Sharhin Talwih
شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول الفقه
Nau'ikan
قوله: "وهما" أي: العلم واسم الجنس إما مشتقان كحاتم ومقتل ولا يصح التمثيل بنحو ضارب؛ لأنه جعل الصفة قسيما لاسم الجنس أو لا كزيد ورجل، والاشتقاق يفسر تارة باعتبار العلم فيقال هو أن تجد بين اللفظين تناسبا في أصل المعنى، والتركيب فترد أحدهما للآخر فالمردود مشتق، والمردود إليه مشتق منه، وتارة باعتبار العمل فيقال هو أن تأخذ من اللفظ ما يناسبه في حروفه الأصول وترتيبها فتجعله دالا على معنى يناسب معناه فالمأخوذ مشتق والمأخوذ منه مشتق فمعهود أو منكرا فنكرة فهي ما وضع لشيء لا بعينه عند الإطلاق للسامع والمعرفة ما وضع لمعين عند الإطلاق له" أي: للسامع، وإنما قلت عند الإطلاق إذ لا فرق بين المعرفة والنكرة في التعيين وعدم التعيين عند الوضع، وإنما قلت للسامع؛ لأنه إذا قال جاءني رجل يمكن أن يكون الرجل متعينا للمتكلم فعلم من هذا التقسيم حد كل واحد من الأقسام وعلم أن المطلق من أقسام الخاص؛ لأن المطلق وضع للواحد النوعي. واعلم أنه يجب في كل قسم من هذه الأقسام أن يعتبر من حيث هو كذلك حتى لا يتوهم التنافي بين كل قسم وقسم، فإن بعض الأقسام قد يجتمع مع بعض وبعضها لا، مثل قولنا جرت العيون
...................................................................... ..........................
منه، ولا يخفى أن العلم لا يكون مشتقا باعتبار المعنى العلمي، بل باعتبار المعنى الأصلي المنقول عنه فالمشتق حقيقة هو اسم الجنس لا غير.
قوله: "إن أريد منه المسمى بلا قيد فمطلق" مشعر بأن المراد في المطلق نفس المسمى دون الفرد، وليس كذلك للقطع بأن المراد بقوله تعالى: {فتحرير رقبة مؤمنة} [النساء:92] تحرير فرد من أفراد هذا المفهوم غير مقيد بشيء من العوارض.
قوله: "فهي ما وضع" لما كان الخارج من التقسيم بعض أنواع النكرة وهو ما استعمل في الفرد دون نفس المسمى وفي مقابلته بعض أقسام المعرفة وهو المعهود الذهني أورد تعريفي المعرفة، والنكرة على ما يشتمل الأقسام كلها.
قوله: "عند الإطلاق للسامع" قيدان للتعين وعدمه والأحسن في تعريفهما ما قيل: إن المعرفة ما وضع ليستعمل في شيء بعينه والنكرة ما وضع ليستعمل في شيء لا بعينه، فالمعتبر في التعين وعدمه أن يكون ذلك بحسب دلالة اللفظ، ولا عبرة بحالة الإطلاق دون الوضع ولا بما عند السامع دون المتكلم على ما ذهب إليه المصنف رحمه الله تعالى؛ لأنه إذا قال جاءني رجل يمكن أن يكون الرجل معينا للسامع أيضا إلا أنه ليس بحسب دلالة اللفظ.
قوله: "واعلم أنه يجب إلخ" يريد أن تمايز الأقسام المذكورة ليس بحسب الذات، بل بحسب الحيثيات والاعتبارات والحيثيتان قد لا تتنافيان كالوضع الكثير للمعنى الكثير ووضع واحد لأفراد معنى واحد كما في لفظ العيون فإنه عام من حيث إنه وضع وضعا واحدا لأفراد العين الجارية، ومشترك من حيث إنه وضع وضعا كثيرا للعين الجارية، والعين الباصرة والشمس والذهب وغير ذلك، وقد تتنافيان كالوضع لكثير غير محصور والوضع لواحد أو لكثير محصور فاللفظ الواحد لا يكون عاما وخاصا باعتبار الحيثيتين؛ لأن الحيثيتين متنافيتان لا تجتمعان في لفظ واحد، وما ذكر من أن النكرة الموصوفة خاصة من وجه عامة من وجه فسيجيء جوابه، هذا غاية ما تكلفت لتقرير هذا التقسيم وتبين أقسامه، والكلام يعد موضع نظر
Shafi 59