Sharhin Nahjul Balagha

Ibn Abi al-Hadid d. 656 AH
32

Sharhin Nahjul Balagha

شرح نهج البلاغة

Bincike

محمد عبد الكريم النمري

Mai Buga Littafi

دار الكتب العلمية

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

1418 AH

Inda aka buga

بيروت

وأما قوله : وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه ، فهو تصريح بالتوحيد الذي تذهب إليه المعتزلة ، وهو نفي المعاني القديمة التي تثبتها الأشعرية وغيرهم ، قال عليه السلام : لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف ، وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة ؛ وهذا هو دليل المعتزلة بعينه ، قالوا : لو كان عالما بمعنى قديم ، لكان ذلك المعنى إنما هو أو غيره ، أو ليس هو ولا غيره . والأول باطل ؛ لأنا نعقل ذاته قبل أن نعقل أو نتصور له علما ؛ والمتصور مغاير لما ليس بمتصور . والثالث باطل أيضا ، لأن إثبات شيئين : أحدهما ليس هو الآخر ولا غيره ، معلوم فساده ببديهة العقل ، فتعين القسم الثاني وهو محال ، أما أولا فبإجماع أهل الملة ، و أما ثانيا فلما سبق من أن وجوب الوجود لا يجوز أن يكون لشيئين ؛ فإذا عرفت هذا فاعرف أن الإخلاص له تعالى قد يكون ناقصا وقد لا يكون ، فالإخلاص الناقص هو العلم بوجوب وجوده ، وأنه واحد ليس بجسم ولا عرض ، ولا يصح عليه ما يصح على الأجسام والأعراض . والإخلاص التام هو العلم بأنه لا تقوم به المعاني القديمة ، مضافا إلى تلك العلوم السابقة ؛ وحينئذ تتم المعرفة وتكمل .

ثم أكد أمير المؤمنين عليه السلام هذه الإشارات الإلهية بقوله : فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه ، وهذا حق ؛ لأن الموصوف يقارن الصفة ، والصفة تقارنه .

قال : ومن قرنه فقد ثناه ، وهذا حق ، لأنه قد أثبت قديمين ، وذلك محض التثنية .

قال : ومن ثناه فقد جزأه ؛ وهذا حق ، لأنه إذا أطلق لفظة الله تعالى على الذات والعلم القديم فقد جعل مسمى هذا اللفظ وفائدته متجزئة ، كإطلاق لفظ الأسود على الذات التي حلها سواد .

قال : ومن جزأه فقد جهله ، وهذا حق ، لأن الجهل هو اعتقاد الشيء على خلاف ما هو به . قال : ومن أشار إليه فقد حده ، وهذا حق ، لأن كل مشار إليه فهو محدود ؛ لأن المشار إليه لا بد أن يكون في جهة مخصوصة ، وكل ما هو في جهة فله حد وحدود ؛ أي أقطار وأطراف ، قال : ومن حده فقد عده ، أي جعله من الأشياء المحدثة ، وهذا حق ، لأن كل محدود معدود في الذوات المحدثة .

قال : ومن قال : فيم ؟ فقد ضمنه ، وهذا حق لأن من تصور أنه في شيء فقد جعله إما جسما مستترا في مكان ، أو عرضا ساريا في محل ، والمكان متضمن للتمكن ، والمحل متضمن للعرض .

Shafi 52