316

Sharhin Nahjul Balagha

شرح نهج البلاغة

Editsa

محمد عبد الكريم النمري

Mai Buga Littafi

دار الكتب العلمية

Bugun

الأولى

Shekarar Bugawa

1418 AH

Inda aka buga

بيروت

ثم قام فسكت الناس كلهم ، فقال : أيها الناس ، إن أمري لم يزل معكم على ما أحب إلى أن أخذت منكم الحرب ، وقد والله أخذت منكم وتركت ، وأخذت من عدوكم فلم تترك ، وإنها فيهم أنكى وأنهك ، ألا إني كنت أمس أمير المؤمنين فأصبحت اليوم مأمورا ، وكنت ناهيا فأصبحت منهيا ، وقد أحببتم البقاء ، وليس لي أن أحملكم على ما تكرهون . ثم قعد .

قال نصر : ثم تكلم رؤساء القبائل ، فكل قال ما يراه ويهواه ، إما من الحرب أو من السلم ، فقام كردوس بن هانئ البكري فقال : أيها الناس ، إنا والله ما تولينا معاوية منذ تبرأنا منه ، ولا تبرأنا من علي منذ توليناه ، وإن قتلانا لشهداء ، وإن أحياءنا لأبرار ؛ إن عليا لعلى بينة من ربه ، وما أحدث إلا الإنصاف ، فمن سلم له نجا ، ومن خالفه هلك . ثم قام شقيق بن ثور البكري ، فقال : أيها الناس ، إنا دعونا أهل الشام إلى كتاب الله ، فردوه علينا ، فقاتلناهم عليه ، وإنهم قد دعونا اليوم إليه ، فإن رددناه عليهم حل لهم منا ما حل لنا منهم ، ولسنا نخاف أن يحيف الله علينا ورسوله ، ألا إن عليا ليس بالراجع الناكس ، ولا الشاك الواقف ، ؛ وهو اليوم على ما كان عليه أمس ، وقد أكلتنا هذه الحرب ، ولا نرى البقاء إلا في الموادعة .

قال نصر : ثم إن أهل الشام لما أبطأ عنهم علم حال أهل العراق : هل أجابوا إلى الموادعة أم لا ؟ جزعوا فقالوا : يا معاوية ، ما نرى أهل العراق أجابوا إلى ما دعوناهم إليه ، فأعدها جذعة ، فإنك قد غمرت بدعائك القوم ، وأطمعتهم فيك .

فدعا معاوية عبد الله بن عمرو بن العاص ، فأمره أن يكلم أهل العراق ، ويستعلم له ما عندهم ، فأقبل حتى إذا كان بين الصفين نادى : يا أهل العراق ، أنا عبد الله بن عمرو بن العاص ، إنه كانت بيننا وبينكم أمور للدين أو الدنيا فإن تكن للدين فقد والله أعذرنا وأعذرتم ، وإن تكن للدنيا فقد والله أسرفنا وأسرفتم ، وقد دعوناكم إلى أمر لو دعوتمونا إليه لأجبناكم ، فإن يجمعنا وإياكم الرضا فذاك من الله . فاغتنموا هذه الفرصة ، عسى أن يعيش فيها المحترف وينسى فيها القتيل فإن بقاء المهلك بعد الهلك قليل .

فأجابه سعد بن قيس الهمداني ، فقال : أما بعد يا أهل الشام ، إنه قد كانت بيننا وبينكم أمور حامينا فيها على الدين والدنيا ، وسميتموها غدرا وسرفا ، وقد دعوتمونا اليوم إلى ما قاتلناكم عليه أمس ، ولم يكن ليرجع أهل العراق إلى عراقهم ، وأهل الشام إلى شامهم ، بأمر أجمل من أن يحكم فيه بما أنزل الله سبحانه ، فالأمر في أيدينا دونكم ، وإلا فنحن نحن وأنتم أنتم .

فقام الناس إلى علي عليه السلام ، فقالوا : أجب القوم إلى المحاكمة ، قال : ونادى إنسان من أهل الشام في جوف الليل بشعر سمعه الناس ، وهو :

رؤوس العراق أجيبوا الدعاء . . . فقد بلغت غاية الشده

وقد أودت الحرب بالعالمين . . . وأهل الحفائظ والنجده

Shafi 130