Sharhin Talwih
شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول الفقه
Nau'ikan
قوله: "لكن لا يسقط الاحتجاج به؛ لأن المخصص يشبه الناسخ بصيغته"؛ لأنه كلام مبتدأ مفهوم بنفسه مفيد للحكم، وإن لم يتقدمه العام، ويشبه الاستثناء بحكمه؛ لأن حكمه بيان إثبات الحكم فيما وراء المخصوص، وعدم دخول المخصوص تحت حكم العام لا رفع الحكم عن محل المخصوص بعد ثبوته، فهو مستقل من وجه دون وجه. والأصل فيما يتردد بين الشبهين أن يعتبر بهما ويوفي حظا من كل منهما ولا يبطل أحدهما بالكلية، فالمخصص إن كان مجهولا أي: متناولا لما هو مجهول عند السامع فمن جهة استقلاله يسقط هو بنفسه، ولا تتعدى جهالته إلى العام كالناسخ المجهول، ومن جهة عدم استقلاله يوجب جهالة العام، وسقوط الاحتجاج به لتعدي جهالته إليه كما في الاستثناء المجهول، فوقع الشك في سقوط العام، وقد كان ثابتا بيقين فلا يزول بالشك، بل يتمكن فيه شبهة جهالة تورث زوال اليقين فيوجب العمل دون العلم، وإن كان معلوما فمن جهة استقلاله يصح تعليله كما هو الأصل في النصوص المستقلة فيوجب جهالة فيما بقي تحت العام، إذ لا يدرى أنه كم خرج بالقياس فينبغي أن تسقط العام، ومن جهة عدم استقلاله لا يصح تعليله على ما هو مذهب الجبائي كما لا يصح تعليل الاستثناء؛ لأنه ليس نصا مستقلا، بل بمنزلة وصف قائم بصدر الكلام دال على عدم دخول المستثنى في حكم المستثنى منه، والعدم لا يعلل فيكون ما وراء المخصوص معلوما فيجب أن يبقى العام بحاله، فوقع الشك في عدم حجية العام فلا نبطل حجيته الثابتة بيقين، بل يتمكن فيه ضرب شبهة لكونه ثابتا من وجه دون وجه فيوجب العمل دون العلم فالحاصل أن المخصص قلنا، فإن كان مجهولا يسقط في نفسه للشبه الأول، ويوجب جهالة في العام للشبه الثاني فيدخل الشك في سقوط العام فلا يسقط به وإن كان معلوما فللشبه الأول يصح تعليله كما هو عندنا فيوجب جهالة فيما بقي تحت العام، وللشبه الثاني لا يصح تعليله كما هو عند البعض فدخل الشك في سقوط العام فلا يسقط به على أن احتمال التعليل لا
بيعا بالحصة لكن في حالة البقاء، وأنه غير مفسد؛ لأن الجهالة الطارئة لا تفسد. "ونظير التخصيص ما إذا باع عبدين بألف على أنه بالخيار في أحدهما صح إن علم محل الخيار وثمنه؛ لأن المبيع بالخيار يدخل في الإيجاب لا في الحكم فصار في السبب كالنسخ، وفي الحكم كالاستثناء فإذا جهل أحدهما لا يصح لشبه الاستثناء، وإذا علم كل واحد منهما يصح لشبه النسخ ولم يعتبر هنا شبه الاستثناء حتى يفسد بالشرط الفاسد بخلاف الحر والعبد إذا بين حصة كل واحد منهما عند أبي حنيفة" رحمه الله تعالى وبيان مناسبتها التخصيص أن التخصيص يشابه النسخ بصيغته، والاستثناء بحكمه، وهنا العبد الذي فيه الخيار داخل في الإيجاب لا الحكم على ما عرف فمن حيث إنه داخل في الإيجاب يكون رده بخيار الشرط تبديلا فيكون كالنسخ ومن حيث إنه غير داخل في الحكم يكون رده بخيار الشرط بيان أنه لم يدخل فيكون كالاستثناء وإذا كان له شبهان يكون كالتخصيص الذي له شبه بالنسخ وشبه بالاستثناء فلرعاية الشبهين قلنا إن علم محل الخيار وثمنه يصح البيع، وإلا فلا، وهذه المسألة على أربعة أوجه: أحدها: أن يكون محل الخيار وثمنه معلومين كما
...................................................................... ..........................
المجهول باعتبار الصيغة لا يبطل العام باعتبار الحكم يبطله، والمعلوم بالعكس فيقع الشك في بطلانه والشك لا يرفع أصل اليقين، بل وصفه.
قوله: "لا يريد بقوله" لما كان معنى سقوط المخصص المجهول للشبه الأول أنه لشبهه بالناسخ فسقط كما سقط الناسخ المجهول، ومعنى إيجابه جهالة العام للشبه الثاني أنه لشبهة بالاستثناء يوجب ذلك كما يوجبه الاستثناء، ومعنى عدم صحة تعليل المخصص المعلوم للشبه الثاني أنه لشبهه بالاستثناء لا يصح تعليله كما لا يصح تعليل الاستثناء كان السابق إلى الوهم من قوله فللشبه الأول يصح تعليله أنه لشبهه بالناسخ يصح تعليله كما يصح تعليل الناسخ فدفع ذلك الوهم بأن الناسخ لا يصح تعليله لما يلزم من نسخ النص بالقياس على ما سيأتي. فإن قيل فيجب أن يصح تعليل المخصص أصلا؛ لأن كلا شبهيه يقتضيان عدم التعليل قلنا شبهه بالناسخ وهو الاستقلال يقتضي صحة التعليل إلا أنه لم يصح في الناسخ لمانع وهو صيرورة القياس معارضا للنص، ولا مانع في المخصص فيصح تعليله لشبهه بالناسخ أي: لاستقلاله.
Shafi 83