Sharh Usool I'tiqad Ahl al-Sunnah by Muhammad Hassan Abdul Ghaffar
شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي - محمد حسن عبد الغفار
Nau'ikan
أفضل الأمة بعد نبيها الصحابة
الصحابة الكرام هم أفضل الأمة على الإطلاق، بل هم خير البشرية بعد النبيين والمرسلين على الإطلاق، بنص كلام الله جل وعلا وبنص كلام الرسول ﷺ، فقد أنزل الله عدالتهم في كتابه، وبين النبي ﷺ توثيقهم في نص حديثه، فهم الذين نصروا الله فنصرهم، وأعزوا الدين فأعزهم الله جل وعلا، ورفعوا راية لا إله إلا الله فرفعهم الله على الناس أجمعين، وحسبهم أنهم جابوا الأرض شرقًا وغربًا رفعًا لراية لا إله إلا الله.
وقد بين الله عِظَمَ قدر الصحابة في كتابه بقوله جل وعلا: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الفتح:٢٩].
وقال الله عنهم أيضًا: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الحشر:٨ - ٩].
فبين الله جل وعلا أن هؤلاء هم أفضل البشر، وأنهم يستحقون كلمة لا إله إلا الله، وهذا تعديل ليس بعده تعديل، ولذلك قال كل المحدثين على الإطلاق: الصحابة عدول، فأي حديث جاء عن صحابي ولم يرفعه للنبي ﷺ فهو حديث صحيح لأنه مرسل، ومراسيل الصحابة مراسيل صحيحة؛ لأن كل الصحابة عدول بنص كلام الله تعالى حيث قال: ﴿وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى﴾ [الفتح:٢٦]، أي كلمة لا إله إلا الله، ثم قال: ﴿وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا﴾ [الفتح:٢٦]، وقد بين النبي ﷺ أن هؤلاء هم خيرة البشر على الإطلاق، ولذلك كان محتم علينا أن نحترمهم، وأن نعرف قدرهم وأن نجلهم، قال النبي ﷺ: (أصحابي! الله الله في أصحابي! من أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن أبغضني أبغضه الله، ومن أبغض الله فقد آذى الله، ومن آذى الله أوشك أن يأخذه الله) أي: أن علامة حب المسلم لرسول الله ﷺ حبه لأصحاب رسول الله، وعلامة بغضه لرسول الله ﷺ بغض الصحابة الكرام ولو ادعى وزعم أنه يحب رسول الله، فليسمع من لعنات الله جل وعلا تنزل عليهم تترى، ممن يسب أصحاب رسول الله ﷺ ليل نهار.
جاء في الصحيحين أن مشاجرة حدثت بين خالد بن الوليد وهو متأخر الإسلام وبين عبد الرحمن بن عوف ﵁ وأرضاه وهو من المتقدمين في الإسلام، فسب خالد عبد الرحمن بن عوف، ولأن النبي ﷺ ينزل الناس منازلهم ويعلم أن أصحاب رسول الله ﷺ حتى وهم خيار الأمة إلا أن درجاتهم في الفضل متفاوتة، فقد قال النبي ﷺ زاجرًا لـ خالد بن الوليد: (لا تسبوا أصحابي، والذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبًا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه)، ومع إن خالدًا صحابي ولكنه لا يستوي في الفضل مع عبد الرحمن بن عوف ﵁ وأرضاه فكان قول النبي صلى الله عليه سلم هذا تعظيمًا لقدر أصحابه.
وقد صح عن النبي ﷺ أيضًا أنه قال: (النجوم أمنة السماء، فإذا ذهبت النجوم ذهبت الدنيا وذهبت السماء، وأنا أمنة لأصحابي فإذا قبضت -يعني: ذهب الرسول ﷺ أتى أصحابي ما يوعدون وأصحابي أمنة لأمتي، فإذا قبض أصحابي أتى الأمة ما توعد).
وهذا مصداق لحديث أنس ﵁ وأرضاه حيث قال: (ما يأتي زمان إلا والذي بعده أشر منه)، وما زلنا نتنزل في الشر، فكان كل زمان يذهب ببعض الخير ويبقى الشر، إلا أن النبي ﷺ ساق بشرى لطائفة من متأخري هذه الأمة فقال: (أمتي كالمطر لا يدرى الخير في أولها أم في آخرها)، ومما سبق تبين أن أفضل الأمة بعد النبي ﷺ هم الصحابة الكرام.
1 / 3