Sharhin Talwih
شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول الفقه
Nau'ikan
قوله: "مسألة" المجاز المقترن بشيء من أدلة العموم كالمعرف باللام ونحوه لا خلاف في أنه لا يعم جميع ما يصلح له اللفظ من أنواع المجاز كالحلول والسببية والجزئية ونحو ذلك أما إذا استعمل باعتبار أحد الأنواع كلفظ الصاع المستعمل فيما يحله فالصحيح أنه يعم جميع أفراد ذلك المعنى لما سبق من أن هذه الصيغ لعمومه من غير تفرقة بين كونها مستعملة في المعاني الحقيقية أو المجازية، وقد يستدل بأن عموم اللفظ إنما هو لما يلحق به من الدلائل لا لكونه حقيقة، وإلا لكان كل حقيقة عاما، والجواب أنه يجوز أن يكون المؤثر هو المجموع، ولا يلزم من عدم تأثير الحقيقة وحدها أن لا يكون لها دخل في التأثير، ولو سلم فيجوز أن يكون القابل هو الحقيقة دون المجاز أو يكون المجاز مانعا، ونقل عن بعض الشافعية أنه لا يعم حتى إذا أريد المطعوم اتفاقا لا يثبت غيره من المكيلات لأن المجاز ضروري، والضرورة تندفع بإرادة بعض الأفراد فلا يثبت الكل كالمقتضي، وأجيب بأنه إن أريد الضرورة من جهة المتكلم في الاستعمال بمعنى أنه لم يجد طريقا لتأدية المعنى سواه فممنوع لجواز أن يعدل المجاز لأغراض سيذكرها مع القدرة على الحقيقة، ولأن للمتكلم في "مسألة لا يراد من اللفظ الواحد معناه الحقيقي والمجازي معا لرجحان المتبوع على التابع فلا يستحق معتق المعتق مع وجود المعتق إذا أوصى لمواليه ولا يراد غير الخمر بقوله
...................................................................... ..........................
أداء المعنى طريقين أحدهما حقيقة، والآخر مجاز يختار أيهما شاء بل في طريق المجاز من لطائف الاعتبارات ومحاسن الاستعارات الموجبة لزيادة البلاغة في الكلام أي علو درجته وارتفاع طبقته ما ليس في الحقيقة، ولأن المجاز واقع في كلام من يستحيل عليه العجز عن استعمال الحقيقة والاضطرار إلى استعمال المجاز وإن أريد الضرورة من جهة الكلام والسامع بمعنى أنه لما تعذر العمل بالحقيقة وجب الحمل على المجاز ضرورة لئلا يلزم إلغاء الكلام وإخلاء اللفظ عن المرام، فلا نسلم أن الضرورة بهذا المعنى تنافي العموم فإنه يتعلق بدلالة اللفظ وإرادة المتكلم فعند الضرورة إلى حمل اللفظ على معناه المجازي يجب أن يحمل على ما قصده المتكلم واحتمله اللفظ بحسب القرينة إن عاما فعام، وإن خاصا فخاص. بخلاف المقتضى فإنه لازم عقلي غير ملفوظ فيقتصر منه على ما يحصل به صحة الكلام من غير إثبات للعموم الذي هو من صفات اللفظ خاصة. فإن قيل قد سبق أن العموم إنما هو بحسب الوضع دون الاستعمال والمجاز بالنسبة إلى المعنى المجازي ليس بموضوع قلنا المراد بالوضع أعم من الشخصي والنوعي بدليل عموم النكرة المنفية ونحوها، والمجاز موضوع بالنوع، واعلم أن القول بعدم عموم المجاز مما لم نجده في كتب الشافعية، ولا يتصور من أحد نزاع في صحة قولنا جاءني الأسود الرماة إلا زيدا أو تخصيصهم الصاع بالمطعوم مبني على ما ثبت عندهم من علية الطعم في باب الربا لا على عدم عموم المجاز، ومع ذلك فالتعليل بكونه ضروريا من جهة المتكلم على ما هو مسطور في كتب القوم مما لا يعقل أصلا لجواز أن لا يجد المتكلم لفظا يدل على جميع أفراد مراده بالحقيقة فيضطر إلى المجاز فكما يتصور الاضطرار إلى المجاز لأجل المعنى الخاص فكذا لأجل المعنى العام، وإنما يلائمه بعض الملاءمة الضرورة من جانب السامع لتصحيح الكلام على ما مر.
قوله: "مسألة" لا نزاع في جواز استعمال اللفظ في معنى مجازي يكون المعنى الحقيقي من أفراده كاستعمال الدابة عرفا فيما يدب على الأرض، ووضع القدم في الدخول، ولا في امتناع استعماله في المعنى الحقيقي والمجازي بحيث يكون اللفظ بحسب هذا الاستعمال حقيقة ومجازا، أما إذا اشترط في المجاز قرينة مانعة من إرادة الموضوع له فظاهر، وأما إذا لم يشترط فلأن اللفظ موضوع للمعنى الحقيقي وحده فاستعماله في المعنيين استعمال في غير ما وضع له، فعلى تقدير صحة هذا الاستعمال فهو مجاز بالاتفاق، وإنما النزاع في أن يستعمل اللفظ، ويراد في إطلاق واحد معناه الحقيقي والمجازي معا بأن يكون كل منهما متعلق الحكم مثل أن تقول لا تقتل الأسد أو الأسدين أو الأسود، وتريد السبع والرجل الشجاع أحدهما من حيث إنه نفس الموضوع له، والآخر من حيث إنه متعلق به بنوع علاقة، وإن كان اللفظ بالنظر إلى هذا الاستعمال مجازا أو التحقيق أنه فرع استعمال المشترك في معنييه، فإن اللفظ موضوع للمعنى المجازي بالنوع فهو بالنظر إلى الوضعين بمنزلة المشترك فمن جوز ذاك جوز هذا، ومن لا فلا. وأما إرادة المعنيين في الكتابة على ما صرح به في المفتاح فليست من هذا القبيل لما عرفت أن مناط الحكم إنما هو المعنى الثاني لا يقال:
Shafi 161