207

Sharhin Nahjul Balagha

شرح نهج البلاغة

Editsa

محمد عبد الكريم النمري

Mai Buga Littafi

دار الكتب العلمية

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

1418 AH

Inda aka buga

بيروت

قال المغيرة : فما منعك منها يا أمير المؤمنين ، وقد عرضك لها يوم السقيفة بدعائك إليها ! ثم أنت الآن تنقم وتتأسف . قال : ثكلتك أمك يا مغيرة ! إني كنت لأعدك من دهاة العرب ، كأنك كنت غائبا عما هناك ! إن الرجل ماكرني فماكرته ، وألفاني احذر من قطاة ، إنه لما رأى شغف الناس به ، وإقبالهم بوجوههم عليه ، أيقن أنهم لا يريدون به بدلا ، فأحب لما رأى من حرص الناس عليه ، وميلهم إليه أن يعلم ما عندي ، وهل تنازعني نفسي إليها ؟ وأحب أن يبلوني بإطماعي فيها ، والتعريض لي بها ، وقد علم وعلمت لو قبلت ما عرضه علي ، لم يجب الناس إلى ذلك ، فألفاني قائما على إخمصي مستوفزا حذرا ، ولو أجبته إلى قبولها لم يسلم الناس إلي ذلك ، واختبأها ضغنا علي في قلبه ، ولم آمن غائله ولو بعد حين مع ما بدا لي من كراهة الناس لي ، أما سمعت نداءهم من كل ناحية من كل ناحية عند عرضها علي : لا نريد سواك يا أبا بكر ، أنت لها ! فرددتها إليه عند ذلك ؛ فلقد رأيته التمع وجهه لذلك سرورا . ولقد عاتبني مرة على الكلام بلغه عني ، وذلك لما قدم عليه بالأشعث أسيرا ، فمن عليه وأطلقه ، وزوجه أخته أم فروة ، فقلت للأشعث وهو قاعد بين يديه : يا عدو الله ، أكفرت بعد إسلامك ، وارتددت ناكصا على عقبيك ! فنظر إلي نظرا علمت أنه يريد يكلمني بكلام في نفسه ، ثم لقيني بعد ذلك في سكك المدينة ، فقال لي : أنت صاحب الكلام يابن الخطاب ؟ فقلت : نعم يا عدو الله ؛ ولك عندي شر من ذلك ، فقال : بئس الجزاء هذا لي منك ! قلت : وعلام تريد مني حسن الجزاء ؟ قال : لأنفتي لك من اتباع هذا الرجل ، والله ما جرأني على الخلاف عليه إلا تقدمه عليك ، وتخلفك عنها ، ولو كنت صاحبها لما رأيت مني خلافا عليك . قلت : لقد كان ذلك ، فما تأمر الآن ؟ قال : إنه ليس بوقت أمر بل وقت صبر ، ومضى ومضيت . ولقي الأشعث الزبرقان بن بدر فذكر له ما جرى بيني وبينه ، فنقل ذلك إلى أبي بكر ؛ فأرسل إلي بعتاب مؤلم ، فأرسلت إليه : أما والله لتكفن أو لأقولن كلمة بالغة بي وبك في الناس ، تحملها الركبان حيث ساروا ، وإن شئت استدمنا ما نحن فيه عفوا ، فقال : بل نستديمه ، وإنها لصائرة إليك بعد أيام ، فظننت أنه لا يأتي عليه جمعة حتى يردها علي ، فتغافل ، والله ما ذاكرني بعد ذلك حرفا حتى هلك .

ولقد مد في أمدها عاضا على نواجذه حتى حضره الموت ، وأيس منها فكان منه ما رأيتما ، فاكتما ما قلت لكما عن الناس كافة وعن بني هاشم خاصة ، وليكن منكما بحيث أمرتكما . قومكا إذا شئتما على بركة الله . فقمنا ونحن نعجب من قوله ، فوالله ما أفشينا سره حتى هلك .

قال المرتضى : وليس في طعن عمر على أبي بكر ما يؤدي إلى فساد خلافته ، إذ له أن يثبت إمامة نفسه بالإجماع ، لا ينص أبي بكر عليه . وأما الفلتة فإنها وإن كانت محتملة للبغتة كما قاله أبو علي رحمه الله تعالى ؛ إلا أن قوله : وقى الله شرها ، يخصصها بأن مخرجها مخرج الذم . وكذلك قوله : فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه ، وقوله : المراد وقى الله شر الاختلاف فيها ، عدول عن الظاهر ؛ لأن الشر في الكلام مضاف إليها دون غيرها . وأبعد من هذا التأويل قوله : إن المراد من عاد إلى مثلها من غير ضرورة وأكره المسلمين عليها فاقتلوه ؛ لأن ما جرى هذا المجرى لا يمون مثلا لبيعة أبي بكر عندهم ؛ لأن كل ذلك ما جرى فيها على مذاهبهم ، وقد كان يجب على هذا أن يقول : فمن عاد فاقتلوه .

Shafi 21