204

Sharhin Talwih

شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول الفقه

Nau'ikan

قوله: "وقد يستعار" أي يستعار أو لحتى إذا وقع بعدها مضارع منصوب، ولم يكن قبلها مضارع منصوب بل فعل ممتد يكون كالعام في كل زمان، ويقصد انقطاعه بالفعل الواقع بعد أو نحو لألزمنك أو تعطيني حقي ليس المراد ثبوت أحد الفعلين بل ثبوت الأول ممتد إلى غاية هي وقت إعطاء الحق كما إذا قال لألزمنك حتى تعطيني حقي فصار أو مستعارا لحتى، والمناسبة أن أو لأحد المذكورين، وتعيين كل واحد منهما باعتبار الخيار قاطع لاحتمال الآخر كما أن الوصول إلى الغاية قاطع للفعل، وهذا معنى قوله لأن أحدهما أي أحد المذكورين من المعطوف بأو والمعطوف عليه يرتفع بوجود الآخر كما أن المغيا يرتفع بالغاية، وينقطع عندها، ولهذا ذهب النحاة إلى أن أو هذه بمعنى إلى لأن الفعل الأول ممتد إلى وقوع الفعل الثاني أو إلا لأن الفعل الأول ممتد في جميع الأوقات إلا وقت وقوع الفعل الثاني فعنده ينقطع امتداده، وقد مثل لذلك بقوله تعالى: {ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم} [آل عمران:128] أي ليس لك من الأمر في عذابهم أو استصلاحهم شيء حتى تقع توبتهم أو تعذيبهم، وذهب صاحب الكشاف إلى أنه عطف على ما سبق، وليس لك من الأمر شيء اعتراض، والمعنى أن الله مالك أمرهم فإما أن يهلكهم أو يهزمهم أو يتوب عليهم أو يعذبهم، فلو قال والله لا أدخل هذه الدار أو أدخل تلك بالنصب كان أو بمعنى حتى إذ ليس قبله مضارع منصوب يعطف عليه فيجب امتداد عدم دخول الدار الأولى إلى دخول الثانية حتى لو دخلها أولا حنث، ولو دخل الثانية أولا بر في يمينه لانتهاء المحلوف عليه كما لو قال والله لا أدخلها اليوم فلم يدخل حتى غربت الشمس، وما يقال إن تعذر العطف من جهة أن الأول منفي ليس بمستقيم إذ لا امتناع في عطف المثبت على المنفي، وبالعكس حتى لو قال أو أدخل تلك بالرفع كان عطفا إلا أنه يحتمل أن يكون عطفا على الفعل مع حرف النفي حتى يكون المحلوف عليه أحد الأمرين: عدم دخول الأولى، أو دخول الثانية فلو دخل الأولى، ولم يدخل الثانية حنث، وإلا فلا ويحتمل أن يكون عطفا على الفعل نفسه حتى يكون الفعلان في سياق النفي، ويلزم شمول العدم لوقوع أو في النفي فيحنث بدخول إحدى الدارين أيتهما كانت كما إذا حلف لا يكلم زيدا أو عمرا، وبهذا يظهر أن أو في قوله تعالى: {لا جناح عليكم إن [البقرة:236] الأمر شيء أو يتوب عليهم} [آل عمران:128] لأن أحدهما يرتفع بوجود الآخر كالمغيا يرتفع بالغاية فإن حلف لا أدخل هذه الدار أو أدخل تلك الدار فإن دخل الأولى أولا حنث وإن دخل الثانية أولا بر

"حتى للغاية نحو: {حتى مطلع الفجر} [القدر:5] وحتى رأسها وقد تجيء للعطف فيكون المعطوف إما أفضل أو أخس وتدخل على جملة مبتدأة فإن ذكر الخبر نحو ضربت القوم حتى زيد غضبان "

...................................................................... ..........................

طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة} عاطفة مفيدة للعموم أي عدم الجناح مقيد بانتفاء الأمرين أي المجامعة، وتقدير المهر حتى لو وجد أحدهما كان جناحا أي تبعة بإيجاب مهر فيكون تفرضوا مجزوما عطفا على تمسوهن، ولا حاجة إلى ما ذهب إليه صاحب الكشاف من أنه منصوب بإضمار أن على معنى إلا أن تفرضوا أو حتى أن تفرضوا أي إذا لم توجد المجامعة فعدم الجناح ممتد إلى تقدير المهر.

قوله: "حتى للغاية" أي للدلالة على أن ما بعدها غاية لما قبلها سواء كان جزءا منه كما في أكلت السمكة حتى رأسها أو غير جزء كما في قوله تعالى: {حتى مطلع الفجر} [القدر:5]، وأما عند الإطلاق فالأكثر على أن ما بعدها داخل فيما قبلها، وقد تكون عاطفة يتبع ما بعدها لما قبلها في الإعراب، وقد تكون ابتدائية تقع بعدها جملة فعلية أو اسمية مذكور خبرها أو محذوف بقرينة الكلام السابق، وفي الكل معنى الغاية، وفي العاطفة يجب أن يكون المعطوف جزءا من المعطوف عليه أفضلها أو أدونها فلا يجوز جاءني الرجال حتى هند، وأن يكون الحكم مما ينقضي شيئا فشيئا حتى ينتهي إلى المعطوف لكن بحسب اعتبار المتكلم لا بحسب الوجود نفسه إذ قد يجوز أن يتعلق الحكم بالمعطوف أولا كما في قولك مات كل أب لي حتى آدم أو في الوسط كما في قولك مات الناس حتى الأنبياء، ولا تتعين العاطفة إلا في صورة النصب مثل أكلت السمكة حتى رأسها بالنصب، والأصل هي الجارة لأن العاطفة لا تخرج عن معنى الغاية نظرا إلى أن المعطوف يجب أن يكون جزءا من المعطوف عليه، وهذا الحكم تقتضيه حتى من حيث كونها غاية لا من حيث كونها عاطفة بل الأصل في العطف المغايرة والمباينة كما في جاء زيد وعمرو، ويمتنع حتى عمرو بالعطف كما يمتنع بالجر كما ذكره ابن يعيش.

قوله: "فإن ذكر الخبر" جوابه محذوف أي فبها ونعمت، والمعنى فمرحبا بالقضية، ونعمت القضية، وهذا معنى لطيف يجري في جميع موارد هذه الكلمة فاعرفه.

قوله: "وإن دخلت الأفعال" حتى الداخلة على الأفعال قد تكون للغاية، وقد تكون لمجرد السببية والمجازاة، وقد تكون للعطف المحض أو التشريك من غير اعتبار غائية وسببية، والأول هو الأصل فيحمل عليه ما أمكن، وذلك بأن يكون ما قبل حتى محتملا للامتداد وضرب المدة، وما بعدها صالحا لانتهاء ذلك الأمر الممتد إليه وانقطاعه عنده كقوله تعالى: {حتى يعطوا الجزية} [التوبة:29] فإن القتال يحتمل الامتداد، وقبول الجزية يصلح منتهى له، وكقوله تعالى: {حتى تستأنسوا} [النور:27] أي تستأذنوا فإن المنع من دخول بيت الغير يحتمل الامتداد، والاستئذان يصلح منتهى له، وجعل حتى هذه داخلة على الفعل نظرا إلى ظاهر اللفظ وصورة الكلام، وإلا فالفعل منصوب بإضمار أن فهي داخلة حقيقة على الاسم.

Shafi 208