتُهُ بِشَامَةٍ أَوْ بِبَنَانِهِ، وَبِهِ بِضْعٌ وَثَمَانُونَ مِنْ طَعْنَةٍ، وَضَرْبَةٍ، وَرَمْيَةٍ بِسَهْمٍ.
[٣] قَالَ الْبُخَارِيُّ (كِتَابُ الأَطْعِمَةِ /ح٥٤٤٨): حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ عَنْ زُبَيْدٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «إِنَّ مِنْ الشَّجَرِ شَجَرَةً تَكُونُ مِثْلَ الْمُسْلِمِ وَهِيَ النَّخْلَةُ» .
1 / 16
[٤] وَقَالَ مُسْلِمٌ (كِتَابُ الإِيْمَانِ /ح٦٤): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ الرَّيَّانِ وَعَوْنُ بْنُ سَلاَّمٍ قَالا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ (ح) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ثَنَا سُفْيَانُ (ح) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ثَنَا شُعْبَةُ كُلُّهُمْ عَنْ زُبَيْدٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» .
[٥] وَقَالَ مُسْلِمٌ (كِتَابُ الْمَسَاجِدِ /ح٦٢٨): حَدَّثَنَا عَوْنُ بْنُ سَلاَّمٍ الْكُوفِيُّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ الْيَامِيُّ عَنْ زُبَيْدٍ عَنْ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: حَبَسَ الْمُشْرِكُونَ رَسُولَ اللهِ ﷺ عَنْ صَلاةِ الْعَصْرِ حَتَّى احْمَرَّتِ الشَّمْسُ أَوِ اصْفَرَّتْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «شَغَلُونَا عَنِ الصَّلاةِ الْوُسْطَى صَلاةِ الْعَصْرِ، مَلأَ اللهُ أَجْوَافَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًَا»، أَوْ قَالَ: «حَشَا اللهُ أَجْوَافَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًَا» .
[٦] وَقَالَ مُسْلِمٌ (كِتَابُ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ /ح٢٥٤٨): حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ أَيُّ النَّاسِ أَحَقُّ مِنِّي بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ؟، قَالَ: «أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أَبُوكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ» .
[٧] وَقَالَ الْبُخَارِيُّ (كِتَابُ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ /ح٢٨٩٦): حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ عَنْ طَلْحَةَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: رَأَى سَعْدٌ ﵁ أَنَّ لَهُ فَضْلًا عَلَى مَنْ دُونَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلاَّ بِضُعَفَائِكُمْ» .
قُلْتُ: أَنْكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ عَلَى الْبُخَارِيِّ تَخْرِيْجَ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الصَّحِيحِ، وَقَالَ: هُوَ مُرْسَلٌ، يَعْنِي أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ.
1 / 17
[٢] حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَدَنِيُّ أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْحَارِثِيُّ مَوْلاهُمْ الْكَوفِي
صَحِيحُ الْكِتَابِ صَدُوقٌ يَهِمُ [خ م د ت س ق]
وَهَذَا مِنْ أَسَدِّ وَأَعْدَلِ وَأَنْصَفِ الأَقْوَالِ فِي حَقِّ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، إِذْ جَاءَ وَسَطًَا بَيْنَ قَوْلِ مَنْ وَثَّقَهُ بِإِطْلاقٍ كَابْنِ مَعِينٍ وَابْنِ سَعْدٍ وَالْعِجْلِيِّ وَابْنِ حِبَّانَ، وَقَوْلِ مَنْ صَدَّقَهُ وَصَحَّحَ كِتَابَهُ، مَعَ نِسْبَتِهِ إِلَى الْغَفْلَةِ وَالْخَطَأِ وَالْوَهْمِ كَأَحْمَدَ وَابْنِ الْمَدِينِيِّ وَالنَّسَائِيِّ. وَلَوْ جَهِدَ النُّقَّادُ أَنْ يَأْتُوا بِحُكْمٍ فِيهِ، لَمْ يَأْتُوا بِأَعْدَلَ وَلا أَبْيَنَ لِحَالِهِ مِنْهُ، فَللهِ دَرُّ الْحَافِظِ النَّاقِدِ.
وَيَتَّضِحُ ذَلِكَ مِنْ أَقْوَالِ أَئِمَّةِ التَّعْدِيلِ وَالتَّجْرِيْحِ فِيهِ، كَمَا بَسَطَهَا الْحَافِظُ فِي «تَهْذِيبِهِ» (٢/١١٠/٢٠٩) بِقَوْلِهِ: «قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدَّرَاوَرْدِيِّ، وَزَعَمُوا أَنَّ حَاتِمًَا كَانَ فِيهِ غَفْلَةٌ، إِلاَّ أَنَّ كِتَابَهُ صَالِحٌ. وَقَالَ أبُو حَاتِمٍ: هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ سَعِيدِ بْنِ سَالِمٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: كَانَ أَصْلُهُ مِنَ الْكُوفَةِ، وَلَكِنَّهُ انْتَقَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَنَزَلَهَا، وَمَاتَ بِهَا سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ وَمِئَةٍ، وَكَانَ ثِقَةً مَأْمُونًَا كَثِيْرَ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْعِجْلِيُّ: ثِقَةٌ. وَكَذَا قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: رَوَى عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ أَحَادِيثَ مَرَاسِيلَ أَسْنَدَهَا.
وَقَرَأْتُ بِخَطِّ الذَّهَبِيِّ فِي الْمِيزَانِ: قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ» .
1 / 18
قُلْتُ: وَقَدْ أَكْثَرَ الشَّيْخَانِ مِنْ تَخْرِيْجِ أَحَادِيثِهِ فِي صَحِيحِهِمَا، فَاتَّفَقَا عَلَى ثَمَانِيَةِ أَحَادِيثَ، وَتَفَرَّدَ الْبُخَارِيُّ بِسَبْعَةِ أَحَادِيثَ، وَتَفَرَّدَ مُسْلِمٌ بِسِتَّةٍ وَعِشْرِينَ حَدِيثًَا، فَجُمْلَةُ أَحَادِيثِهِ فِيهِمَا: وَاحِدٌ وَأَرْبَعُونَ حَدِيثًَا، وَبِالْمُكَرَّرِ: وَاحِدٌ وَسِتُّونَ حَدِيثًَا.
فَأَمَّا الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ:
[١] قَالَ الْبُخَارِيُّ (كِتَابُ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ /ح٢٩٧٥)، وَمُسْلِمٌ (كِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ /ح٢٤٠٧): حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ ﵁ قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ ﵁ تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي خَيْبَرَ، وَكَانَ بِهِ رَمَدٌ، فَقَالَ: أَنَا أَتَخَلَّفُ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَخَرَجَ عَلِيٌّ، فَلَحِقَ بِالنَّبِيِّ ﷺ، فَلَمَّا كَانَ مَسَاءُ اللَّيْلَةِ الَّتِي فَتَحَهَا فِي صَبَاحِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ أَوْ قَالَ لَيَأْخُذَنَّ غَدًا رَجُلٌ يُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ، أَوْ قَالَ: يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ، يَفْتَحُ اللهُ عَلَيْهِ، فَإِذَا نَحْنُ بِعَلِيٍّ، وَمَا نَرْجُوهُ، فَقَالُوا: هَذَا عَلِيٌّ، فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَفَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ.
[٢] قَالَ الْبُخَارِيُّ (كِتَابُ الْمَغَازِي /ح٤١٦٩)، وَمُسْلِمٌ (كِتَابُ الإِمَارَةِ /ح١٨٦٠): حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: قُلْتُ لِسَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ: عَلَى أَيِّ شَيْءٍ بَايَعْتُمْ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ؟، قَالَ: عَلَى الْمَوْتِ.
1 / 19
[٣] قَالَ الْبُخَارِيُّ (كِتَابُ الأَدَبِ /ح٦١٤٨): حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ إِلَى خَيْبَرَ فَسِرْنَا لَيْلًا، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ لِعَامِرِ بْنِ الأَكْوَعِ: أَلا تُسْمِعُنَا مِنْ هُنَيْهَاتِكَ، قَالَ: وَكَانَ عَامِرٌ رَجُلًا شَاعِرًَا، فَنَزَلَ يَحْدُو بِالْقَوْمِ، يَقُولُ:
اللَّهُمَّ لَوْلا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا ... وَلا تَصَدَّقْنَا وَلا صَلَّيْنَا
فَاغْفِرْ فِدَاءٌ لَكَ مَا اقْتَفَيْنَا ... وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاقَيْنَا
وَأَلْقِيَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا ... إِنَّا إِذَا صِيحَ بِنَا أَتَيْنَا
وَبِالصِّيَاحِ عَوَّلُوا عَلَيْنَا
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ هَذَا السَّائِقُ؟»، قَالُوا: عَامِرُ بْنُ الأَكْوَعِ، فَقَالَ: «يَرْحَمُهُ اللهُ»، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: وَجَبَتْ يَا نَبِيَّ اللهِ لَوْلا أَمْتَعْتَنَا بِهِ، قَالَ: فَأَتَيْنَا خَيْبَرَ، فَحَاصَرْنَاهُمْ حَتَّى أَصَابَتْنَا مَخْمَصَةٌ شَدِيدَةٌ، ثُمَّ إِنَّ اللهَ فَتَحَهَا عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا أَمْسَى النَّاسُ الْيَوْمَ الَّذِي فُتِحَتْ عَلَيْهِمْ، أَوْقَدُوا نِيرَانًَا كَثِيرَةً، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَا هَذِهِ النِّيرَانُ؛ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ تُوقِدُونَ؟»، قَالُوا: عَلَى لَحْمٍ، قَالَ: «عَلَى أَيِّ لَحْمٍ؟»، قَالُوا: عَلَى لَحْمِ حُمُرٍ إِنْسِيَّةٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَهْرِقُوهَا وَاكْسِرُوهَا»، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ أَوْ نُهَرِيقُهَا وَنَغْسِلُهَا، قَالَ: «أَوْ ذَاكَ»، فَلَمَّا تَصَافَّ الْقَوْمُ كَانَ سَيْفُ عَامِرٍ فِيهِ قِصَرٌ، فَتَنَاوَلَ بِهِ يَهُودِيًَّا لِيَضْرِبَهُ، وَيَرْجِعُ ذُبَابُ سَيْفِهِ، فَأَصَابَ رُكْبَةَ عَامِرٍ، فَمَاتَ مِنْهُ، فَلَمَّا قَفَلُوا، قَالَ سَلَمَةُ: رَآنِي رَسُولُ اللهِ ﷺ شَاحِبًَا، فَقَالَ لِي: «مَا لَكَ؟»، فَقُلْتُ فِدَىً لَكَ أَبِي وَأُمِّي، زَعَمُوا أَنَّ عَامِرًَا حَبِطَ عَمَلُهُ!، قَالَ: «مَنْ قَالَهُ؟»، قُلْتُ: قَالَهُ فُلانٌ وَفُلانٌ، وَفُلانٌ، وَأُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ الأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «كَذَبَ مَنْ قَالَهُ، إِنَّ لَهُ لأَجْرَيْنِ - وَجَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ - إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ، قَلَّ عَرَبِيٌّ نَشَأَ بِهَا مِثْلَهُ» .
وَقَالَ مُسْلِمٌ (كِتَابُ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ /ح١٨٠٢): حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ وَاللَّفْظُ لابْنِ عَبَّادٍ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ بِمِثْلِهِ، إِلاَّ أَنَّ ابْنَ عَبَّادٍ خَالَفَ قُتَيْبَةَ فِي حَرْفَيْنِ، قَالَ: مَشَى بِهَا مِثْلَهُ، وَأَلْقِ سَكِينَةً عَلَيْنَا.
1 / 20