185

Sharhin Risalar Nasiha

شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة

ومنها: أن زيدا -رضي الله عنه- صادق فيما قال، لو قال ذلك؛ لأن عليا -عليه السلام- لا يصح كونه معتقا لمن أعتقه النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، لقول النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((الولاء لمن أعتق([25])))، وفي رواية أخرى ((لمن أعطى الورق)) ، وظاهر روايتهم تنبيء أن النبيء -صلى الله عليه وآله وسلم- قاله في ذلك المقام للإنكار على زيد وذلك لا يجوز عليه -صلوات الله عليه- لأنه لا ينكر حكمه، وكيف يجوز إضافة إنكاره إليه وهو لم يأت به من تلقاء نفسه وإنما هو واقع من عند ربه؛ لقوله سبحانه فيه: {وما ينطق عن الهوى(3)إن هو إلا وحي يوحى(4)}[النجم] .

ومنها: أنه لو سلم على بعد ذلك أن سببه زيد فأحكام الحوادث لا يجوز قصرها على أسبابها؛ لأن القول بذلك يؤدي إلى تعطيل الشريعة وذلك لا يجوز، فيجب أن تكون الولاية لأمير المؤمنين -عليه السلام- عامة في جميع المؤمنين؛ لأن الولاية إذا صحت له -عليه السلام- على زيد صحت على الكافة؛ لأن الأمر في الجميع واحد، وقد بينا استحالة رجوع ذلك إلى العتق، ويكون زيد -رضي الله عنه - أصل هذه البركة، وهو بها حقيق حيث أوجب الله - سبحانه وتعالى - على لسان نبيئه ببركة منازعته إمامه وأوجب ولاءه على الكافة، فقد رأيت قوة هذا الخبر على أن لأهل([26]) مقالتنا -رحم الله ماضيهم وتولى توفيق باقيهم- في هذا الخبر وجوها ومسالك إستغنينا عن ذكرها لكونها موجودة في كتبهم وميلا إلى التخفيف في هذا المختصر، فقد رأيت قوة هذا الخبر وصحة الإستدلال وتهافت الأسئلة الواردة عليه بما لا سبيل إلى دفعه إلا بالمكابرة الخارجة عن مسلك العلم، وببطلان إمامة أبي بكر تبطل إمامة من بعده بالإتفاق.

Shafi 223