Sharhin Risalar Nasiha
شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة
Nau'ikan
مضيئة من قبس الذبال قوله: (وهي إلى صانعها محتاجة): يريد؛ الأجسام، والأعراض التي هي من فعله سبحانه -وتعالى- في الأجسام.
و(صانعها): فاعلها، لا فرق بين الصانع والفاعل في أصل اللغة.
ومعنى الحاجة والإفتقار واحد، وتسميتها (محتاجة) شائع في اللغة؛ لأنهم إذا ذكروا فعلا قالوا: هو يحتاج إلى فاعل، وللحاجة معان كثيرة لا وجه لتطويل الكلام ها هنا.
وقوله: (في مقتضى العقل): يريد؛ في قضية العقل وحكمه.
وقوله: (أشد حاجة): وذلك ظاهر؛ لأن حاجتك إلى من يوجد ذاتك وحياتك، وعافيتك وقدرتك، أشد من حاجتك إلى من ينفعك في أمر من سائر الأمور.
وقوله: (إذ صار من حاجتها إخراجه): يريد إذ كانت حاجتها إليه ليخرجها من العدم إلى الوجود.
و(من) زائدة لتحسين الكلام وصلته، كما قال الله تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم}[النور:30] ، وهو يريد سبحانه يغضوا أبصارهم.
وقال: (إخراجه) ولم يقل من العدم إلى الوجود واكتفى بدلالة اللفظ؛ وذلك شائع في اللغة، قال الشاعر:
فإن المنية من يلقها .... فسوف تصادفه أينما
يريد؛ أينما توجه، أو أينما كان، فحذفه لدلالة اللفظ عليه وتعلق المعنى به.
(والحاجة) وإن كانت خاصة في عرف المتكلمين في الدواعي الداعية إلى جلب نفع أو دفع ضرر ، فهي عامة في أصل اللغة في كل أمر يفتقر في ثبوته إلى أمر آخر، يقول قائلهم: هذا الثوب يحتاج إلى كذا وكذا من القطن ، وهذا البيت يحتاج إلى كذا وكذا من الخشب.
وقوله:
(قلب سليم القلب كالزجاجة .... مضيئة من قبس الذبال)
يريد بسليم القلب: صحيح القلب من أدواء الحيرة وعاهات الضلالة.
وقوله: (كالزجاجة): يريد؛ من صفائه ونوره.
وقوله: (مضيئة): يريد به الزجاجة أضاءت.
Shafi 124