73

Sharhin Mukhtasar Rawda

شرح مختصر الروضة

Bincike

عبد الله بن عبد المحسن التركي

Mai Buga Littafi

مؤسسة الرسالة

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ــ هَذَانِ تَعْرِيفَانِ لِلْأَصْلِ، فَالْأَوَّلُ ذَكَرَهُ فِي «الْحَاصِلِ»، وَالثَّانِي هُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْآمِدِيِّ: أَصْلُ كُلِّ شَيْءٍ: مَا يَسْتَنِدُ تَحَقُّقُ ذَلِكَ الشَّيْءِ إِلَيْهِ، وَزَادَ فِي غَيْرِ «الْمُنْتَهَى»: مِنْ غَيْرِ تَأْثِيرٍ احْتِرَازًا مِنَ اسْتِنَادِ الْمُمْكِنِ إِلَى الْمُؤَثِّرِ، مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ أَصْلًا لَهُ. وَالتَّعْرِيفُ الثَّانِي أَعَمُّ مِنَ الْأَوَّلِ، لِأَنَّ مَا كَانَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَيْهِ فِي وُجُودِهِ، وَلَيْسَ كُلُّ مُسْتَنِدٍ فِي وُجُودِهِ إِلَى شَيْءٍ يَكُونُ مِنْهُ. قَوْلُهُ: «وَلَا شَكَّ أَنَّ الْفِقْهَ مُسْتَمَدٌّ مِنْ أَدِلَّتِهِ، وَمُسْتَنِدٌ فِي تَحَقُّقِ وَجُودِهِ إِلَيْهَا» . هَذَا بَيَانٌ وَتَقْرِيرٌ لِكَوْنِ التَّعْرِيفَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ مُتَطَابِقَيْنِ لِلْمُعَرَّفِ بِهِمَا، وَهُوَ الْأَصْلُ، لِأَنَّ الْفِقْهَ يُسْتَمِدُّ مِنْ أَدِلَّتِهِ، بِمَعْنَى أَنَّهَا مَادَّةٌ لَهُ بِاعْتِبَارِ جِنْسِ الْمَعْنَى، لَا بِاعْتِبَارِ خُصُوصِ تَرْكِيبِ الْأَلْفَاظِ، فَقَوْلُنَا: الْمَاءُ الْبَاقِي عَلَى إِطْلَاقِهِ طَهُورٌ، سَوَاءٌ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، أَوْ نَبَعَ مِنَ الْأَرْضِ، هُوَ مُسْتَمَدٌّ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾ [الْفَرْقَانِ: ٤٨]، ﴿وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ﴾ [الْأَنْفَالِ: ١١]، لِأَنَّ مَعْنَاهَا وَاحِدٌ، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ تَرَاكِيبُ الصِّيَغِ، لَكِنَّ الْأَلْفَاظَ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ لِذَاتِهَا، بَلْ لِإِظْهَارِ الْمَعَانِي. فَعَلَى هَذَا «مِنْ» فِي قَوْلِهِ: مَا مِنْهُ الشَّيْءُ: لِلتَّبْعِيضِ، أَيْ: مَا بَعْضُهُ الشَّيْءُ، وَالْفَرْعُ بَعْضُ أَصْلِهِ، كَالْوَلَدِ مِنَ الْوَالِدِ، وَالْغُصْنُ مِنَ الشَّجَرَةِ، وَقَدْ بَيَّنَّا: أَنَّ الْفِقْهَ مُقْتَطَعٌ مِنْ أَدِلَّتِهِ اقْتِطَاعَ الْوَلَدِ مِنَ الْوَالِدِ، وَالْغُصْنِ مِنَ الشَّجَرَةِ، أَوْ نَحْوَهُ. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ «مِنْ» فِيهِ: لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ، عَلَى مَعْنَى أَنَّ أَدِلَّةَ الْفِقْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَالْقِيَاسِ وَنَحْوِهَا، هِيَ مَبْدَأُ ظُهُورِهِ، وَمِنْهَا ابْتِدَاءُ بَيَانِهِ، وَهَذَا أَظْهَرُ الْمَعْنَيَيْنِ فِي «مِنْ»، وَكَذَلِكَ بِالنَّظَرِ إِلَى التَّعْرِيفِ الثَّانِي،

1 / 124