268

Sharhin Nahjul Balagha

شرح نهج البلاغة

Editsa

محمد عبد الكريم النمري

Mai Buga Littafi

دار الكتب العلمية

Bugun

الأولى

Shekarar Bugawa

1418 AH

Inda aka buga

بيروت

فرجع إلى عثمان ، فأخبره بما فعلوا . فأنفذ أبا موسى الأشعري أميرا على الكوفة ، وكتب إليهم : أما بعد ، فقد أرسلت إليكم أبا موسى الأشعري أميرا ، وأعفيتكم من سعيد ، ووالله لأفوضنكم عرضي ، ولأبذلن لكم صبري ، ولأستصلحنكم جهدي ، فلا تدعوا شيئا أحببتموه لا يعصى الله فيه إلا سألتموه ، ولا شيئا كرهتموه لا يعصى الله فيه إلا استعفيتم منه ؛ لأكون فيه عند ما أحببتم وكرهتم ، حتى لا يكون لكم على الله حجة ، والله لنصبرن كما أمرنا ، وسيجزي الله الصابرين .

قال أبو جعفر : فلما دخلت سنة خمس وثلاثين ، تكاتب أعداء عثمان وبني أمية في البلاد ، وحرض بعضهم بعضا على خلع عثمان عن الخلافة ، وعزل عماله عن الأمصار ، واتصل ذلك بعثمان ، فكتب إلى أهل الأمصار : أما بعد ، فإنه رفع إلي أن أقواما منكم يشتمهم عمالي ويضربونهم ، فمن أصابه شيء من ذلك فليواف الموسم بمكة ، فليأخذ بحقه مني أو من عمالي فإني قد استقدمتهم ، أو تصدقوا فإن الله يجزي المتصدقين .

ثم كاتب عماله واستقدمهم ، فلما قدموا عليه جمعهم ، وقال : ما شكاية الناس منكم ؟ إني لخائف أن تكونوا مصدوقا عليكم ، وما يعصب هذا الأمر إلا بي . فقالوا له : والله ما صدق من رفع إليك ولا بر ، ولا نعلم لهذا الأمر أصلا . فقال عثمان : فأشيروا علي ، فقال سعيد بن العاص : هذه أمور مصنوعة تلقى في السر فيتحدث بها الناس ، ودواء ذلك السيف .

وقال عبد الله بن سعد : خذ من الناس الذي عليهم إذا أعطيتهم الذي لهم .

وقال معاوية : الرأي حسن الأدب .

وقال عمرو بن العاص : أرى لك أن تلزم طريق صاحبيك ، فتلين في موضع اللين وتشتد في موضع الشدة .

فقال عثمان : قد سمعت ما قلتم ؛ إن الأمر الذي يخاف على هذه الأمة كائن لا بد منه ، وإن بابه الذي يغلق عليه ليفتحن ؛ فكفكفوهم باللين والمداراة إلا في حدود الله ، فقد علم الله أني لم آل الناس خيرا ، وإن رحا الفتنة لدائرة ، فطوبى لعثمان إن مات ولم يحركها ! سكنوا الناس وهبوا لهم حقوقهم ، فإذا تعوطيت حقوق الله فلا تدهنوا فيها .

ثم نفر فقدم المدينة ، فدعا عليا وطلحة والزبير ، فحضروا وعنده معاوية ، فسكت عثمان ولم يتكلم ، وتكلم معاوية ، فحمد الله ، وقال : أنتم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخيرته من خلقه ، وولاة أمر هذه الأمة ، لا يطمع فيه أحد غيركم ، اخترتم صاحبكم عن غير غلبة ولا طمع ؛ وقد كبر وولى عمره ؛ فلو انتظرتم به الهرم كان قريبا ؛ مع أني أرجو أن يكون أكرم على الله أن يبلغه ذلك ، وقد فشت مقالة خفتها عليكم ، فما عبتم فيه من شيء فهذه يدي لكم به رهنا ، فلا تطمعوا الناس في أمركم ، فوالله إن أطمعتموهم لا رأيتم أبدا منها إلا إدبارا .

Shafi 82