Sharhin Risalar Nasiha
شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة
Nau'ikan
وقولنا: أحب إلينا، فلم تكن عينه -صلى الله عليه وآله وسلم- تمتد إلى شيء من متاع الدنيا، ولا ينافس إلا أهل التقوى، حتى روي عنه -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه ما ذكر الله عنده ذاكر إلا ذاكره -عليه وآله السلام- حتى يكون آخرهما بالله عهدا.
وعيلته: الأولى أنه لم يكن قد أنزل إليه آيات التزهيد في أمر الدنيا، وتشبيهها بالهشيم مرة، وباللعب أخرى، وكلا الأمرين زائل لا يبقى، فصار -صلى الله عليه وآله وسلم- بذلك أغنى الأغنياء؛ كما روي عن روح الله عيسى (صلوات الله عليه وعلى جميع إخوانه من الأنبياء) أنه قال:(أبيت وليس لي شيء، وليس على وجه الأرض أغنى مني).
ثم قطع سبحانه أباهر الشاكين في تفضيله لنبيئه -صلى الله عليه
وآله وسلم- واعتراضهم عليه في تفضيله بقوله سبحانه: {يختص برحمته من يشاء}[البقرة:105]، وفي هذا كفاية لمن اكتفى، {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء}[القصص:56].
(باب القول في الوعد والوعيد)
[29]
وقولنا في الوعد والوعيد .... للمؤمن الطائع والعنيد
وللشقي العرض والسعيد .... بالمكث في الدارين والتخليد
وذاك قول الله ذي المحال
هذا الكلام في الوعد والوعيد، ولا بد من ذكر حقيقتهما، ليكون ذلك أساسا لما نذهب إليه فيهما.
(فالوعد): هو الإخبار بوصول النفع أو سببه إلى الغير في المستقبل.
(والوعيد): نقيضه؛ وهو الإخبار بوصول الضرر الخالص أو سببه إلى الغير في المستقبل.
وإنما قلنا الضرر الخالص إحترازا من مضار المحن وتمحيص المؤمنين، فقد أخبر سبحانه بذلك ولم يكن وعيدا؛ لأن الوعيد لا يكون إلا للعاصين، كما أن الوعد لا يكون إلا للمؤمنين.
Shafi 193