Sharhin Nahjul Balagha
شرح نهج البلاغة
Bincike
محمد عبد الكريم النمري
Mai Buga Littafi
دار الكتب العلمية
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
1418 AH
Inda aka buga
بيروت
إن قيل : لا تخلو الصحابة إما أن تكون عدلت عن الأفضل لعلة ومانع في الأفضل أو لا لمانع ، فإن كان لا لمانع كان ذلك عقدا للمفضول بالهوى ، فيكون باطلا ، وإن كان لمانع - وهو ما تذكرونه من خوف الفتنة ، وكون الناس كانوا يبغضون عليا عليه السلام ويحسدونه - فقد كان يجب أن يعذرهم أمير المؤمنين عليه السلام في العدول عنه ، ويعلم أن العقد لغيره هو المصلحة للإسلام ، فكيف حسن منه أن يشكوهم بعد ذلك ، ويتوجد عليهم ! وأيضا ، فما معنى قوله : فطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذاء ، على ما تأولتم به كلامه ، فإن تارك الأولى لا يصال عليه بالحرب ! قيل : يجوز أن يكون أمير المؤمنين عليه السلام لم يغلب على ظنه ما غلب على ظنون الصحابة من الشغب وثوران الفتنة ، والظنون تختلف باختلاف الأمارات ، فرب إنسان يغلب على ظنه أمر يغلب على ظن غيره خلافه . وأما قوله : أرتئي بين أن أصول ، فيجوز أن يكون لم يعن به صيال الحرب ، بل صيال الجدل والمناظرة ، يبين ذلك أنه لو كان جادلهم وأظهر ما في نفسه لهم ، فربما خصموه بأن يقولوا له : قد غلب على ظنوننا أن الفساد يعظم ويتفاقم إن وليت الأمر ، ولا يجوز مع غلبة ظنوننا لذلك أن نسلم الأمر إليك ، فهو عليه السلام قال : طفقت أرتئي بين أن أذكر لهم فضائلي عليهم وأحاجهم بها فيجيبوني بهذا الضرب من الجواب - الذي تصير حجتي به جذاء مقطوعة ، ولا قدرة لي على تشييدها ونصرتها - وبين أن أصبر على ما منيت به . ودفعت إليه .
إن قيل : إذا كان عليه السلام لم يغلب على ظنه وجود العلة والمانع فيه ، وقد استراب الصحابة وشكاهم لعدولهم عن الأفضل الذي لا علة فيه عنده فقد سلمتم أنه ظلم الصحابة ، ونسبهم إلى غصب حقه ، فما الفرق بين ذلك وبين أن يستظلمهم لمخالفة النص ؟ وكيف هربتم من نسبته لهم إلى الظلم لدفع النص ، ووقعتم في نسبته لهم إلى الظلم لخلاف الأولى من غير علة في الأولى ، ومعلوم أن مخالفة الأولى من غير علة كتارك النص ، لأن العقد في كلا الموضعين يكون فاسدا ! قيل : الفرق بين الأمرين ظاهر ، لأنه عليه السلام لو نسبهم إلى مخالفة النص لوجب وجود النص ، ولو كان النص موجودا لكانوا فساقا أو كفارا لمخالفته ، وأما إذا نسبهم إلى ترك الأولى من غير علة في الأولى ، فقد نسبهم إلى أمر يدعون فيه خلاف ما يدعي عليه السلام ، وأحد الأمرين لازم ؛ وهو إما أن يكون ظنهم صحيحا أو غير صحيح ، فإن كان ظنهم هو الصحيح فلا كلام في المسألة ، وإن لم يكن ظنهم صحيحا كانوا كالمجتهد إذا ظن وأخطأ فإنه معذور ، ومخالفة النص أمر خارج عن هذا الباب ؛ لأن مخالفه غير معذور بحال ، فافترق المحملان .
تأمير أسامة بن زيد
Shafi 100