286

Sharhin Maqasid a Ilmin Kalam

شرح المقاصد في علم الكلام

Mai Buga Littafi

دار المعارف النعمانية

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

1401هـ - 1981م

Inda aka buga

باكستان

الرابع احتمال أن لا يكون لغرض التصديق إما لانتفاء الغرض في فعله على ما هو المذهب وإما لثبوت غرض آخر مثل أن يكون لطفا بمكلف أو إجابة لدعوته أو معجزة لنبي آخر أو ابتلاء للعبد لينال الثواب بالتوقف عن موجبه أو النظر والاجتهاد في دفعه كما في إنزال المتشابه أو إضلالا للخلق على ما هو المذهب عندكم من أن الله يضل من يشاء من عباده وبعد تسليم انتفاء الاحتمالات وكون المعجزة بمنزلة صريح القول من الله تعالى بأن المدعي صادق فهو لا يوجب صدقة إلا بعد استحالة الكذب في اخبار الله تعالى ولا سبيل إلى ذلك بدليل السمع للزوم الدور ولا بدليل العقل لأن غايته أن الكذب قبيح وهو على الله تعالى مستحيل وثبوت المقدمتين بغير دليل السمع في حيز المنع فالجواب إجمالا أن الاحتمالات والتجويزات العقلية لا تنافي العلوم العادية الضرورية القطعية فنحن نقطع بحصول العلم بالصدق عقيب ظهور المعجزة من غير التفات إلى ما ذكر من الاحتمالات لا بالنفي ولا بالإثبات كما يحصل في المثال المذكور وإن كان الملك ظلوما غشوما كذوبا لا يبالي بإغواء رعيته والاستهزاء برسله وتفصيلا أولا أنا بينا أن لا مؤثر في الوجود إلا الله وحده سيما في مثل إحياء الموتى وانقلاب العصا حية وانشقاق القمر وسلام الحجر والمدر على أن مجرد التمكين وترك الدفع من قبل الحكيم القادر المختار كاف في إفادة المطلوب ولهذا ذهب المعتزلة إلى أن المعجزة تكون فعلا لله تعالى أو واقعا بأمره أو بتمكينه وثانيا أن كلامنا فيما حصل الجزم بأنه خارق للعادة وأن المتحدين عجزوا عن معارضته مع كونهم أحق بها إن أمكنت لكثرة اشتغالهم بما يناسب ذلك وكما لهم فيه وفرط اهتمامهم بالمعارضة وتوفر دواعيهم ولهذا كانت معجزة كل نبي من جنس ما غلب على أهل زمانه وتهالكوا عليه وتفاخروا به كالسحر في زمن موسى عليه السلام والطب في زمن عيسى والموسيقى في زمن داود والفصاحة في زمن محمد صلى الله عليه وسلم وثالثا أنه لا خفاء ولا خلاف في ترتب الغايات والآثار على بعض أفعاله وإن لم يجعلها إعراضا له على أنا لا نقول أنه فعل المعجزة لغرض التصديق بل أنها دلت على تصديق من الله تعالى قائم بذاته سواء جعل من جنس العلم أو كلام النفس أو غيرهما ورابعا أن ظهور المعجزة على يد الكاذب لأي غرض فرض وإن جاز عقلا بناء على شمول قدرة الله فهو ممتنع عادة معلوم الانتفاء قطعا كما هو حكم سائر العاديات وهذا ما قام القاضي ان اقتران ظهور المعجزة بالصدق أحد العاديات فإذا جوزنا انحرافها عن مجراها جاز إخلاء المعجزة عن اعتقاد الصدق وحينئذ يجوز إظهاره على يد الكاذب وأما بدون ذلك فلا لاستحالة العلم بصدق الكاذب ومنا من قال باستحالته عقلا فالشيخ لإفضائه إلى التعجيز عن إقامة الدلالة على صدق دعوى الرسالة والإمام وكثير من المتكلمين لأن الصدق مدلول بها لازم بمنزلة العلم لإتقان الفعل فلو ظهرت من الكاذب لزم كونه صادقا كاذبا وهو محال والماتريدية لإيجابه التسوية بين الصادق والكاذب وعدم التفرقة بين النبي والمتنبي وهو سفه لا يليق بالحكيم وخامسا أن مجرد إظهار المعجزة على يده يفيدنا العلم بصدقه وبتصديق الله إياه من غير افتقار إلى اعتبار كلام وإخبار ومن هنا يصح التمسك بخبر النبي في إثبات الكلام وامتناع الكذب والنقص على ما مر وإلى هذا يشير ما قال إمام الحرمين إنا نجعل إظهار المعجزة تصديقا بمنزلة أن يقول جعلته رسولا وأنشأت الرسالة فيه كقولك جعلتك وكيلا واستنبتك لشاني من غير قصد إلى إخبار وإعلام بما ثبت ومحصوله أنه يعتبر القول فيه إنشاء لا إخبارا وأما لو تم لنا نفي الكذب عنه بغير خبر النبي على ما سبق فلا إشكال قال خاتمة لا خفاء في ثبوت النبوة بخلق العلم الضروري كعلم الصديق رضي الله تعالى عنه وبخبر من ثبتت عصمته عن الكذب كنصوص التوراة والإنجيل في نبوة نبينا عليه السلام وكإخبار موسى عليه السلام بنبوة هارون وكالب ويوشع عليهم السلام فيما ذكر أمام الحرمين من أنه لا يمكن نصب دليل على النبوة سوى المعجزة لأن ما يقدر دليلا إن لم يكن خارقا للعادة أو كان خارقا ولم يكن مقرونا بالدعوى لم يصلح دليلا للاتفاق على جواز وقوع الخوارق من الله تعالى ابتداء محمول على ما يصلح دليلا للنبوة على الإطلاق وحجة على المنكرين بالنسبة إلى كل نبي حتى الذي لا نبي قبله ولا كتاب وأما ما سيأتي من الاستدلال على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم بما شاع من أخلاقه وأحواله فعائد إلى المعجزة على ما تبين إن شاء الله تعالى قال المبحث الثالث في طريقة الفلاسفة هم يقرون بالاحتياج إلى النبي والشريعة وبثبوت المعجزة لكن يقررون ذلك على وجه لايوافق ما علم بالضرورة من الدين أما تقريرهم في الاحتياج إلى النبي فهو أن الإنسان مدني بالطبع أي محتاج في تعيشه إلى التمدن وهو اجتماعه مع بني نوعه للتعاون والتشارك في تحصيل ما يحتاجون إليه من الغذاء الموافق واللباس الواقي من الحر والبرد والمسكن الملائم بحسب الفصول المختلفة والسلاح الحامي عن السباع والأعداء فإن كل ذلك مما يحصل بالصناعات ولا يمكن للإنسان الواحد القيام بجميعها بل لا بد من أن يخبز هذا لذلك وذلك يخيط آخر وآخر يتخذ الإبرة له إلى غير ذلك من المصالح التي لا بقاء للنوع بدونها ثم ذلك التعاون والتشارك لا يتم إلا بمعاملات فيما بينهم وبمعاوضات ولا ينتظم إلا بقانون متفق عليه مبني على العدل والإنصاف ضابط لما لا حصر له من الجزئيات لئلا يقع الجور فيختل أمر النظام لما جبل عليه كل أحد من أنه يشتهي ما يحتاج إليه ويغضب على من يزاحمه وذلك القانون هو الشرع ولا بد له من شارع يقرره على ما ينبغي متميزا عن الآخرين بخصوصية فيه من قبل خالق الكل واستحقاق طاعة وانقياد وإلا لما قبلوه ولم ينقادوا له وأن يكون إنسانا يخاطبهم ويلزمهم المعاملة على وفق ذلك القانون ويراجعونه في مواضع الاحتياج ومظان الاشتباه فتلك الخصوصية هي البعثة والنبوة وذلك الإنسان الشارع لقوانين المعاملات فيما بينهم والسياسات في حق من يخرج من مصالح البقاء هو النبي فلا بد من أمر مختص يدل على أن شريعته من عند ربه ويقتضي لمن وقف عليه أن يقر بنبوته وينقاد له وهو المعجزة قالوا وهذا الإنسان هو الذي يجتمع فيه خواص ثلاث هي الاطلاع على المغيبات وظهور خوارق العادات ومشاهدة الملك مع سماع كلامه ومعنى ذلك على ما شرحه في الشفاء وغيره أنه يكون كاملا في قوته النفسانية أعني الإنسانية والحيوانية المدركة والمحركة بمعنى أن نفسه القدسية بصفاء جوهرها وشدة اتصالها بالمبادىء العالية المنتقشة بصور الكائنات ماضيها وحاضرها وآتيها وقلة التفاتها إلى الأمور الجاذبة إلى الخسة السافلة تكون بحيث يحصل لها جميع ما يمكن للنوع دفعة أو قريبا من دفعة إذ لا يحل هناك ولا احتجاب وإنما المانع هو انجذاب القوابل إلى عالم الطبيعة وانغماسها في الشواغل عن عالم العقل وإن قوته المتخيلة تكون بحيث يتمثل لها العقول المجردة صورا وأشباحا يخاطبونه ويسمعونه كلاما منظوما محفوظا وأن قوته المحركة تكون بحيث يطيع لها هيولي العناصر فيتصرف فيها تصرفها في بدنها فيعنون بالخصائص هذه القوى وبمشاهدة الملك هذ المعنى فلا يرد الاعتراض بأن الاطلاع على المغيبات وظهور خوارق العادات قد يوجد لغير الأنبياء فلا يكون من خواصهم وإن مشاهدة الملك وسماع كلامه مجرد عبارة لا يقولون بمعناها على أن الخاصة قد تطلق على الإضافية وإن ما ذكر بمجرد اعتبار مقارنته بالتحدي يصير خاصة حقيقية وإما تقريرهم في المعجزات فإجمالا أنه لا يبعد أن يختص بعض النفوس الإنسانية بقوة هي مبدأ لأفعال غريبة بسبب مالها من الخصوصية الشخصية أو بسبب أمر طار عليها من غير اكتساب أو حاصل لها بالاكتساب على ما هو شأن أكثر الأولياء وهذا لا ينافي اتحاد النفوس بحسب النوع وتفصيلا أن المشهور من معجزات الأنبياء وكرامات الأولياء ثلاث بحسب القوة الإنسانية والقوة الحيوانية باعتبار الحركات والسكنات

فالأول الاطلاع على المغيبات وليس ببعيد لتحققه في حال النوم على ما تعرفه من نفسك وتسمعه من غيرك وسبب ذلك اتصال النفس بالمبادىء العالية أعني العقول والنفوس السماوية المنتقشة بصور ما يستند إليها من الحوادث لما تقرر من أنها عالمة بذواتها وإن العلم بالعلل والأسباب يوجب العلم بالمعلولات والمسببات غاية الأمر أن علم العقول بالحوادث لا يكون إلا على وجه كلي خال عن قيد الهذية وخصوص الوقتية والكاملون قد يدركونها على الوجه الجزئي أما يجعلها جزئية بمعونة الحواس الباطنة على ما قررها الحكماء وإما لارتسامها في النفوس السماوية كذلك على ما يراه بعضهم ومعنى اتصال النفس بالمبادىء العالية صيرورتها مستعدة لفيضان العلوم عليها بحصول القوة لها وزوال المانع أعني الشواغل الحسية عنها بمنزلة مرآة مجلوة تحاذي شطر الشمس ولا يلزم من ذلك انتقاشها بجميع ما في المبادىء من الصور لأن القبول كل صورة استعدادا يخصها

والثاني ظهور حركات وأفعال تعجز عن أمثالها أمثاله كحدوث رياح وزلازل وحرق وغرق وهلاك أشخاص ظالمة وخراب مدن فاسدة وانفجار المياه من الأحجار بل من أصابع وليس ببعيد لأن علاقة النفس مع البدن إنما هي بالتدبير والتصرف لا الحلول والانطباع فيجوز أن يكون بعض النفوس من القوة بحيث يتصرف في أجسام أخر غير بدنها بل في كلية العناصر حتى كأنها نفس لعالم العناصر

Shafi 181