166

Sharhin Siyar Kabir

شرح السير الكبير

Mai Buga Littafi

الشركة الشرقية للإعلانات

Shekarar Bugawa

1390 AH

الطَّاعَةُ مَا لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِأَمْرٍ يَخَافُونَ فِيهِ الْهَلَكَةَ، وَعَلَى ذَلِكَ أَكْثَرُ رَأْيِ جَمَاعَتِهِمْ، لَا يَشُكُّونَ فِي ذَلِكَ. فَإِذَا كَانَ هَكَذَا فَلَا طَاعَةَ لَهُ عَلَيْهِمْ لِقَوْلِهِ ﷺ: «لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ» . وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ﵁ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَعَثَ سَرِيَّةً وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَمِيرًا. فَغَضِبَ عَلَيْهِمْ أَمِيرُهُمْ فَأَجَّجَ نَارًا وَقَالَ: قَدْ أُمِرْتُمْ بِطَاعَتِي فَاقْتَحِمُوهَا، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: نَدْخُلُهَا. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا نَدْخُلُهَا، فَإِنَّا أَسْلَمْنَا فِرَارًا مِنْ النَّارِ. فَلَمَّا رَجَعُوا إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَخْبَرُوهُ بِذَلِكَ فَقَالَ: لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا أَبَدًا، فَإِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ لَا فِي الْمُنْكَرِ» . وَمَعْنَى قَوْلِهِ: " مَا خَرَجُوا مِنْهَا "، أَيْ يُنْقَلُونَ مِنْهَا إلَى نَارِ جَهَنَّمَ، ثُمَّ أَكْبَرُ الرَّأْيِ فِيمَا لَا يُمْكِنُ الْوُقُوفُ عَلَى حَقِيقَتِهِ بِمَنْزِلَةِ الْحَقِيقَةِ.
١٦٧ - فَإِذَا كَانَ عِنْدَهُمْ أَنَّهُمْ لَوْ أَطَاعُوهُ هَلَكُوا، كَانَ أَمْرُهُ إيَّاهُمْ بِذَلِكَ قَصْدًا مِنْهُ إهْلَاكَهُمْ وَاسْتِخْفَافًا بِهِمْ. وَقَدْ ذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى الطَّاعَةَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: ﴿فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ﴾ [الزخرف: ٥٤]
١٦٨ - وَإِنْ كَانَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ الْأَمْرِ مُخْتَلِفِينَ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ فِيهِ الْهَلَكَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ فِيهِ النَّجَاةُ، فَلْيُطِيعُوا الْأَمِيرَ فِي ذَلِكَ. لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ لَا يُعَارِضُ النَّصَّ، وَلِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْ الطَّاعَةِ فَتْحُ لِسَانِ اللَّائِمَةِ عَلَيْهِمْ، وَفِي إظْهَارِ الطَّاعَةِ قَطْعُ ذَلِكَ عَنْهُمْ، فَعَلَيْهِمْ أَنْ يُطِيعُوهُ

1 / 166