120

Sharh Riyad as-Salihin

شرح رياض الصالحين

الصبر على أذية الجيران
وجاء في حديث رواه أبو داود بإسناد صحيح عن أبي هريرة ﵁: (جاء رجل إلى النبي ﷺ يشكو جاره فقال له النبي ﷺ: اذهب فاصبر)، فأوصاه بالصبر لكي يستحي منه جاره فلا يؤذيه.
ثم شكاه مرة ثانية فقال له: (اذهب فاصبر)، ثم مرة ثالثة فقال له: (اذهب فاطرح متاعك في الطريق).
هنا تأديب ذكي من النبي ﷺ لهذا الجار السيئ الذي يؤذي جاره، فهذا منظر غريب أن رجلًا يضع متاع منزله في الشارع، فيسأله الناس عن سبب ذلك، فيخبرهم أن جاره يؤذيه فيدعو الناس عليه، فلما بلغ الخبر إلى الجار المؤذي أن الناس يلعنونه وستستجاب دعوتهم وأن النبي ﷺ أمر جاره بذلك، فذهب إليه وقال له: ارجع ولا ترى مني شيئًا تكرهه.
فهذا تأديب من النبي ﷺ لمثل هذا الجار، وأيضًا تعليمه للجار الآخر بالصبر فإنَّ جزاءه الحسنى.
وجاء في حديث أن النبي ﷺ قال: (إن شر الناس من اتقاه الناس مخافة شره).
الإنسان الشرير فرح بنفسه ويحس أن أحدًا لا يجرؤ أن ينظر إليه فهذا من شر الناس، وخير الناس من أحبه الناس، وكان مؤمنًا لطيفًا يؤلف ويأتلف، حسن المعاشرة مع أهله ومع جيرانه.
وشر الناس من اتقاه الناس مخافة شره، فلا يريد أحد أن يقابله.

13 / 8