(سَبَبُ التَّأْلِيفِ)
وَقَدْ كَانَ تَكَرَّرَتْ مَسْأَلَةُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِيَّايَ عَوْدًا وَبَدْءًا فِي (شَرْحِ اعْتِقَادِ مَذَاهِبِ أَهْلِ الْحَدِيثِ) قَدَّسَ اللَّهُ أَرْوَاحَهُمْ، وَجَعَلَ ذِكْرَنَا لَهُمْ رَحْمَةً وَمَغْفِرَةً، فَأَجَبْتُهُمْ إِلَى مَسْأَلَتِهِمْ لِمَا رَأَيْتُ فِيهِ مِنَ الْفَايِدَةِ الْحَاصِلَةِ، وَالْمَنْفَعَةِ السُّنِّيَّةِ التَّامَّةِ، وَخَاصَّةً فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ الَّتِي تَنَاسَى عُلَمَاؤُهَا رُسُومَ (مَذَاهِبِ أَهْلِ السُّنَّةِ)، وَاشْتَغَلُوا عَنْهَا بِمَا أَحْدَثُوا مِنَ الْعُلُومِ الْحَدِيثَةِ، حَتَّى ضَاعَتِ الْأُصُولُ الْقَدِيمَةُ الَّتِي أُسِّسَتْ عَلَيْهَا الشَّرِيعَةُ، وَكَانَ عُلَمَاءُ السَّلَفِ إِلَيْهَا يَدْعُونَ، وَإَلَى طَرِيقِهَا يَهْدُونَ، وَعَلَيْهَا يُعَوِّلُونَ، فَجَدَّدْتُ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ لِتُعْرَفَ مَعَانِيهَا وَحُجَجُهَا، وَلَا يُقْتَصَرَ عَلَى سَمَاعِ اسْمِهَا دُونَ رَسْمِهَا. (مَنْهَجُ الْمُؤَلِّفِ وَشَرْطُهُ)
فَابْتَدَأْتُ بِشَرْحِ هَذَا الْكِتَابِ بَعْدَ أَنْ تَصَفَّحْتُ عَامَّةَ كُتُبِ الْأَئِمَّةِ الْمَاضِينَ ﵃ أَجْمَعِينَ - وَعَرَفْتُ مَذَاهِبَهُمْ وَمَا سَلَكُوا مِنَ الطُّرُقِ فِي تَصَانِيفِهِمْ لِيُعَرِّفُوا بِهِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَا نَقَلُوا مِنَ الْحُجَجِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الَّتِي حَدَثَ الْخِلَافُ فِيهَا بَيْنَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَبَيْنَ مَنِ انْتَسَبَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ، فَفَصَّلْتُ هَذِهِ الْمَسَائِلَ، وَبَيَّنْتُ فِي تَرَاجِمِهَا أَنَّ تِلْكَ الْمَسْأَلَةَ مَتَى حَدَثَ فِي الْإِسْلَامِ الِاخْتِلَافُ فِيهَا، وَمَنِ الَّذِي أَحْدَثَهَا
1 / 28