شرح حديث: (كان للنبي قدح من عيدان تحت سريره)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الرجل يبول بالليل في الإناء ثم يضعه عنده.
حدثنا محمد بن عيسى حدثنا حجاج عن ابن جريج عن حكيمة بنت أميمة بنت رقيقة عن أمها أنها قالت: (كان للنبي ﷺ قدح من عيدان تحت سريره يبول فيه بالليل)].
أورد أبو داود ﵀ باب في الرجل يبول في الليل في الإناء ثم يضعه عنده.
وقد ذكرت فيما مضى أنه يأتي مرارًا ذكر الرجل في التراجم وفي المتون، وليس المقصود به خصوص الرجل، بل الحكم للرجال والنساء، وإنما ذكر الرجل لأن الخطاب غالبًا يكون مع الرجال.
فالأحكام التي للرجال هي للنساء والتي للنساء هي للرجال مالم يأت شيء يخص الرجال أو يخص النساء.
هذا هو الأصل، وهو قاعدة من قواعد الشرع، أي: التساوي بين الرجال والنساء في الأحكام إلا ما جاء فيه شيء يخصص للرجال أو يخصص للنساء في الأحكام.
وأورد أبو داود ﵀ حديث أميمة بنت رقيقة: (أن النبي ﷺ كان له قدح من عيدان) والمقصود بالعيدان: النخل، ولعل المقصود أن هذا القدح كان يتكون من ساق النخل؛ لأن العيدان هو النخل الباسق الذي تتخذ الأوعية من ساقها.
وقد سبق أن مر بنا في سنن النسائي وكذلك في صحيح البخاري وصحيح مسلم ذكر النهي عن الإنتباذ في أوعية ومنها النقير، والنقير هو: ما يتخذ من جذوع النخل أو سيقانها، وذلك بأن ينقر وسط الساق ثم يتخذ وعاءً.
وبعض المفسرين قال: إن المقصود: أنه من عيدان النخل إذا قطع خوصها وضم بعضها إلى بعض، لكن مثل هذا غالبًا لا يحصل منه أنه يمسك الماء؛ لأنه يذهب الماء بين تلك الأعواد، ويمكن أن يعمل على طريقة محكمة بحيث لا يذهب، لكن العيدان الذي هو النخل الطوال والذي ينقر ساقه أو قطعة من ساقها لا يذهب منه الماء؛ لأنه يتخذ وعاءً، وقد سبق أن مر بنا أنهم كانوا يتخذون الأوعية من ذلك؛ لأن النبي ﷺ نهى عن الانتباذ في النقير، وهو ما ينقر من جذوع النخل ومن سيقانها.
قوله: [(كان للنبي ﷺ قدح من عيدان تحت سريره يبول فيه بالليل)].
يعني: أنه كان يتخذ هذا الإناء ويبول فيه، ثم يضعه عنده، وقد جاء في بعض الروايات أن هذا كان في مرضه ﵊، وأنه كان مضطرًا ومحتاجًا إلى ذلك.
والحديث الذي معنا في إسناده حكيمة، وهي لا تعرف، ولكن قد جاءت أحاديث صحيحة تدل على ذلك، ولكنها مقيدة بمرضه ﷺ، فيكون ما جاء في هذا الحديث متفقًا مع ما جاء في الأحاديث الأخرى، فهو وإن كان فيه مقال إلا أن الأحاديث الأخرى تشهد له وتدل على ما دل عليه.
8 / 6