ولست بضارع إلا إليكم . . . وأما غيركم حاشا وكلا
وقال مرة أخرى : لما قال له موسى : أرني ، فقال : لن قال : هذا شغلك ، تصطفي آدم ثم تسود وجهه ، و تخرجه من الجنة ، وتدعوني إلى الطور ، ثم تشمت بي الأعداء ! هذا عملك بالأحباب ، فكيف تصنع بالأعداء ! وقال مرة أخرى : وقد ذكر إبليس على المنبر : لم يدر ذلك المسكين أن أظافير القضاء إذا حكت أدمت ، وأن قسي القدر ، إذا رمت أصمت . ثم قال : لسان حال آدم ينشد في قصته وقصة إبليس :
وكنت وليلى في صعود من الهوى . . . فلما توفينا ثبت وزلت
وقال مرة أخرى : التقى موسى وإبليس عند عقبة الطور ، فقال موسى : يا إبليس ، لم لم تسجد لآدم ؟ فقال : كلا ، ما كنت لأسجد لبشر ، كيف أوحده ثم ألتفت إلى غيره ! ولكنك أنت يا موسى سألت رؤيته ثم نظرت إلى الجبل ، فأنا أصدق منك في التوحيد .
وكان هذا النمط في كلامه ينفق على أهل بغداد ، وصار له بينهم صيت مشهور واسم كبير . وحكى عنه أبو الفرج بن الجوزي في التاريخ ، أنه قال على المنبر : معاشر الناس ، إني كنت دائما أدعوكم إلى الله ، وأنا اليوم أحذركم منه ، والله ما شدت الزنانير إلا في حبه ، ولا أديت الجزية إلا في عشقه .
وقال أيضا : إن رجلا يهوديا أدخل عليه ليسلم على يده ، فقال له : لا تسلم ، فقال له الناس : كيف تمنعه من الإسلام ! فقال : احملوه إلى أبي حامد - يعني أخاه - ليعلمه لا : إلى المنافقين . ثم قال : ويحكم أتظنون أن قوله : لا إله إلا الله ، منشور ولايته ! ذا منشور عزله . وهذا نوع تعرفه الصوفية بالغلو والشطح .
ويروى عن أبي يزيد البسطامي منه كثير . ومما يتعلق بما نحن فيه ما رووه عنه من قوله :
فمن آدم في البين . . . ومن إبليس لولاكا !
فتنت الكل والكل . . . مع الفتنة يهواكا ويقال : أول من قاس إبليس ، فأخطأ في القياس وهلك بخطئه . ويقال : إن أول حمية وعصبية ظهرت عصبية إبليس وحميته .
تضارب الآراء في خلق الجنة والنار
فإن قيل - فما قول شيوخكم في الجنة والنار ؟ فإن المشهور عنهم أنهما لم يخلقا وسيخلقان عند قيام الأجسام ، وقد دل القرآن العزيز ، ونطق كلام أمير المؤمنين عليه السلام في هذا الفصل بأن آدم كان في الجنة وأخرج منها .
Shafi 71