ثم أكد بيان ما أبهمه، فقال: بدار من القبر ساكنها غريب، وقاطنها فقير، من حل فيها امتنع وصالة، ومن صار إليها انبتت حباله.
حَصَانُ مِثْلُ مَاءِ المُزْنِ فيهِ ... كَتُومُ السِّرِّ صَادِقَةُ المَقَالِ
ثم قال: إن أم سيف الدولة في شرف نسبها، وعلو منصبها، وطهارة نفسها، وصيانتها في قومها، كماء المزن، قد تناهت صيانتها كتناهي صيانته فيه، وارتفع موضعها كارتفاع موضعه، وطاب عنصرها كطيب عنصره، وهي مع ذلك كاتمة لسرها، صادقة في قولها.
يُعَلَّلُها نِطاسِيُّ الشَّكَايا ... وواحِدُها نِطَاسِيُّ المعَالي
إذا وَصَفُوا له دَاءً بِثَغْرٍ ... سَقَاهُ أسِنَّةَ الأسَلِ الطَّوالِ
أخبر: أنها تعللت بطبيب عالجها، وقد ولدت طيب المكارم، وواحدي الفضائل، وأنه إذا وصفت له علة بثغر شفت من دائها أسنته، وأمنت مخافتها سيوفه، ولكن المنية لا تدفع بقدرة، ولا يعتصم منها بمنعة.
وَلَيْسَتْ كالإنَاثِ ولا اللَّوَاتي ... تُعَدُّ لَهَا القُبُورُ من الحِجَالِ
ولا مَنْ في جَنازَتِها تِجاَرُ ... يَكُونُ وَدَاعُها نَفْضَ النِّعَالِ
1 / 191