236

Sharhin Mukhtasar Rawda

شرح مختصر الروضة

Editsa

عبد الله بن عبد المحسن التركي

Mai Buga Littafi

مؤسسة الرسالة

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَمِثَالٍ. وَكَذَلِكَ ابْنُ جِنِّي فِي «اللُّمَعِ» وَغَيْرُهُ فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا، فَكَأَنَّهُمْ يَرَوْنَ جَوَازَ الْجَمْعِ فِي الْإِبَاحَةِ دُونَ التَّخْيِيرِ.
قُلْتُ: وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِلْقَرِينَةِ الْعُرْفِيَّةِ كَمَا ذَكَرْتُ، فَإِنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ السَّمَكِ وَاللَّبَنِ فِي الْأَكْلِ مُضِرٌّ مَذْمُومٌ مِنْ جِهَةِ الطِّبِّ، بِخِلَافِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ فِي الْمُجَالَسَةِ، فَلِذَلِكَ فَهِمُوا الْفَرْقَ، لَا لِمَعْنًى خَاصٍّ بِالتَّخْيِيرِ دُونَ الْإِبَاحَةِ.
وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي «مُشْكِلِ الْقُرْآنِ»: «أَوْ» تَأْتِي لِلشَّكِّ نَحْوَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ أَوْ مُحَمَّدًا، وَتَكُونُ لِلتَّخْيِيرِ، كَمَا فِي آيَةِ الْكَفَّارَةِ، وَفِدْيَةِ الْحَلْقِ، وَتَلَاهُمَا.
قُلْتُ: وَقَدْ لَاحَ مِنْ كَلَامِ الْجَوْهَرِيِّ وَغَيْرِهِ الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِبَاحَةِ وَالتَّخْيِيرِ، وَبَقِيَّةُ مَعَانِي «أَوْ»، وَأَنَّ الْإِبَاحَةَ وَالتَّخْيِيرَ، فِي الطَّلَبِ، وَالشَّكِّ وَالْإِبْهَامِ وَالتَّنْوِيعِ، فِي الْخَبَرِ. وَصَرَّحَ الْقَرَافِيُّ بِهَذَا الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا.
قُلْتُ: وَقَدْ ذَكَرَ أَهْلُ اللُّغَةِ، أَنَّ «أَوْ» جَاءَتْ عَلَى غَيْرِ بَابِهَا فِي اقْتِضَائِهَا أَحَدَ الشَّيْئَيْنِ فِي مَوَاضِعَ مُتَعَدِّدَةٍ، نَذْكُرُ مِنْهَا مَا تَيَسَّرَ، وَنُبَيِّنُ أَنَّهَا جَارِيَةٌ عَلَى مُقْتَضَى «أَوْ» فِي أَصْلِ الْبَابِ، وَأَنَّ خِلَافَ ذَلِكَ إِمَّا تَسَامُحٌ، أَوْ وَهْمٌ مِمَّنْ قَالَهُ.
وَقَدْ قَالَ ابْنُ جِنِّي فِي «اللُّمَعِ» - وَهُوَ مِنْ فُحُولِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَأَئِمَّتِهِمْ -: وَأَيْنَ وَقَعَتْ «أَوْ» فَهِيَ لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ. وَكَذَلِكَ حَكَى الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى فِي «الْعُدَّةِ» عَنْ أَحْمَدَ ﵀. وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ الْمُخْتَارُ، وَهُوَ حَمْلُ أَلْفَاظِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى مُقْتَضَيَاتِهَا الظَّاهِرَةِ الْمَشْهُورَةِ فِي عُرْفِ أَهْلِ اللُّغَةِ، مَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ مَانِعٌ قَاطِعٌ أَوْ رَاجِحٌ، وَلَا يَتَسَارَعُ إِلَى تَحْرِيفِهَا عَنْ مَوْضُوعَاتِهَا بِأَدْنَى احْتِمَالٍ، فَمِنَ الْمَوَاضِعِ

1 / 287