200

Sharhin Talwih

شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول الفقه

Nau'ikan

قوله: "ولو قال لعبيده الثلاثة هذا حر أو هذا وهذا" عطفا للثاني بأو، وللثالث بالواو يعتق الثالث في الحال، ويخير في الأولين، ويعين أيهما شاء لأن سوق الكلام لإيجاب العتق في أحد الأولين وتشريك الثالث فيما سيق له الكلام فصار بمنزلة أحدهما حر، وهذا فالمعطوف عليه هو فللغاية نحو {حتى يعطوا الجزية} {حتى تستأنسوا} وإلا فإن صلح لأن يكون سببا للثاني يكون بمعنى كي نحو أسلمت حتى أدخل الجنة وإلا فللعطف المحض فإن قال عبدي حر إن لم أضربك حتى تصيح حنث إن أقلع قبل الصياح وإن قال عبدي حر إن لم آتك حتى تغديني فأتاه فلم يغده لم يحنث لأن قوله حتى تغديني لا يصلح للانتهاء بل هو

أول الكلام على المغير لا على ما ليس بمغير فيثبت التخيير بين الأول والثاني بلا توقف على الثالث فصار معناه أحدهما حر ثم قوله وهذا يكون عطفا على أحدهما وهذان الوجهان تفرد بهما خاطري

...................................................................... ..........................

المأخوذ من صدر الكلام لا أحد المذكورين بالتعيين، وقيل إنه لا يعتق أحدهم في الحال، ويكون له الخيار بين الأول والأخيرين لأن الثالث عطف على ما قبله بالواو، والجمع بالواو بمنزلة الجمع بألف التثنية فكأنه قال هذا حر أو هذان كما إذا حلف لا يكلم هذا أو هذا، وهذا فإنه يحنث بالأول أو بالأخيرين جميعا لا بالثاني وحده أو الثالث وحده فقال المصنف هذا محتمل إلا أن ما ذكرنا أرجح لوجهين تفردت بهما، والأول مأخوذ من كلام الإمام السرخسي حيث قال الخبر المذكور في الكلام حر، وهو لا يصلح خبرا للاثنين إذ يقال للواحد حر، وللاثنين حران، ولا وجه لإثبات خبر آخر لأن العطف للاشتراك في الخبر المذكور أو لإثبات خبر آخر مثله لا لإثبات خبر آخر مخالف له لفظا، وهذا بخلاف مسألة اليمين فإن الخبر يصلح للاثنين يقال لا أكلم هذا أو لا أكلم هذين هذا كله كلامه، ولما لم يصلح ما ذكره سببا للامتناع لأن المقدر قد يغاير المذكور لفظا كما في قولك هند جالسة، وزيد، وقول الشاعر:

نحن بما عندنا وأنت بما ... عندك راض والرأي مختلف

جعله المصنف سببا للأولوية والرجحان، ولا يخفى أن الوجه الأول لا يجري في مثل أعتقت هذا أو هذا وهذا، ومقتضى كلام السرخسي أن يكون التخيير بين الأول والأخيرين بمنزلة أعتقت هذا أو هذين كما في مسألة اليمين، وأما على الوجه الثاني فهو بمنزلة أعتقت أحدهما، وهذا كما في هذا حر أو هذا وهذا، ولقائل أن يقول على الوجه الأول لا نسلم أن التقدير هذا حر أو هذان حران بل هذا حر أو هذا حر وهذا حر، وحينئذ يكون المقدر مثل الملفوظ، وإنما يلزم ما ذكره لو كان ذكر الثاني والثالث بلفظ التثنية لا يقال يلزم كثرة الحذف لأنا نقول مشترك الإلزام إذ التقدير فيما هو المختار هذا حر أو هذا حر وهذا حر تكميلا للجمل الناقصة بتقدير المثل لأن الحرية القائمة بكل تغاير حرية الآخر كما مر في جاءني زيد وعمرو، ولو سلم فمعارض بالقرب وكون المعطوف عليه مذكورا صريحا، وعلى الوجه الثاني لا نسلم أن قوله، وهذا ليس بمغير لما قبله.

قوله: "لأن الواو للتشريك فيقتضي وجود الأول" قلنا لا ينافي التغيير هاهنا بل يوجبه فإنه إذا لم يكن هذا التشريك كان له أن يختار الثاني وحده، وبعد تشريك الثالث مع الثاني بعطفه عليه ليس له ذلك بل يجب اختيار الأول وحده أو الأخيرين جميعا، وإذا كان مغيرا توقف أول الكلام على آخره، ولم يثبت حرية أحد الأولين.

Shafi 204