Sharhin Nahjul Balagha

Ibn Abi al-Hadid d. 656 AH
160

Sharhin Nahjul Balagha

شرح نهج البلاغة

Bincike

محمد عبد الكريم النمري

Mai Buga Littafi

دار الكتب العلمية

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

1418 AH

Inda aka buga

بيروت

ويمكن أن يقول قائل : هذا الكلام لا يدل على صحة القول بعذاب القبر ؛ لجواز أن يعني بمعاينة من قد مات ، ما يشاهده المحتضر من الحالة الدالة على السعادة أو الشقاوة ، فقد جاء في الخبر : ' لا يموت امرؤ حتى يعلم مصيره ، هل هو إلى الجنة إم إلى النار ' . ويمكن أن يعني به ما يعاينه المحتضر من ملك الموت وهول قدومه . ويمكن أن يعني به ما كان عليه السلام يقوله عن نفسه : إنه لا يموت ميت حتى يشاهده عليه السلام حاضرا عنده . والشيعة تذهب إلى هذا القول وتعتقده ، وتروي عنه عليه السلام شعرا للحارث الأعور الهمداني :

يا حار همدان من يمت يرني . . . من مؤمن أو منافق قبلا

يعرفني طرفه وأعرفه . . . بعينه واسمه وما فعلا

أقول للنار وهي توقد لل . . . عرض ذريه لا تقربي الرجلا

ذريه لا تقربيه إن له . . . حبلا بحبل الوصي متصلا

وأنت يا حار إن تمت ترني . . . فلا تخف عثرة ولا زللا

أسقيك من بارد على ظمأ . . . تخاله في الحلاوة العسلا

وليس هذا بمنكر ؛ إن صح أنه عليه السلام قاله عن نفسه ، ففي الكتاب العزيز ما يدل على أن أهل الكتاب لا يموت منهم ميت حتى يصدق بعيسى بن مريم عليه السلام ، وذلك قوله : ' وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا ' ؛ قال كثير من المفسرين : معنى ذلك أن كل ميت من اليهود وغيرهم من أهل الكتاب السالفة إذا احتضر رأى المسيح عيسى عنده ، فيصدق به من لم يكن في أوقات التكليف مصدقا به .

وشبيه بقوله عليه السلام : ' لو عاينتم ما عاين من مات قبلكم ' قول أبي حازم لسليمان بن عبد الملك في كلام يعظه به : إن آباؤك ابتزوا هذا الأمر من غير مشورة ، ثم ماتوا ، فلو علمت ما قالوا وما قيل لهم ! فقيل : إنه بكى حتى سقط .

ومن خطبة له في موعظة الناس

الأصل : فإن الغاية أمامكم ، وإن وراءكم الساعة تحدوكم .

تخففوا تلحقوا ، فإنما ينتظر بأولكم آخركم .

قال الرضي رحمه الله : أقول : إن هذا الكلام لو وزن بعد كلام الله سبحانه ، وبعد كلام رسول الله صلى الله عليه وآله بكل كلام لمال به راجحا ، وبرز عليه سابقا .

فأما قوله عليه السلام : تخففوا تلحقوا ، فما سمع كلام أقل منه مسموعا ولا أكثر محصولا ، وما أبعد غورها من كلمة ! وأنقع نطفتها من حكمة ! وقد نبهنا في كتاب الخصائص على عظم قدرها ، وشرف جوهرها .

Shafi 180