Sharhin Siyar Kabir
شرح السير الكبير
Mai Buga Littafi
الشركة الشرقية للإعلانات
Shekarar Bugawa
1390 AH
Nau'ikan
Fikihu na Hannafi
تَعَالَى ﴿اُدْعُ إلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ﴾ [النحل: ١٢٥] . وَمَعْلُومٌ أَنَّ تَمَامَ هَذِهِ الصِّفَةِ فِي الْقُرْآنِ وَالْفِقْهِ الْمُسْتَنْبَطِ مِنْ الْقُرْآنِ وَهُوَ الْحِكْمَةُ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ [البقرة: ٢٦٩] . وَفَسَّرَهُ الْمُفَسِّرُونَ بِالْفِقْهِ وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ دُعَاؤُهُ (٥٦ ب) بِهَذَا الطَّرِيقِ إذَا عَلَّمَهُ ذَلِكَ وَفَهَّمَهُ. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٦] يَعْنِي يَسْمَعَ فَيَفْهَمَ فَرُبَّمَا يَرْغَبُ فِي الْإِيمَانِ لِمَا يَقِفُ عَلَيْهِ مِنْ مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ. وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: لَعَلَّ اللَّهَ يُقَلِّبُ قَلْبَهُ.
وَفِي حَدِيثِ عُثْمَانَ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «خَيْرُ النَّاسِ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ» . وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ تَعْلِيمِ الْمُسْلِمِينَ وَتَعْلِيمِ الْكُفَّارِ. وَإِذَا كَانَ يُنْدَبُ إلَى تَعْلِيمِ غَيْرِ الْمُخَاطَبِينَ رَجَاءَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهِ إذَا خُوطِبُوا، فَلَأَنْ يُنْدَبَ إلَى تَعْلِيمِ الْمُخَاطَبِينَ رَجَاءَ أَنْ يَهْتَدُوا بِهِ وَيَعْلَمُوا كَانَ أَوْلَى.
- وَإِذَا دَخَلَ الْمُشْرِكُونَ دَارَ الْإِسْلَامِ فَأَخَذُوا الْأَمْوَالَ وَالذَّرَارِيَّ وَالنِّسَاءَ، ثُمَّ عَلِمَ بِهِمْ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَهُمْ عَلَيْهِمْ قُوَّةٌ، فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَّبِعُوهُمْ مَا دَامُوا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، لَا يَسَعُهُمْ إلَّا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَتَمَكَّنُونَ مِنْ الْمُقَامِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ بِالتَّنَاصُرِ، وَفِي تَرْكِ التَّنَاصُرِ ظُهُورُ الْعَدُوِّ عَلَيْهِمْ فَلَا يَحِلُّ لَهُمْ ذَلِكَ. وَفِعْلُ أَهْلِ الْحَرْبِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ مُنْكَرٌ قَبِيحٌ، وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ فَرْضٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَاَلَّذِينَ وَقَعَ الظُّهُورُ عَلَيْهِمْ صَارُوا مَظْلُومِينَ، وَيُفْتَرَضُ عَلَى
1 / 207