153

Sharhin Mukhtasar Rawda

شرح مختصر الروضة

Bincike

عبد الله بن عبد المحسن التركي

Mai Buga Littafi

مؤسسة الرسالة

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بِذِكْرِهَا، فَحَظُّهَا مِنَ الزِّنَى أَوْفَرُ، وَلِهَذَا أَخَّرَهَا فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ﴾ [الْمَائِدَةِ: ٣٨]، لِمَا كَانَ حَظُّ الرَّجُلِ مِنَ السَّرِقَةِ أَوْفَرُ.
وَأَمَّا انْتِشَارُ الْآلَةِ، فَإِنَّمَا حَصَلَ بَعْدَ الْإِكْرَاهِ، وَهُوَ أَمْرٌ طَبِيعِيٌّ لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ، وَلَيْسَ حَدُّ الزَّانِي الْمُخْتَارِ عَلَى انْتِشَارِ آلَتِهِ، بَلْ عَلَى إِقْدَامِهِ بِاخْتِيَارِهِ عَلَى الزِّنَى. فَلَعَلَّ هَذَا لَوْ لَمْ يُكْرَهْ لَمْ يُقْدِمْ عَلَى الزِّنَى.
وَالْمُخْتَارُ فِيهِمَا، أَنْ لَا يَتَرَتَّبَ عَلَى أَفْعَالِهِمَا حُكْمٌ تَكْلِيفِيٌّ، لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمَا، إِلَّا مَا قَامَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ يَثْبُتُ ذَلِكَ الْحُكْمُ بِمِثْلِهِ، فَيَكُونُ ثُبُوتُ الْحُكْمِ حِينَئِذٍ وَضْعِيًّا سَبَبِيًّا.
أَمَّا الْمُكْرَهُ عَلَى الْقَتْلِ، فَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ يَخْرُجُ بِهِ عَنْ حَدِّ الْإِكْرَاهِ، فَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِهِ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُقْتَلَانِ جَمِيعًا، الْمُكْرَهُ الْحَامِلُ لِتَسَبُّبِهِ، وَالْقَاتِلُ لِمُبَاشَرَتِهِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا قِصَاصَ عَلَيْهِمَا، لِأَنَّ الْقَاتِلَ مُلْجَأٌ، وَالْحَامِلَ مُتَسَبِّبٌ غَيْرُ مُبَاشِرٍ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ: يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الْمُكْرَهِ الْحَامِلِ، لِأَنَّ الْقَتْلَ فَعَلَهُ بِالْإِكْرَاهِ بِوَاسِطَةِ الْقَاتِلِ، وَالْقَاتِلُ كَالْآلَةِ.
وَمَذْهَبُ أَحْمَدَ: يَجِبُ عَلَى الْقَاتِلِ لِمُبَاشَرَتِهِ دُونَ الْحَامِلِ، فَجَعَلُوهُ مِنْ بَابِ اجْتِمَاعِ السَّبَبِ وَالْمُبَاشَرَةِ، وَهُوَ أَيْضًا مُوَافِقٌ لِمَسْأَلَةِ الْأَصْلِ فِي أَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

1 / 204