ثُمَّ مَنِ اقْتَدَى بِهِمْ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْمُهْتَدِينَ، وَاقْتَفَى آثَارَهُمْ مِنَ الْمُتَّبِعِينَ، وَاجْتَهَدَ فِي سُلُوكِ سَبِيلِ الْمُتَّقِينَ، وَكَانَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ.
[نَجَاةُ الْمُتَّبِعِينَ وَهَلَاكُ الْمُعْرِضِينَ]
فَمَنْ أَخَذَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمَحَجَّةِ، وَدَاوَمَ بِهَذِهِ الْحُجَجِ عَلَى مِنْهَاجِ الشَّرِيعَةِ؛ أَمِنَ فِي دِينِهِ التَّبِعَةَ فِي الْعَاجِلَةِ وَالْآجِلَةِ، وَتَمَسَّكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى الَّتِي لَا انْفِصَامَ لَهَا، وَاتَّقَى بِالْجُنَّةِ الَّتِي يُتَّقَى بِمِثْلِهَا؛ لِيَتَحَصَّنَ بِجِملتِهَا، وَيَسْتَعْجِلَ بَرَكَتَهَا، وَيَحْمَدَ عَاقِبَتَهَا فِي الْمَعَادِ وَالْمَآبِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْهَا وَابْتَغَى الْحَقَّ فِي غَيْرِهَا مِمَّا يَهْوَاهُ، أَوْ يَرُومُ سِوَاهَا مِمَّا تَعَدَّاهُ؛ أَخْطَأَ فِي اخْتِيَارِ بُغْيَتِهِ وَأَغْوَاهُ، وَسَلَكَهُ سَبِيلَ الضَّلَالَةِ، وَأَرَدْاهُ فِي مَهَاوِي الْهَلَكَةِ فِيمَا يَعْتَرِضُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ بِضَرْبِ الْأَمْثَالِ وَدَفْعِهِمَا بِأَنْوَاعِ الْمِحَالِ وَالْحَيْدَةِ عَنْهُمَا بِالْقِيلِ وَالْقَالِ، مِمَّا لَمْ يُنَزِّلِ اللَّهُ بِهِ مِنْ سُلْطَانٍ، وَلَا عَرَفَهُ أَهْلُ التَّأْوِيلِ وَاللِّسَانِ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ عَاقِلٍ بِمَا يَقْتَضِيهِ مِنْ بُرْهَانٍ، وَلَا انْشَرَحَ لَهُ صَدْرُ مُوَحِّدٍ عَنْ فِكْرٍ أَوْ عِيَانٍ، فَقَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِ الشَّيْطَانُ، وَأَحَاطَ بِهِ الْخِذْلَانُ، وَأَغْوَاهُ بِعِصْيَانِ
1 / 8