Sharhin Talwih
شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول الفقه
Nau'ikan
فإن قلت: الزيادة، والنقصان قد ثبتا بعارض شرف الوقت فيسقطان لفواته لانعدام الأثر بانعدام المؤثر فلا حاجة إلى ما ذكرتم من التطويل قلت السبب قد يكون سببا لحدوث المسبب دون بقائه فلا ينعدم بانعدامه كالصلاة وجبت بالوقت، وبقي الوجوب بعد انقضائه فلا بد في بيان المطلوب المقصود، وهذا البحث من مشكلات مباحث أصول فخر الإسلام رحمه الله تعالى، وقد فسر في بعض الحواشي الوجهان بغير ما فسرت لكن لا يخفى على ذوي الكياسة الممارسين للعلوم أن الدليل الذي استدل به على الأحوطية يدل على أن المراد ما ذكرت لا ما توهموه، والحمد لله ملهم الصواب.
...................................................................... ..........................
مما ذكروا فيه إشارة إلى الجواب عما يقال: إن سقوط شيء لا يصلح دليلا على وجوب صوم مقصود فيكون وجوبه ثابتا بلا دليل، وذلك؛ لأن النذر بالاعتكاف موجب لصوم مقصود إلا أن عارض شرف الوقت كان مانعا عن ثبوت الحكم فبعد انعدامه ثبت الحكم لوجود سببه مع عدم المانع، وقوله: "لأن يحتمل"؛ بفتح اللام على أنها اللام الداخلة على الجملة الاسمية التي مبتدؤها أن يحتمل، وخبرها أولى، وضمير يحتمل عائد إلى النقصان والرخصة وحده لاتحادهما معنى إذ المراد بهما عدم وجوب الصوم المقصود. وقوله رمضان آخر، ورمضان الثاني بتنكير الوصف، وتعريفه أخرى مبني على أنه علم إذا قصد به معين، ومنكر إذا قصدت به مبهما مثل مررت بزيد الفاضل، وزيد آخر فأراد برمضان آخر رمضان مغايرا للذي نذر الاعتكاف فيه أيا كان، وبرمضان الثاني الذي يليه، وهو معين. إلا أن قوله في تقرير السؤال، ولا يجزئ في شهر رمضان الآخر كما ينبغي أن يكون بالنكير، ولذا قال المصنف في رمضان آخر لإبهامه، وإلى رمضان الآخر لتعينه، والعلم هو شهر رمضان بالإضافة، ورمضان محمول على الحذف لتخفيف ذكره في الكشاف، وذلك؛ لأنه لو كان رمضان علما لكان شهر رمضان بمنزلة إنسان زيد، ولا يخفى قبحه، ولهذا كثر في كلام العرب شهر رمضان، ولم يسمع شهر رجب، وشهر شعبان على الإضافة.
قوله: "وسقوط النقصان عبارة عن وجوب صوم مقصود"؛ ذكره قبيل هذا على قصد التفسير وهاهنا على قصد التقرير ليستنتج منه أن سقوط شرف الوقت يوجب وجوب صوم مقصود لأنه يوجب سقوط النقصان الذي هو عدم وجوب صوم مقصود. وسقوط العدم ثبوت؛ لأن نفي النفي إثبات فيكون سقوط النقصان عبارة عن وجوب صوم مقصود فيكون موجب السقوط موجبا له.
قوله: "إذ فضيلة شرف الوقت فضيلة يغلب فوتها"؛ لأن الاعتكاف مشروع في جميع الشهور الاثني عشر، وهذه الفضيلة لا توجد إلا في واحد منها بخلاف فضيلة الصوم المقصود فإن فوتها نادر لا يكون إلا بنذر الاعتكاف في رمضان.
قوله: "وقد فسر في بعض الحواشي الوجهان بغير ما فسرت"؛ فقيل: أحدهما إيجاب القضاء بما أوجب الأداء، والآخر: إيجابه بسبب جديد هو التفويت، والأول أحوط، وإلا لزم أن لا يجب عليه القضاء في صورة الفوات دون التفويت كما إذا حدث به في رمضان مرض مانع من الاعتكاف دون الصوم كالإسهال مثلا، وقيل أحدهما: إيجاب القضاء بصوم مقصود، والآخر إسقاط القضاء بزوال الوقت لتعذر الاعتكاف بلا صوم، وتعذر إيجاب الصوم بلا موجب كما هو إحدى الروايتين عن أبي يوسف رحمه الله، والأول أحوط؛ لأن فيه إسقاط النقصان، وإعادة الواجب إلى صفة الكمال بإيجاد ما هو تبع له بوجوبه، وفي الثاني إسقاط أصل الواجب لتعذر إيجاب التبع. والدليل المذكور لا يدل على أن الوجه الأول أحوط من الثاني بهذين التفسيرين؛ لأنه جعل نتيجة الدليل هو عدم التأدي في
Shafi 309