249

Sharhin Fitarin Rana

شرح طلعة الشمس على الألفية

Nau'ikan

وأجيب: بأنه لا نسلم بأن ذلك المنقول قول موسى عليه السلام، ولا نسلم أنه متواتر؛ لأنه لو تواتر لم يختص به أحد منهم دون الآخر، ومن المعلوم أن بعض أحبارهم كعبد الله بن سلام وكعب الأحبار لم يقبلوا ذلك، فلو كان متواترا لقبلوه، كيف وهو إنما قيل: إنه من وضع ابن الرواندي، ومن كذبه على موسى عليه السلام، ولا نسلم أيضا أن ذلك ثابت في التوراة التي أنزلت على موسى عليه السلام، وثبوته فيما في أيديهم من النسخ لا يكون حجة علينا؛ لأنها محرفة لقوله تعالى: { يحرفون الكلم عن مواضعه } (النساء: 46)، وقوله تعالى: { ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله } (آل عمران: 78)، وأيضا فلو ثبت ذلك في التوراة التي نزلت على موسى لاحتجوا به على نبينا عليه الصلاة والسلام، ولو احتجوا به لاشتهر عادة، وهو لم يشتهر فعلمنا أنهم لم يحتجوا بذلك، ولما كان خلاف اليهود ومن وافقهم في إنكار جواز النسخ لا يعد خلافا لضعفه بالحجج القاهرة والبينة الظاهرة، قال المصنف: "ولا خلاف في جوازه"، أما قوله: " وقد صح وقوعه بنقل"، فمعناه أن وقوع النسخ، قد ثبت بالنقل الصحيح المتواتر؛ لأن شريعة نبينا قد نسخت ما قبلها إجماعا، وكذلك ما سيق من الشرائع بعضها ناسخ لبعض إجماعا كما مر، والوقوع دليل الجواز فلا ينبغي أن يخالف أحد من الإسلاميين في جوازه بعد الإجماع على وقوعه، أما ما حكي عن أبي مسلم الأصفهاني من أنه أنكر وقوع النسخ في شريعتنا وفي ما قبلها من الشرائع محتجا بقوله تعالى: { لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه } (فصلت: 42)، فباطل لا يعد خلافا مخلا بإجماع المسلمين وسائر الملل خلا أكثر اليهود على وقوع النسخ، وذلك أنه يلزم عليه أمران باطلان:

- أحدهما: إنكار إطلاق لفظ النسخ، وهو مخالف للنص لقوله تعالى: { ما ننسخ من آية أو ننسها } (البقرة: 106) الآية.

Shafi 272