Sharhin Mukhtasar Rawda
شرح مختصر الروضة
Editsa
عبد الله بن عبد المحسن التركي
Mai Buga Littafi
مؤسسة الرسالة
Bugun
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا، قُلْنَا: قَوْلُكُمْ: الْكَافِرُ يَخْرُجُ مِنْ عُهْدَةِ الْمَنْهِيِّ بِتَرْكِهِ، فَيَصِحُّ تَكْلِيفُهُ. إِنْ عَنَيْتُمْ أَنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ عُهْدَةِ الْعَدْلِ، كَالْغَرَامَاتِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى الْمَنَاهِي، فَهَذَا لَيْسَ مِنْ بَابِ التَّكْلِيفِ، بَلْ مِنْ بَابِ الْعَدْلِ، وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ.
وَإِنْ عَنَيْتُمْ أَنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ عُهْدَةِ أَذًى يَلْحَقُهُ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ، فِي نَفْسٍ أَوْ مَالٍ أَوْ عِرْضٍ، فَهَذَا مِنْ بَابِ الْجُبْنِ أَوِ الْعَفَافِ الْعُرْفِيِّ.
وَإِنْ عَنَيْتُمْ أَنَّهُ تَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ الْمُتَّقِينَ، وَمَنْ نَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى، فَهَذَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةِ التَّقَرُّبِ، وَلَا نِيَّةَ لِكَافِرٍ، بِحَيْثُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الثَّوَابُ الشَّرْعِيُّ، فَهَذَا تَقْرِيرُ قَوْلِهِ: «وَالتَّكْلِيفُ بِالْمَنَاهِي يَسْتَدْعِي نِيَّةَ التَّرْكِ تَقَرُّبًا، وَلَا نِيَّةَ لِكَافِرٍ» .
فُرُوعٌ:
أَحَدُهَا: أَنَّ الْجِهَادَ خَاصٌّ بِالْمُؤْمِنِينَ، فَقِيلَ: لَمْ يُكَلَّفُ بِهِ الْكُفَّارُ بِالْأَصَالَةِ، لِعَدَمِ حُصُولِ مَصْلَحَتِهِ مِنْهُمْ، لِأَنَّ اللَّهَ ﷾ حَيْثُ أَمَرَ بِالْجِهَادِ لَمْ يُعَيِّنِ الْكُفَّارَ، وَلَمْ يَذْكُرْ صِيغَةً يَنْدَرِجُونَ فِيهَا، بَلْ قَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ﴾ [التَّوْبَةِ: ٧٢]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا﴾ [التَّوْبَةِ: ١٢٣]، اللَّهُمَّ إِلَّا عُمُومَاتٍ بَعِيدَةً، نَحْوَ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ﴾ [الْحَجِّ: ١]، وَمِنَ التَّقْوَى فِعْلُ الْمَأْمُورِ، وَمِنَ الْمَأْمُورِ الْجِهَادٌ، فَتَتَنَاوَلُهُمْ هَذِهِ الْعُمُومَاتُ عَلَى بُعْدِهَا، وَهُوَ أَصَحُّ طَرْدًا لِحُكْمِ الْمَسْأَلَةِ فِي جَمِيعِ الْفُرُوعِ مِنْ غَيْرِ اسْتِثْنَاءِ شَيْءٍ مِنْهَا.
وَأَمَّا عَدَمُ حُصُولِ مَصْلَحَةِ الْجِهَادِ مِنْهُمْ، فَهُوَ مَصْلَحَةُ الصَّلَاةِ لَا تَحْصُلُ
1 / 217