Sharkh Bukhnir akan Madhabin Darwin
شرح بخنر على مذهب دارون
Nau'ikan
السميك جدا، والذي لزم لتكونه ملايين من السنين، والذي ليس للحياة فيه إلا آثار مشتبه فيها، قد اكتشفوا حديثا في أميركا كما مر في مقالتي السابقة في الكلام على «الأيوزون كنادنس» عدة طبقات بلورية سموها الطبقة اللورنسية، وهذه الصخور أسبق من أقدم الطبقات الأوروباوية التي تسرعوا في اعتبارها الأولى، وقد وجدوا فيها بقايا حيوان اسمه «الأيوزون كنادنس». قال السير شارل ليل في خطاب ألقاه في افتتاح مجمع الطبيعيين الإنكليز في باث سنة 1864 ما نصه:
إنه يحق لنا الظن بأن هذه الحجار الموجود فيها هذه الآثار الحيوانية، هي من عمر طبقات أوروبا المسماة عديمة الحيوان إن لم تكن أقدم منها؛ أي إنها تقدمت الطبقات التي كانوا يعتبرونها سابقة كل حياة.
12
فالحياة لم تبتدئ حيث توجد الآثار العضوية بكثرة فقط. ولا بد أن يكون قد مضى عليها آلاف من القرون قبل أن أمكنها ترك آثارها في قلب الحجار، فالمتكونات الحيوانية الأولى لا تقع إذن تحت المشاهدة، والحجارة التي اعتبروها حتى اليوم كأنها أول المتكونات الجيولوجية، والتي ليس فيها أثر أو فيها آثار مشبهة للحياة، لا بد أن مضى عليها زمان طويل حتى تكونت؛ نظرا لعظم سماكتها. فإذا لم نجد آثار الأحياء الأولى بكثرة؛ فلعدم حفظها لصغرها، ولقلة متانتها، ولنقص تكوينها من جهة، ولشدة تغير الحجار القديمة جدا في جوف الأرض من جهة أخرى. وكما تقدم يجب أن ننتظر العثور على حجار أقدم فأقدم يوما عن يوم، كما يدل على ذلك اكتشاف الطبقة اللورنسية الحديث.
وهكل يقول: إن الطبقات النبتونية أو السيلورية التي اعتبرت خطأ حتى اليوم أقدم الطبقات، والتي يوجد فيها آثار حيوانات نامية جدا ومتميزة كذلك، هي حديثة العهد بالنسبة إلى غيرها، ويظن أن الزمان الذي اقتضاه تكون الطبقات السابقة في الجيولوجيا العضوية أطول جدا منه في اللاحقة، كما يستدل من عظم سماكة النظامين الكمبري واللورنسي. وهذه الاعتبارات تضعف أيضا قيمة الاعتراض المأخوذ من وجود آثار الأربعة، أو الخمسة صفوف الحيوانية معا في أعمق طبقات الأرض؛ لأنه لما كنا لا نعرف - أو نعرف ولكن معرفة ناقصة - أقدم الطبقات حقيقة، ولا نعرف الأحياء التي تتضمنها، لم يكن يجوز لنا أن نستنتج من طبيعة ما نجده في الطبقات المتكونة حديثا بالنسبة إلى سواها أن التقدم غير حاصل، بل بالضد من ذلك ينبغي أن نسلم بأن الحياة موجودة منذ ملايين من السنين قبل تكون هذه الطبقات؛ أي منذ الزمان اللازم لبلوغ الحياة مبلغ الحيوان العالي في الارتقاء البطيء.
وفي هذا الاعتراض خطأ آخر أيضا، فإن الصفوف الأربعة أو الخمسة الكبرى لعالم الحيوان لم تنشأ بعضها من بعض، ولم ينشأ أدناها من عالم النبات كما يفهم منه، بل تكونت بعضها بجانب بعض كأغصان الشجرة. فالمشععة ليست أصلا للرخوة، ولا الرخوة أصلا للمفصلة، ولا المفصلة أصلا لذوات الفقر، ولا النبات أصلا للحيوان، بل كل من ذلك تكون بعضه بجانب بعض من عناصر واحدة. وربما ارتسمت صور الفروع الفقرية الأصلية منذ الأول، وبعد أن تكونت أخذ كل واحد منها ينمو على حدته، بدون أن يكون بينها صلة إلا ما كان في أول الأمر، وكلما خطت خطوة ابتعدت بعضها عن بعض كذلك.
13
على أن ذوات الفقر لم تكن موجودة في الأدوار القديمة جدا؛ لأن رسومها أو أشكالها الأولى غير موجودة في الطبقات السفلى المعتبرة أقدم المتكونات الأرضية، فالقول أن الفروع الكبرى لعالم الحيوان موجودة في الطبقات السيلورية خطأ. وليل الذي يعتمد عليه في هذه المادة يتفق مع باقي المؤلفين، وهو يقول ما نصه:
كان يظن قبل سنة 1838 أن أصل السمك الأحفوري لا يتجاوز طبقات الفحم الحجري، على أنه قد وجد في الطبقات الدفونية حتى في السيلورية أيضا في طبقاتها العليا، لا في طبقاتها السفلى، حيث لا يوجد له أثر، ولا في المنطقة «لبرند» الأولية الأقدم منها. ويستنتج من ذلك أن الأصل الفقري لم يكن موجودا، أو كان نادرا جدا في أقدم الطبقات المعروفة التي اعتبرت خطأ أنها أول الطبقات، مع أنها آخر سلسلة طويلة من الطبقات التي كانت مأهولة بالأحياء.
واعلم أن أقدم السمك المعروف هو من أدنى السمك؛ أي من السمك الغضروفي، ولا يظهر السمك العظمي الحقيقي إلا بعده بزمان طويل. ولئن كان السمك ذا مقام عال في الأصل الفقري، إلا أنه ابتداء بأصل ذي تكوين دنيء جدا بحيث كان يشتبه بالديدان، أو بنوع من الحلزون لا صدف له. مثال ذلك: الأمفيوكسوس والمكسين، فالأمفيوكسوس الرمحي أو السمك الرمحي لا يزال موجودا حتى اليوم في البحر الشمالي، ويظهر أن أصله من هذه الصور الأولى الدنيئة، وليس له جمجمة ولا دماغ ولا قلب ولا دم أحمر، وتكوينه التشريحي يضعه تحت أكمل أصول الحيوانات الرخوة والمفصلة، مع أنها من صف أدنى جدا من صفه؛ أي من صف ذوات الفقر.
Shafi da ba'a sani ba