130

[وجه ظهوره تعالى وتجليه]

ظاهر لا بتأويل المباشرة

ظهور الأشياء: إما بالمباشرة الحسية كما في الجسمانيات، أو بالمباشرة المعنوية كما في اتصال العلل الممكنة إلى معلولاتها فانها متصلة من حيث اشتراكها في الأجناس البعيدة أو الأعراض المشتركة، ومن حيث أن أفق كل عالم فانما يتصل وينتهي إلى عالم فوقه إلى أن ينتهي إلى الأفق [1] المبين الذي في العالم الأعلى العقلي؛ وأما الباري سبحانه فلما كان مباينا من جميع الجهات لكل ما سواه، وليس بخارج ولا داخل في العالم فهو ظاهر لا بمباشرة حسية أو اتصال معنوي. وإنما ظهوره بأن لا ظاهر غيره وكل شيء فهو ظاهر به سبحانه. قال بعض أهل المعرفة [2] :

اعلم أن الله ظاهر ما غاب قط والعالم غيب ما ظهر قط! والناس على عكس ذلك حيث يزعمون ان الله غيب والعالم ظاهر.

متجلي لا باستهلال رؤية

في النهاية: أهل واستهل: إذا أبصر. ولعل هاهنا وقع التجريد في الكلمة عن بعض أجزاء المعنى. والله سبحانه متجل على خلقه بإشراق نوره كل ما في ظلمات الإمكان، وإضاءة كل ما في السماوات والأرض من الملائكة والإنس والجان، لا بأن يرى رؤية عيان، أو ينتهي البصر إليه في مكان، وفي الخبر: «ان الله تجلى لعباده من غير أن رأوه» [3] .

Shafi 145