296

Sharhin Mishkat

شرح الطيبي على مشكاة المصابيح المسمى ب (الكاشف عن حقائق السنن)

Editsa

د. عبد الحميد هنداوي

Mai Buga Littafi

مكتبة نزار مصطفى الباز مكة المكرمة

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

Inda aka buga

الرياض

Nau'ikan

٢٦٠ - وعنه، أن النبي ﷺ قال: «منهومان لا يشبعان: منهوم في العلم لا يشبع منه، ومنهوم في الدنيا لا يشبع منها». ورى البيهقي الأحاديث الثلاثة في «شعب
ــ
وأقول: «من» الاستفهامية مبتدأ، و«أجود» خبره، و«جودا» تمييز مزال عن الأصل فيه وجهان: أحدهما أن أجود أفعل من الجودة، أي أحسن جودًا وأبلغه. وثانيهما من جود الكرم، أي من الذي جوده أجود؟ فيكون إسنادًا مجازيًا، كما في قولك: جد جده. أو استعارة مكنية شبه جوده بإنسان يصدر منه الجود، ثم خيل أنه إنسان جواد بعينه، ثم نسب إليه ما يلازمه من الجود مبالغة لكماله في صاحبه، وعليه قوله تعالى: ﴿يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية﴾ الضمير في «أشد» للخشية، لا للناس؛ لأن أفعل إذا نصب ما بعده كان غير الذي قبله، كقولك: زيد أفره عبدًا، فالفراهة للعبد لا للزيد، والضمير في «أجود» راجع إلى «بني آدم» على تأويل الإنسان، أو للجود.
وقوله: «أميرًا وحده» أي وحده كالجماعة فيها أمير مأمور، نحو قوله في الرواية الأخرى: قال الله تعالى: ﴿إن إبراهيم كان أمة قانتًا﴾ أي كان وحده بمنزلة الجماعة مجتمعة على أمر عظيم، يقتدون عظيمًا، لحيازته الكمال والأخلاق الحميدة، وأنشد:
وليس من الله بمستنكر أن يجمع العالم في واحد
قال ابن مسعود: إن معاذا كان أمة قانتًا لله، فقيل له: ذاك إبراهيم؟ فقال؟ الأمة الذي يعلم الخير. وروى عمر ﵁ أن النبي ﷺ قال: ﴿معاذ أمة قانت لله، ليس بينه وبين الله تعالى يوم القيامة إلا المرسلون﴾. انظر إلى هذه الكريمة كيف جعلت العالم الثاني المرسلين في هذا الحديث، ورابع أربعة فيما نحن بصدده: الله ﷿، وحبيبه، وخليله صلوات الله عليهما و«بعدي» يحتمل البعد في المرتبة، وفي الزمان، والأول أظهر. ونشر العلم يعم التدريس، والتصنيف، وترغيب الناس فيه.
الحديث الثاني عشر عن أنس: قوله: «منهومان» «نه»: النهمة بلوغ الهمة في الشيء، وفي الحديث: «إذا قضى أحدكم نهمته من سفره فليعجل إلى أهله» ومنه النهم من الجوع. أقول: إن ذهب في الحديث إلى الأصل كان «لا يشبعان» استعارة لعدم انتهاء حرصهما، وإن ذهب إلى الفرع يكون تشبيهًا لبيانه بقوله: «منهوم في العلم»، جعل أفراد المنهوم ثلاثة: أحدها المعروف، وهو المنهوم من الجوع، والآخرين من العلم والدنيا، وجعلهما أبلغ من المتعارف، ولعمري إنه كذلك، وإن كان المحمود منهما هو العلم، ومن ثم أمر الله تعالى حبيبه ﷺ بقوله: ﴿قل رب

2 / 708