وحينئذ يرد السؤال: متى يكون هذا الإستحباب لقول الذكر في الحالتين؟ والجواب: أنه في الحالة الأولى: يقوله قبل أن يدخل في الدورة، والمكان المعدِّ لقضاء الحاجة، فيكون عند إرادة الدخول، لأن الذكر لا يجوز في موضع قضاء الحاجة، فيقوله قبل الدخول لذلك، ومن هنا يكون قوله ﵀: [يستحبُّ لمنْ دخلَ الخلاءَ] المراد به أنه يستحب لمن أراد الدخول، أي قبل دخوله مباشرة.
وأما في الحالة الثانية: فإنه ليس هناك موضع مُحرَّمٌ عليه الذكر فيه، فقال بعض العلماء ﵏ يقوله: عند رفع ثوبه، وتهيوئِه لقضاء الحاجة، وقال بعضهم: إذا جلس قبل أن يخرج منه شيء، وكلا القولين له وجهه إلا أن الأول أقوى، لأنه يكون قبل حصول الكشف للعورة.
وقوله: [أعوذ بالله] أي ألتجئ، وأعتصم، وأحتمي بالله، وأصل العوذ: اللوذ، واللجوء، وقوله: [من الخبْث] بالإسكان، وهي رواية الأكثرين كما ذكر القاضي عياض ﵀، وفسّره بالشر، وأما بالضم: فهو جمع خبيث، فيحمل على ذكور الشياطين، ويكون قوله بعد ذلك: [والخبائثِ] المراد به على رواية الأكثرين الشياطين عمومًا، ذكرانهم، وإناثهم، وأما على رواية الضمِّ فيكون معنى الخبائث: إناث الشياطين كما ذكره الإمام الخطابي ﵀، فعلى الوجه الأول: يكون مستعيذًا بالله من الشر عمومًا، ومن الشياطين خصوصًا، وعلى الوجه الثاني: بالضمِّ يكون مستعيذًا من ذكور الشياطين، وإناثهم.