122

Sharh Usool I'tiqad Ahl al-Sunnah by Muhammad Hassan Abdul Ghaffar

شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي - محمد حسن عبد الغفار

Nau'ikan

إرادة الله
الله مريد، فالله يريد، وكل حي يريد، وكل قادر يريد، وإرادة الله إرادتان: إرادة كونية وإرادة شرعية، والإرادة الكونية: ضابطها أنها فيما يحب الله وما لا يحب، وتقع حتمًا ولا بد أن تنزل وتقضى، أما الإرادة الشرعية: فهي خاصة فيما يحبه الله، وكل شيء أراده الله بإرادة شرعية فهو يبيحه شرعًا، وهذه الإرادة قد تقع وقد لا تقع، مثال ذلك: قول الله تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة:١٨٥] هذه إرادة شرعية، فالله يريد اليسر وبعض الناس يعسر على نفسه ولا يأخذ بالرخص، فبدل أن يتوضأ واحدة يتوضأ ثلاثًا، وبدل أن يتيمم يغتسل ويموت! ولا يأخذ بالرخص، فمنهم من يفعل ذلك ومنهم من لا يفعل، فهذه إرادة شرعية قد يقع وقد لا تقع، قال الله تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ﴾ [البقرة:٢٥٣] هذه إرادة كونية، فالقتل قد وقع في الزمان الماضي والله ﷿ لا يحب القتل بين العباد، لكنه قدره لحكمة أعلى من هذا القصد.
قال الله تعالى: ﴿فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ﴾ [الأنعام:١٢٥] هذه إرادة كونية فقوله: «فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ» فيه شيء يحبه الله، وهذه إرادة كونية، والله جل وعلا إذا شرح صدر عبد لا مرد له، ﴿إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [القصص:٥٦]، وإذا أضل الله عبدًا لن تجد له هاديًا.

11 / 10