Sharh Zad al-Mustaqni - Al-Shanqiti - Tafreegh

Muhammad Ibn Muhammad Al-Mukhtar Al-Shinqiti d. Unknown
87

Sharh Zad al-Mustaqni - Al-Shanqiti - Tafreegh

شرح زاد المستقنع - الشنقيطي - التفريغ

Nau'ikan

أحكام جلد الميتة وما قطع منها حية قال المصنف ﵀: [ولا يطهر جلد ميتة بدباغ]. جلد الميتة للعلماء فيه قولان مشهوران، وأصح هذين القولين: أنه إذا دُبغ جلد الميتة فقد طهر؛ لما ثبت في الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال: (إذا دبغ الإهاب فقد طهر) ولما مر على الشاة الميتة قال: (هلا انتفعتم بإهابها؟ -يعني: بجلدها- قالت: يا رسول الله! إنها ميتة، قال: إنما حرُمَ أكلها) فإن هذا الحديث الصحيح يدل دلالة واضحة على أن جلد الميتة يطهر بالدباغ. وقال بعض العلماء وهي الرواية الثانية عن الإمام أحمد: أن جلد الميتة لا يطهر ولو بالدباغ، لحديث عبد الله بن عكيم عن أشياخ من جهينة أنهم أتاهم كتاب النبي ﷺ قبل وفاته بشهرين: (أن لا تنتفعوا من الميتتة بإهاب ولا عصب) وهذا الحديث مضطرب، حتى أن الإمام أحمد رحمة الله عليه -كما نقل الترمذي ذلك- رجع عن القول به في آخر حياته. فالصحيح: أن إهاب الميتة على ظاهر الحديث في الصحيحين إذا دُبغَ فقد طهر، فلو أن إنسانًا ماتت عنده شاة، فأخذَ جلد الشاة ودبغه فقد طهر، وجاز له أن يضع الماء فيه، وأن ينتفع به، فالمصنف تبنى القول الثاني المرجوح، والصحيح ما ذكرنا بقوله: يطهر بالدباغ. قال المصنف ﵀: [ويباح استعماله بعد الدبغ في يابس من حيوانٍ طاهر في الحياة]. هذا على القول بنجاسته، فإذا كان جلد الميتة نجسًا فإنه في هذه الحالة تنتفع به في اليابسات دون المائعات؛ لأن المائعات لو وضعت في جلد الميتة تتنجس، فبين ﵀: أن جلد الميتة لا ينتفع به وأنه يأخذ حكم الميتة، والصحيح -كما قلنا- أنه طاهرٌ إذا دبغ. قال المصنف ﵀: [ولبنها وكل أجزائها نجسة]. وهذا بلا إشكال؛ لأن الله ﷿ حرم الميتة، ولم يفرق بين لبنها ولا بين غيره. قال المصنف ﵀: [غير شعرٍ ونحوه]. شعر الميتة للعلماء فيه وجهان مشهوران: فجماهير العلماء على أن شعر الميتة مما لا تحله الحياة، بمعنى: أنه يجوز لك أن تنتفع بشعر الميتة؛ لأنه في حياتها يجز منها ولا يحكم بنجاسته بالإجماع، كما قال تعالى: ﴿وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا﴾ [النحل:٨٠] فدّل دليل القرآن على طهارة الصوف والوبر، وما يستخلص من شعور بهيمة الأنعام، ومعلوم أن شعور بهيمة الأنعام تؤخذ منها بالحلاقة في حال حياتها، وقد قال ﷺ: (ما أبين من حيٍ فهو ميت) فلو كانت الشعور تحلها الحياة لحكم بنجاسة الشعر وعدم جواز الانتفاع به، فدل هذا الدليل على أن شعر الميتة يجوز الانتفاع به ولو بعد موت الميتة؛ لأنه منفصل عنها وليست بمتصلٍ بها. قال المصنف ﵀: [وما أبين من حي فهو كميتته]. فإن كانت ميتته طاهرة فطاهر كالسمك، فلو أن إنسانًا قطع ذنب سمكةٍ وهي حية وفرت، فهل يجوز له أن يأكل هذا الذنب؟ الجواب نعم؛ لأن ميتة السمك نفسها يجوز أكلها: (هو الطهور ماؤه الحل ميتته) فيجوز له أن ينتفع بجزء السمك؛ لكن لو أن إنسانًا قطع رجل شاةٍ وهي حية. فحكمها كميتة الشاة، وميتة الشاة نجسة ومحرمة الأكل؛ كذلك رجلها إذا قطعت في حال حياتها فإنه يحكم بنجاستها.

6 / 7