هو الشَّجَاعُ يَعُدُّ البُخْلَ من جُبنٍ ... هو الجَوادُ يَعُدَّ من بَخَلِ
البخل والبخل: لغتان، والإغذاذ: الإسراع في السير.
فيقول: إن السيف الدولة الشجاع المتناهي في الشجاعة، فالبخل عنده باب من الجبن؛ لأن من سمح بنفسه لم يبخل بكرائم ماله، وهو الجواد المتناهي الجود، والجود بالنفس غاية الجود، ومن جاد بنفسه لم يجبن عن عدوه، ومن كان كذلك، فالجبن عنده باب من البخل، فدل على أن الشجاعة والجود من طريق واحد، وأجمل، ما فسره أبو تمام بقوله:
وإذا رأيتَ أبا يزيدٍ في وغىً ... وندًى ومُبْدئ غارةٍ ومُعيْدا
يَقْري مُرَجِّيه حَشاشةَ مالهِ ... وشَبَا الأسِنَّةِ ثُعْرَةً ووَريْدا
أيقَنْتَ أن مِنَ السَّماحِ شَجَاعةً ... وعَلِمْتَ أنَّ من الشجاعةِ جودا
فبين أبو التمام وفسر، وجمع أبو الطيب واختصر.
يَعُودُ مِنْ كُلِّ فَتْحٍ غَيْرَ مُفْتَخِرٍ ... وقَدْ أغَذَّ إليهِ غَيْرَ مُحْتَفِلِ
ثم قال: إنه يفتح الفتوح العظيمة فلا يفخر بها، ويسرع إليها ولا يحتفل بها، استقلالًا لعظيم ما يفعله، وارتفاعًا عن تهيب ما يقصده.
1 / 223