191

Sharh Umdat al-Ahkam by Ibn Jibreen

شرح عمدة الأحكام لابن جبرين

Nau'ikan

أهمية سنة الفجر أهم هذه الصلوات التي تُسمى الرواتب سنة الفجر، وقد كان النبي ﷺ يحافظ عليها ويتعهدها في سفره وفي حضره، كما في حديث عائشة أنه ﷺ لم يكن على شيء من النوافل أشد تعاهدًا منه على سنة الفجر أو على ركعتي الفجر، يعني: أنه يُحافظ عليها أشد المحافظة. وقد روي عنه ﵇ أنه قال: (صلوهما ولو طردتكم الخيل) يعني: ولو كنتم في حال المسايفة فلا تفوتوا هاتين الركعتين اللتين هما سنة الفجر، ولعل سبب المحافظة عليها أن صلاة الفجر إنما هي ركعتان، فلما كان عددها قليلًا تأكد أن يضاف إليها ركعتان قبلها كسنة، ويكون ذلك جبرًا لنقصها، هكذا قالوا. وقيل: لأنها بعيدة عن الصلوات، فقبلها نحو تسع ساعات لا صلاة فيها، وبعدها ثمان أو سبع ساعات لا صلاة فيها، يعني: ما بينها وبين الظهر، وما بينها وبين العشاء، فكان من المؤكد أن يصلى معها نافلة، ليكون عمل في هذا الوقت صلاة تطوع وصلاة فرض. ومن فضلها هذا الحديث الذي يقول فيه: (ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها)، أي: ثوابها خير من أن تحصل لك الدنيا بحذافيرها، ومعلوم أن الدنيا وما فيها متاع قليل، يذهب عن الإنسان ويبقى عليه حسابه، وأما عمل الآخرة فإنه يثاب عليه، فذرة من ذرات الآخرة من حسناته خير من متاع الدنيا بأكمله. وبكل حال فإنه ﵊ حافظ عليها في سفره ولم يتركها، فضلًا عن الحضر، فدل ذلك على تأكدها. وهاتان الركعتان لهما أحكام كثيرة، وقد أفردها بعض المؤلفين في كتاب مستقل، مما يدل على كثرة الأحكام التي تتعلق بها؛ في كيفيتها، وفي تخفيفها، والحكمة في ذلك، وفي قضائها متى تقضى إذا فاتت، وما أشبه ذلك مما هو معروف مشهور.

9 / 12