Sharhin Fitarin Rana
شرح طلعة الشمس على الألفية
Nau'ikan
قال صاحب المنهاج: والعجب من بن الحاجب حيث جوز تخصيص القطعي بالظني، ومنع من بيان المجمل بالظني، وفي التخصيص عدول من أقوى إلى أضعف، وليس في المجمل ذلك، فإن المجمل لا يفهم منه شيء يعمل به؛ فوروده، وعدمه على سواء، فإذا ورد في بيانه خبر آحاد كان كورود الآحاد ابتداء من دون أن يتقدمه مجمل، فوروده في بيان المجمل كوروده ابتداء لاشتراكهما في أنه لم يحصل به العدول من أقوى إلى أضعف، فكما يجب العمل بالآحاد الوارد ابتداء كذلك ما ورد في بيان المجمل لما ذكرنا، قال: وهذا واضح كما ترى، وقال في موضع آخر: وأما بن الحاجب فلم أقف له على حجة؛ أي في اشتراطه أن يكون البيان أقوى من المبين، قال: ولعله يحتج بأن البيان هو المقصود، ومن البعيد أن يكون غير المقصود أقوى نقلا، والداعي إلى نقل بيانه أقوى، والجواب أن دليل وجوب العمل بالآحاد لم يفصل بين وروده بيانا، أو غير بيان، ولا نسلم استواء الداعي في كل حال، أقول: والظاهر من كلام بن الحاجب أنه لم يرد ما ذكره، وإنما يريد أنه لا يعدل إلى البيان إلا إذا كان أقوى، واحتجاج البدر المتقدم؛ ذكره هو المناسب لمقصود بن الحاجب، ولعلها حجته بعينها والله أعلم، وأوجب أبو الحسن الكرخي، أن يكون البيان مساويا في قوته للمبين، ومن ههنا لم يقبل خبر الأوساق المبين لقوله صلى الله عليه وسلم: "في سقت السماء العشر". لأن حديث الأوساق آحاد وهذا الحديث متواتر، وحجته على ذلك هو ما تقدم من حجته على منع تخصيص القطعي بالظني، والجواب واحد فتحصل في المسئلة ثلاثة أقوال:
((الأول)): للأكثر وهو قول أبي الحسين، والقاضي، وغيرهما؛ إنه يصح كون البيان أضعف نقلا.
((والقول الثاني)): للكرخي أنه يجب استوائهما.
((والقول الثالث)): لابن الحاجب، أنه يجب أن يكون البيان أقوى حيث يتفاوتان.
وزاد البدر الشماخي:
((قولا رابعا)): وكأنه لنفسه وهو أنه إذا كان البيان لظاهر كالعموم، والمطلق؛ فيجب أن يكون البيان أقوى من المبين، وإن كان البيان لمجمل فلا يجب فيه ذلك لعدم التعارض ههنا، بخلاف الصورة الأولى وهو تفصيل حسن، وتفريق جيد، ولأن تأملت استدلالات المانعين أن يكون البيان أضعف من المبين وجدت جميعها مقصورا على بيان الظاهر دون بيان المجمل، وعلى كل حال فأقوى المذاهب، وأرجحها وأحسن الأقوال، وأصحها هو ما قدمته لك آنفا، ولذا اقتصرت عليه في النظم وأشرت إلى غيره بالتضعيف والله أعلم:
ثم أخذ في بيان ما إذا تكرر البيان فقال:
وإن تكرر البيان حكما ... بأنه هو الذي تقدما
والثاني تأكيد له وعينا ... بعضهم المرجوح حين بينا
وإن تعارضا فقد تساقطا ... وبقي الإجمال ليس ساقطا
وإن تفاوتا فبالأقوى عمل ... وغيره وإن يعارضه همل
كما إذا طاف طوافين ولم ... يأمر إلا بطواف ملتزم
فقوله البيان مطلقا وما ... يفله يندب أن يلتزما
Shafi 192