Sharh Shafiya Ibn Hajib

Al-Radi al-Istarabadi d. 686 AH
91
متعديًا إلى ثلاثة أولها للجعل والثاني والثالث لأصل الفعل، وهو فعلان فقط: أعْلَمَ، وَأَرَى وقد يجئ الثلاثي متعديًا ولازمًا في معنى واحد، نحو فَتَنَ الرجلُ: أي صار مُفْتَتِنًا، وَفَتَنْتُهُ: أي أدخلت فيه الفتنة، وحزن وحزنته: أي أدخلت فيه الحزن، ثم تقول: أفتنته وأحزنته، فيهما، لنقل فَتَنَ وَحَزِنَ اللازمين لا المتعدين، فأصل معنى أحزنته جعلته حزينًا، كأذهبته وأخرجته، وأصل معنى حَزَنْتُه جعلت في الحزن وأدخلته فيه، ككَحَلْتُهُ وَدَهَنْتُهُ: اي جعلت فيه كحلًا ودهنًا، والمغزى من أحزنته وَحَزَنْتُهُ شئ واحد، لأن مَنْ أدخلت فيه الحزن فقد جعلته حزينًا، إلا أن الأول يفيد هذا المعنى على سبيل التقل والتصيير لمعنى فعل آخر - وهو حَزِن - دون الثاني وقولهم أسْرَعَ وَأَبْطَأَ في سَرُعَ وَبَطُؤ، ليس الهمزة فيهما للنقل، بل الثلاثي والمزيد فيه مَعًا غير متعديين، لكنالفرق بينهما أن سرُع وَبَطُؤ أبلغ، لأنهما كأنهما غريزة كصَغُرَ وَكَبُرَ ولو قال المصنف مكان قوله " الغالب في أفْعَلَ أن يكون للتعدية ": " الغالب أن يجعل الشء ذا أصله " لكان أعم، لأنه يدخل فيه ما كان أصله جامدًا، نحو أفْحَى قِدْرَهُ: أي جعلها ذات (١) فحا وهو الابرار، وأجداه: أي جعله ذا جَدًى (٢)، وأذْهَبَه: أي جعله ذا ذَهَب وقد يجئ أفعل لجعل الشء نَفْسَ أصْلِهِ إن كان الأصل جامدًا، نحو أهديت الشئ: أي جعلته هَدِيَةً أو هَدْيًا (٣)

(١) الفحا - بفتح أوله وكسره مقصورا: البزر، أو يابسه. والابزار: التوابل كالفلفل ونحوه، واحدها بزر - بالفتح والكسر - وواحد التوابل تابل كخاتم (٢) الجدى - بفتح أوله مقصورا - والجدوى: العطية (٣) الهدية: اسم ما أتحفت به، والهدى: ما أهدى إلى مكة من النعم (أي: الابل) (*)

1 / 87