Sharhin Siyar Kabir
شرح السير الكبير
Mai Buga Littafi
الشركة الشرقية للإعلانات
Shekarar Bugawa
1390 AH
Nau'ikan
Fikihu na Hannafi
وَمِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ جَرَى الرَّسْمُ بِالْمَدِينَةِ أَنَّهُ إذَا مَاتَ مِنْهُمْ مَيِّتٌ يَبْدَءُونَ بِالْبُكَاءِ لِحَمْزَةَ ﵁. وَالرِّجَالُ فِي تَعْزِيَةِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا يَقُولُونَ: مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَا يَزِيدُونَ عَلَى ذَلِكَ.
١٠٤ - ثُمَّ أَعَادَ الْحَدِيثَ بِطَرِيقِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ وَزَادَ فِي آخِرِهِ: «فَاسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهُنَّ يَبْكِينَ. فَقَالَ: يَا وَيْحَهنَّ إنَّهُنَّ لَهَا هُنَا مُنْذُ الْيَوْمِ. فَلْيَرْجِعْنَ وَلَا يَبْكِينَ عَلَى هَالِكٍ بَعْدَ الْيَوْمِ» .
فَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ أَخَذَ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَقَالَ: هَذِهِ رُخْصَةٌ كَانَتْ يَوْمَئِذٍ، وَقَدْ انْتَسَخَتْ بِمَا ذُكِرَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ. وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالْبُكَاءِ وَالنَّوْحِ قَدْ انْتَسَخَ وَلَا رُخْصَةَ فِيهِ، عَلَى مَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «النَّائِحَةُ وَمَنْ حَوْلَهَا مِنْ مُسْتَمِعِيهَا عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» .
وَأَمَّا الْبُكَاءُ مِنْ غَيْرِ رَفْعِ الصَّوْتِ لَا بَأْسَ بِهِ؛ لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ لَمَّا قُبِضَ إبْرَاهِيمُ بْنُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ دَمَعَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ ﵁: أَلَيْسَ قَدْ نَهَيْتنَا عَنْ الْبُكَاءِ؟ فَقَالَ: إنَّمَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ صَوْتَيْنِ أَحْمَقَيْنِ فَاجِرَيْنِ، وَأَمَّا هَذِهِ رَحْمَةٌ يَجْعَلُهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي قُلُوبِ الرُّحَمَاءِ. الْعَيْنُ تَدْمَعُ، وَالْقَلْبُ يَحْزَنُ، وَلَا نَقُولُ مَا يُسْخِطُ الرَّبُّ» . وَعَنْ عُمَرَ ﵁ «أَنَّهُ سَمِعَ امْرَأَةً وَهِيَ تَبْكِي عَلَى وَلَدِهَا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَنَهَاهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: دَعْهَا يَا عُمَرُ، فَإِنَّ الْقَلْبَ حَزِينٌ، وَالنَّفْسَ مُصَابَةٌ، وَالْعَهْدَ قَرِيبٌ» . وَلَكِنْ مَعَ هَذَا؛ الصَّبْرُ أَفْضَلُ عَلَى مَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ إذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ [البقرة: ١٥٦] .
1 / 109