Sharh Mukhtasar Al-Sarim Al-Maslul - Muhammad Hasan Abd Al-Ghaffar
شرح مختصر الصارم المسلول - محمد حسن عبد الغفار
Nau'ikan
حكم من سب الصحابة باللعن والتقبيح
أما القسم الثاني: وهو أن يسبهم ويلعنهم بالتقبيح لكن لا يتهمهم بالكفر، كأن يقول: لعنة الله على ذلك الصعلوك وهو يقصد بذلك -والعياذ بالله- قول النبي ﷺ (أما معاوية فصعلوك)، فمن لعن الصحابة أو سبهم فهل يكفر أم لا؟ قولان عند أهل العلم: القول الأول: أنه يكفر، فيخرج من الملة لعظم مكانة صحابة رسول الله من رسول الله ﷺ.
والقول الثاني وهو قول جماهير أهل العلم: إنه يستحق التفسيق والتأديب والتعزير والتبديع بذلك، لكنه لا يكفر، والتعزير يكون من قبل ولي الأمر.
وتفصيل القولين فيما يلي: القول الأول: يكفر، فما هي وجهة الكفر هنا؟ فهم ما كفروهم بل سبوهم فقالوا: أبوه كذا وأمه كذا، وهو كذا، أو لعنة الله على فلان وفلان وأبيه وأمه، وهذا فيه تكذيب لله، الذي أنزل عدالتهم وهم لا يعدلونهم، فهؤلاء ما طعنوا فيهم، بل دعوا عليهم بالشر، ونحو: اللهم أهلكهم، اللهم اطردهم من رحمتك، وهذا هو الكفر باللازم، فالقاعدة عند أهل السنة والجماعة أن لازم القول ليس بقول، فلا يحكم على صاحبه بالكفر حتى يقر هو به.
ووجهة نظر الذين كفروهم هي: أن من سب صحابة رسول الله فقد آذى رسول الله، ومن آذى رسول الله فقد كفر، قال: (فبحبي أحبوهم وببغضي أبغضوهم).
فالنبي ﷺ بين كثيرًا النهي عن عدم إيذاءه في أصحابه فقال: (لا تسبوا أصحابي) وعند ما قال لـ عمر: (هلا تركتم لي صاحبي، لا تؤذوني في أصحابي) فهذا إيذاء للنبي ﷺ بطريق لازم القول، وقد قيل: لا تسأل عن المرء، وسل عن خليله، فكيف يصاحب النبي ﷺ رجلًا ملعونًا؟ فلعن الصحابة أو سبهم إيذاء للنبي ﷺ بل انتقاص من قدره ﷺ من باب اللزوم.
ولازم القول ليس بقول حتى يقر به، فمن لعن أصحاب رسول الله ﷺ فقد آذى رسول الله وانتقص من قدره ﷺ، ولازم هذا القول يعتبر قولًا إن أقروا به، فإن لم يقصدوا إيذاء رسول الله، ولا الانتقاص من قدره، فيعتبر هذا فسقًا، وصاحبه على شفير هلكة.
وهذا هو الراجح الصحيح.
8 / 6