142

ب «العدم»، وهو العدم السابق على وجود جميع ما سوى الله. ويمكن أن يكون العدم على معناه المعروف، إذ الموجودات كلها مسبوقة بالعدم الصريح، بل طبيعة هذا الوجود المنضم إليها، مما يلزمها سبق العدم المقابل لها، إذ لا شك أن أفرادها مسبوقة بذلك العدم، لما تقرر من حدوث ما سوى الله وكون وجود الباري خارجا عن سنخ هذا الوجود، فتكون الطبيعة حادثة إذ لا معنى لحدوث الفرد الا حدوث الطبيعة متعينة في هذا الفرد.

وأيضا، إن هذا الوجود على ما هو الحق عندنا إنما هو أمر انضمامى وصفة للماهية متأخرة عنها فتكون مسبوقة بالعدم الصرف؛ فتفطن.

والابتداء أزله

هذا استدلال لقوله: «ولا تحده الصفات» وذلك، لأن الصفات إنما ابتداؤها من موصوفها- إذ لا صفة بلا موصوف- والموصوف من حيث هو هو متقدم على الصفة وعلى الموصوفية بتلك الصفة. والأزل هو اللامسبوقية بالغير والتقدم على كل شيء حتى على القبلية نفسها، فلا مسبوقيته عز شانه متقدم على الابتداء والمبتدئات والقبل والقبليات، إذ القبل إنما يصير به جل جلاله قبلا والابتداء ابتداء كما الأشياء كلها به صارت أشياء؛ فسبحان من هو قبل القبل بلا قبل وتبارك الله رب العالمين.

[وجه انه لا مشعر له تعالى]

بتشعيره المشاعر عرف ان لا مشعر له

هذا وما بعدها من الفقرات إنما يبتني على قاعدة شريفة وأصل أصيل.

أما القاعدة، فهي ان الفاعل المستغني بذاته عن كل شيء، لا يوصف بالشيء المعلول له، إذ الوصف يدل على الكمال والوجود كما في الخبر: «فيستكمل هو

Shafi 157