249

Sharhin Maqasid a Ilmin Kalam

شرح المقاصد في علم الكلام

Mai Buga Littafi

دار المعارف النعمانية

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

1401هـ - 1981م

Inda aka buga

باكستان

الأولى شبهة المقابلة وهي أنه لو كان مرئيا لكان مقابلا للرائي حقيقة كما في الرؤية بالذات أو حكما كما في الرؤية بالمرآة والحق أنه لا حاجة إلى هذا التفصيل لأن المرئي بالمرآة هو الصورة المنطبعة فيها المقابلة للرائي حقيقة لا ما له الصورة كالوجه مثلا ويدعون في لزوم المقابلة الضرورة ويفرعون على ذلك وجوها من الاستدلال مثل أنه لو كان مرئيا لكان في جهة وحيز وهو محل ولكان جوهرا أو عرضا لأن المتحيز بالاستقلال جوهر وبالتبعية عرض ولكان إما في البدن أو خارج البدن أو فيهما ولكان في الجنة أو خارج الجنة أو فيهما إذ لا تعقل الرؤية إن لم تكن فيه ولا خارجة لانتفاء المقابلة ولكان المرئي إما كله فيكون محدودا متناهيا أو بعضه فيكون متبعضا متجزيا وهذا بخلاف العلم فإنه إنما يتعلق بالصفات ولا فساد في أن يكون المعلوم كلها أو بعضها ولكان إما على مسافة من الرائي فيكون في حيز وجهة أو لا فيكون في العين أو متصلا بها ولكان رؤية المؤمنين إياه إما دفعة فيكون متصلا بعين كل أحد بتمامه فيتكثر أو لا بتمامه فيتجزأ أو منفصلا عنها فيكون على مسافة وأما على التعاقب مع استوائهم في سلامة الحواس فيلزم الحجاب بالنسبة إلى البعض ولكان رؤيته إما مع رؤية شيء آخر مما في الجنة فيكون على جهة منه ضرورة أن رؤية الشيئين دفعة لا تعقل إلا كذلك وإما لا معها فيكون ما هو باطن في الدارين مرئيا وما هو ظاهر غير مرئي مع شرائط الرؤية وحديث غلبة شعاع أحد المرئيين إنما يصح في الأجسام والجواب أن لزوم المقابلة والجهة ممنوع وإنما الرؤية نوع من الإدراك يخلقه الله متى شاء ولأي شيء شاء ودعوى الضرورة فيما نازع فيه الجم الغفير من العقلاء غير مسموع ولو سلم في الشاهد فلا يلزم في الغائب لأن الرؤيتين مختلفتان إما بالماهية وإما بالهوية لا محالة فيجوز اختلافهما في الشروط واللوازم وهذا هو المراد بالرؤية بلا كيف بمعنى خلوها عن الشرائط والكيفيات المعتبرة في رؤية الأجسام والأعراض لا بمعنى خلو الرؤية أو الرائي أو المرئي عن جميع الحالات والصفات على ما يفهمه أرباب الجهالات فيعترضون بأن الرؤية فعل من أفعال العبد أو كسب من أكسابه فبالضرورة يكون واقعا بصفة من الصفات وكذا المرئي بحاسة العين لا بد أن يكون له كيفية من الكيفيات نعم يتوجه أن يقال نزاعنا إنما هو في هذا النوع من الرؤية لا في الرؤية المخالفة لها بالحقيقة المسماة عندكم بالانكشاف التام وعندنا بالعلم الضروري قال الثاني الشبهة الثانية شبهة الشعاع والانطباع وهي أن الرؤية إما باتصال شعاع العين المرئي وإما بانطباع الشبح من المرئي في حدقة الرائي على اختلاف المذهبين وكلاهما في حق الباري ظاهر الامتناع فتمتنع رؤيته والجواب أن هذا مما نازع فيه الفلاسفة فضلا عن المتكلمين على ما سبق في بحث القوى ولو سلم فإنما هو في الشاهد دون الغائب إما على تقدير اختلاف الرؤيتين بالماهية فظاهر وإما على تقدير اتفاقهما فلجواز أن يقع أفراد الماهية الواحدة بطرق مختلفة ( قال الثالث ) الشبهة الثالثة شبهة الموانع وهي أنه لو جازت رؤيته تعالى لدامت لكل سليم الحاسة في الدنيا والآخرة فيلزم أن نراه الآن وفي الجنة على الدوام والأول منتف بالضرورة والثاني بالإجماع وبالنصوص القاطعة الدالة على اشتغالهم بغير ذلك من اللذات وجه اللزوم أنه يكفي للرؤية في حق الغائب سلامة الحاسة وكون الشيء جائز الرؤية لأن المقابلة وانتفاء الموانع من فرط الصغر أو اللطافة أو القرب أو البعد أو حيلولة الحجاب الكثيف أو الشعاع المناسب لضوء العين إنما يشترط في الشاهد أعني رؤية الأجسام والأعراض فعند تحقق الأمرين لو لم تجب الرؤية لجاز أن تكون بحضرتنا جبال شاهقة لا نراها لأن الله تعالى لم يخلق رؤيتها أو لتوقفها على شرط آخر وهذا قطعي البطلان والجواب أنه إن أريد جواز ذلك في نفسه بمعنى كونه من الأمور الممكنة فليس قطعي البطلان بل قطعي الصحة والشرطية المذكورة ليست لزومية بل اتفاقية بمنزلة قولنا لو لم تجب الرؤية عند تحقق الشرائط لكان العالم ممكنا وإن أريد جوازه عند العقل بمعنى تجويز ثبوت الجبال وعدم جزمه بانتفائها فاللزوم ممنوع فإن انتفاءها من العاديات القطعية الضرورية كعدم جبل من الياقوت وبحر من الزئبق ونحو ذلك مما يخلق الله تعالى العلم الضروري بانتفائها وإن كان ثبوتها من الممكنات دون المحالات وليس الجزم به مبنيا على العلم بأنه تجب الرؤية عند وجود شرائطها لحصوله من غير ملاحظة ذلك بل مع الجهل بذلك سلمنا وجوب الرؤية عند تحقق الشرائط المذكورة في حق الشاهد لكن لا نسلم وجوبها في الغائب عند تحقق الأمرين لجواز أن تكون الرؤيتان مختلفتين في الماهية فتختلفان في اللوازم أو تكون رؤية الخالق مشروطة بزيادة قوة إدراكية في الباصرة لا يخلقها الله إلا في الجنة في بعض الأزمان ثم لا يخفى ضعف ما ذكره بعض المعتزلة من أن العينين أعني الدنيوية والأخروية لما كانتا مثلين لزم تساويهما في الأحكام واللوازم والشروط وأن الشروط والموانع يجب أن تكون منحصرة فيما ذكرنا للدوران القطعي ولأنه إذا قيل أن لنا هناك مرئيا آخر مقرونا بجميع ما ذكر من الشرائط وانتفاء الموانع إلا أنه لا يرى لانتفاء شرط أو تحقق مانع غير ذلك فنحن نقطع ببطلانه واحتج الإمام الرازي على بطلان انحصار الشرائط فيما ذكروه بوجهين

أحدهما مبناه على قاعدة المتكلمين أعني تركب الجسم من أجزاء لا تتجزأ أنا نرى الجسم الكبير من البعيد صغيرا وما ذاك إلا لرؤية بعض أجزائه دون البعض مع استواء الكل في الشرائط المذكورة فلولا اختصاص البعض بشرط وارتفاع مانع لما كان كذلك

وثانيهما أنا نرى ذرات الغبار عند اجتماعها ولا نراها عند تفرقها مع حصول الشرائط المذكورة في الحالين فعلمنا اختصاصها حالة التفرق بانتفاء شرط أو وجود مانع لا يقال بل ذلك لانتفاء شرط الكثافة وتحقق مانع الصغر لأنا نقول فحينئذ تكون رؤية كل ذرة مشروطة بانضمام الأخرى إليها وهو دور وأجيب عن الأول بمنع التساوي فإن أجزاء الجسم متفاوتة في القرب والبعد من الحدقة فلعل البعض منها تقع في حد البعد المانع من الرؤية بخلاف البعض وعن الثاني بأنه دور معية لا تقدم قال الرابع هذه هي الشبه السمعية وأقواها قوله تعالى

﴿لا تدركه الأبصار

والتمسك به من وجهين

Shafi 119