Sharhin Nahjul Balagha
شرح نهج البلاغة
Bincike
محمد عبد الكريم النمري
Mai Buga Littafi
دار الكتب العلمية
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
1418 AH
Inda aka buga
بيروت
والصحيح أن الملك لا يجوز عليه النوم ، كما لا يجوز عليه الأكل والشرب ؛ لأن النوم من توابع المزاج ، والملك لا مزاج له . وأما مدح البارئ بأنه لا تأخذه سنة ولا نوم فخارج عن هذا الباب ، لأنه تعالى يستحيل عليه النوم استحالة ذاتية ، لا يجوز تبدلها ، والملك يجوز أن يخرج عن كونه ملكا ، بأن يخلق في أجزاء جسمه رطوبة ويبوسة ، وحرارة وبرودة ، يحصل من اجتماعها مزاج ، ويتبع ذلك المزاج النوم . فاستحالة النوم عليه إنما هي ما دام ملكا ، فهو كقولك : الماء بارد ، أي ما دام ماء ؛ لأنه يمكن أن يستحيل هواء ثم نارا ، فلا يكون باردا ، لأنه ليس حينئذ ماء . والبارئ جلت عظمته يستحيل على ذاته أن يتغير ، فاستحال عليه النوم استحالة مطلقة ، مع أنه حي ، ومن هذا إنشاء التمدح . وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : ' إن الله خلق الخلق أربعة أصناف : الملائكة ، والشياطين ، والجن ، والإنس . ثم جعل الأصناف الأربعة عشرة أجزاء . فتسعة منها الملائكة وجزء واحد الشياطين والجن والإنس ، ثم جعل هؤلاء الثلاثة عشرة أجزاء ، فتسعة منها الشياطين وجزء واحد الجن والإنس ، ثم جعل الجن والإنس عشرة أجزاء ، فتسعة منها الجن وواحد الإنس ' .
وفي الحديث الصحيح : إن الملائكة كانت تصافح عمران بن الحصين وتزوره ، ثم افتقدها ، فقال : يا رسول الله ، إن رجالا كانوا يأتونني لم أر أحسن وجوها ، ولا أطيب أرواحا منهم ، ثم انقطعوا . فقال صلى الله عليه وسلم : ' إن أصابك جرح فكنت تكتمه ' ؟ فقال : أجل ، قال : ' ثم أظهرته ' ؟ قال : أجل ، قال : ' أما لو أقمت على كتمانه لزارتك الملائكة إلى أن تموت ' ؛ وكان هذا الجرح أصابه في سبيل الله .
وقال سعيد بن المسيب وغيره : الملائكة ليسوا بذكور ولا إناث ، ولا يتوالدون ولا يأكلون ولا يشربون ، والجن يتوالدون وفيهم ذكور وإناث ويموتون ، والشياطين ذكور وإناث ويتوالدون ، ولا يموتون حتى يموت إبليس .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في رواية أبي ذر : ' إني أرى ما لا ترون ، وأسمع ما لا تسمعون ، أطت السماء وحق لها أن تئط فما فيها موضع شبر إلا وفيه ملك قائم أو راكع أو ساجد واضع جبهته لله . والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ، ولبكيتم كثيرا ، وما تلذذتم بالنساء على الفرش ، ولخرجتم إلى الفلوات تجأرون إلى الله . والله لوددت أني كنت شجرة تعضد ' .
قلت : ويوشك هذه الكلمة الأخيرة أن تكون قول أبي ذر .
Shafi 63