قال ارسطو وقد تركنا الفحص عن مسئلة ليست فى الصعوبة بدون هذه المسائل ولا دون ما تقدم منها وهى هذه هل اوائل الاشياء التى لا تفسد هى اوائل الاشياء الفاسدة ام هى غيرها فانه ان كانت اوائل الاشياء التى لا تفسد هى اوائل الاشياء الفاسدة فكيف يكون بعض الاشياء فاسدا وبعضها لا يفسد ولاى علة يكون ذلك فاما من كان على راى افيقودس وجميع من تكلم فى الاشياء الالاهية فان عنايتهم كانت فى اقناع انفسهم فقط ولم تكن عنايتهم فى اقناعنا بل توانوا عن ذلك وذلك انهم يجعلون الاوائل الهة ومن الهة وزعموا ان الاوائل التى لم تشرب من نقطر ولم تطعم من امروسيا صارت تموت فمعلوم انهم قالوا هذه الاشياء وهى عندهم معروفة الا ان ما وضعوا من ان هذه العلل تطعم وتذوق اشياء فهذا القول خارج عن عقولنا وذلك انه ان كانت منالتهم لها لمكان لذة فليس نقطر ولا الامروسيا علة لبقاء شىء وان كانت منالتهم اياها لان تبقى انيتهم فكيف يكونون ازليين وهم محتاجون الى الطعام ولذلك ليس بواجب ان نفحص فحصا بالغا عن اقاويل الذين حكمتهم شبيهة بالزخاريف بل ينبغى ان نفحص ونسال الذين قالوا ما قالوا بالبرهان لاى علة ان كانت اوائل الاشياء متفقة صار طباع بعضها ازليا باقيا ابدا وبعضها فاسدة بالية فاذا لا ياتون بعلة ذلك وليس بواجب ان تكون هذه كذلك فمعلوم ان اوائل الهويات وعللها ليست بمتفقة فان ظن احد انه يقول فى ذلك شيئا فيصيبه ما اصاب ابن دقليس فان ابن دقليس يزعم ان الغلبة علة الفساد واوليته ويظن ان هذه الغلبة تكون جميع الاشياء ما خلا الواحد وان جميع الاشياء ما خلا الله تبرك وتعلى تكونت من هذه الغلبة وهذا قوله بعينه فانه يزعم فى قوله انه معلوم ان من الغلبة كون جميع الاشياء التى كانت فيما مضى والتى فى الان والتى ستكون ومنها تنبت الاشجار والرجال والنساء والسباع والطير والسمك الذى غذاؤه فى الماء والالهة الطويلة اعمارهم وسائر هذه الاشياء ويزعم انه لو لم تكن الغلبة فى الاشياء لكانت كلها شيئا واحدا وذلك ان الغلبة اذا صارت مع الاشياء شتتتها واماحتها ولم تدعها تستقر ولا تثبت فمن هذا القول يعرض ان يكون الله تعلى وهو الكامل فى السعادة اقل حلما وعلما من غيره لانه ان كان لا يعرف جميع الاسطقسات لان الغلبة ليست فيه وانما يعرف الشبيه بالشبيه كقولنا انا عرفنا الارض بالارض والماء بالماء والمحبة بالمحبة والغلبة بالغلبة فمعلوم انه يعرض من قوله ان تكون الغلبة علة فساد ولا تكون علة كينونة وعلى هذا النحو ايضا يعرض ان لا تكون المحبة علة كينونة لانها اذا اجتمعت اشياء الى واحد فسدت اشياء اخر ومع هذا ان ابن دقليس لم يخبر ما علة تغير الاشياء بل زعم ان طباعها كذلك وزعم انه لما تشبثت الغلبة العظيمة الشان فى الاعضاء صارت مكرمة فى اخر الزمان الذى يتغير ويغير اشياء ويخرجها من حدها فعلى قوله هذا يدل على ان الاشياء تتغير اضطرارا ولم يخبرنا ما علة الاضطرار بل يقول على هذا المثال من القول فقط كانه شىء معروف ولا يزعم ان بعض الهويات تفسد وبعضها لا تفسد بل يزعم ان جميع الهويات فاسدة ما خلا الاسطقسات فاما فحصنا الان ومسئلتنا الغامضة فهى لاية علة تفسد بعض الاشياء وبعضها لا تفسد ان كانت من اوائل واحدة وفيما قلنا كفاية ان اوائل الاشياء ليست بواحدة وان كانت الاوائل مختلفة لزمتنا ايضا مسئلة غامضة هل هذه الاوائل تفسد ام لا تفسد فانه معلوم انه ان كانت تفسد فهذه الاوائل من اشياء اخر اضطرارا لان جميع الاشياء التى تفسد تصير الى الاشياء التى هى منها فيعرض ان يكون للاوائل اوائل اخر قبلها وهذا مما لا يمكن لانه لا يتناهى بل يذهب الى ما لا نهاية وايضا ان كانت الاوائل تفسد وتبيد فكيف يكون تكوين الاشياء الفاسدة وان كانت الاوائل لا تفسد فلاية علة تصير اشياء فاسدة من بعض الاوائل التى لا تفسد ومن بعضها تصير اشياء لا تفسد فان هذا ليس بواجب بل اما الا يمكن ان يكون ذلك كذلك واما ان يحتاج الى قول كثير فى تثبيت ذلك وايضا نقول انه لم يرم احد ان يقول ان الاوائل مختلفة بل زعموا ان اوائل جميع الاشياء اوائل واحدة بعينها وراموا ان يفحصوا عن المسئلة الغامضة التى قيلت اولا فى هذا الفن مثل الذين فحصوا عن هذه المسئة التى قيلت الان التفسير هذه المسئلة تتصور اذا انزل ان هاهنا اشياء ازلية واشياء فاسدة ولكليهما مبادى فقوله هل اوائل الاشياء التى لا تفسد هى اوائل الاشياء الفاسدة ام غيرها˹ هو مفهوم بنفسه وقوله فانه ان كانت اوائل الاشياء التى لا تفسد هى اوائل الاشياء الفاسدة فكيف تكون بعض الاشياء فاسدة وبعضها لا تفسد ولاية علة يكون ذلك يريد فان قلنا ان اوائل الاشياء الغير فاسدة والفاسدة واحدة باعيانها فكيف يمكن ان يكون ما تركب من اوائل واحدة باعيانها بعضها فاسد وبعضها غير فاسد والعلة فى البقاء والفساد هى الاسباب ولما كان قد قال فى ذلك بعض الناس قولا ما اراد ان يذكره فقال واما من كان على راى افيقودس وجميع من تكلم فى الامور الالهية فان عنايتهم كانت فى اقناع انفسهم فقط ولم تكن عنايتهم فى اقناعنا بل توانوا عن ذلك فانه يعنى بالذين تكلموا فى الامور الالهية الذين تكلموا كلاما خارجا عما يعقله الانسان ولذلك قال ان عناية هولاء في كلامهم هو اقناعهم انفسهم لا اقناعنا نحن لانه لا بد ان يكونوا فهموا من الالغاز التى يقولونها معانى قنعوا بها ثم ذكر قولهم فقال وذلك انهم جعلوا الاوائل الهة ومن الهة يريد انهم صيروا الاوائل من طبيعة واحدة وجعلوها الهية وهى طبيعة الاشياء المتكونة وصيروا الالهة الفاسدة من غير الفاسدة ثم ذكر علتهم فى ذلك فقال وزعموا ان الاوائل التى لم تشرب من نقطر ولم تطعم من امروسيا صارت تموت يريد وانما صيروا الهة من الهة لانهم قالوا ان الالهة التى شربت من موضع كذا وطعمت من موضع كذا صارت غير مائتة وان الالهة التى لم تشرب ولم تطعم من هذين الموضعين صارت مائتة ولما كان قد قال ان عناية هولاء فيما قالوه هو اقناع انفسهم لا اقناعنا اخذ يبين ذلك فقال فمعلوم انهم قالوا هذه الاشياء وهى عندهم معروفة يريد وانما قلنا ان عنايتهم كانت اقناع انفسهم من قبل انهم انما قالوا هذه الاشياء والمعانى التى دلوا بها عليها معروفة عندهم يريد المعانى التى الغزوا بهذا اللغز عنها اذا حسن بهم الظن ثم اخذ يشنع عليهم هذا القول فقال الا ان ما وضعوا من امر هذه العلل تطعم وتذوق اشياء فهذا القول خارج عن عقولنا وذلك انه ان كانت منالتهم لها لمكان لذة فليس نقطر ولا امروسيا علة لبقاء شىء يريد وما وضعوا من هذا اى من الفرق بين الفاسد وغير الفاسد خارج عما يعقله الانسان لانه ان كان شربهم الماء من ذلك الموضع وتناولهم الطعام من ذلك الموضع الاخر الذى ذكره لسبب اللذة فليست اللذة بما هى لذة علة لبقاء شىء من الاشياء ثم قال وان كانت منالتهم اياها لان تبقى انفسهم فكيف يكونون ازليين وهم محتاجون الى الطعام يريد وان كانوا انما تناولوا الشرب من ذلك الموضع والاكل من ذلك الاخر لئلا يموتوا فمن العجب ان يكون من يحتاج الى الطعام والشراب يبقى ازليا وانما قال ذلك لان الطعام والشراب انما اضطر اليه المغتذى لمكان اختلافه ما يفسد من اجزائه فكيف يبقى ازليا ما شانه الفساد ولما كان هذا القول مما لا يستحق ان يفحص عنه فى العلوم لظهور بطلانه قال ولذلك ليس بواجب ان نفحص فحصا بالغا عن اقاويل الذين حكمتهم شبيهة بالزخاريف˹ وهذا بين ثم قال بل ينبغى ان نفحص ونسال الذين يقولون ما قالوا بالبرهان لاية علة ان كانت جميع الاشياء من اوائل متفقة صار طباع بعضها ازليا باقيا وبعضها فاسدا يريد ان هذا الشك ليس ينبغى ان يسال عنه القوم الذين يقولون فى الاشياء اقاويل شبيهة باقاويل ال افيقورس وانما ينبغى ان يسأل عن هذا اهل البرهان فيقال لهم كيف يمكن ان تكون جميع الاشياء من مبادئ واحدة متفقة فى الطبع وبعضها ازلى باق وبعضها فاسد اذ كانت العلة فى البقاء وعدمه طباع الاشياء التى هى اسبابه ثم قال فمعلوم ان اوائل الهويات وعللها ليست متفقة يريد انه من المعروف بنفسه انه اذا كان فساد مبادى الاشياء الفاسدة من قبل طباعها وبقاء الاشياء الازلية من قبل طباعها وكان طباعها ليس شيئا الا الاسباب التى تركبت منها فمعلوم ان اسباب الكائنة الفاسدة غير اسباب الازلية ان كان لها اسباب ثم قال فان ظن احد انه يقول فى هذا شيئا فسيصيبه ما اصاب ابن دقليس يريد ولذلك ان رام احد ان يقول فى ذلك شيئا اى قولا مقنعا فسيلحقه من الشك والتناقض شبيه بما لحق ابن دقليس ثم اخذ يذكر قوله فى هذا فقال فان ابن دقليس يزعم ان الغلبة علة الفساد واوليته ويظن ان هذه الغلبة فى جميع الاشياء ما عدى الواحد وان جميع الاشياء ما خلا الله تعالى تكونت من هذه الغلبة يريد وقول ابن دقليس فى هذا هو ان الغلبة هى علة الفساد وان المحبة هى علة الكون وان الموجودات بعضها تكونت من الاسطقسات الاربعة والمحبة والغلبة وهى الكائنة الفاسدة وبعضها تكونت من الاسطقسات الاربعة والمحبة وليس فيها عداوة وهذا هو الفلك الذى هو الالاه عنده ولما ذكر عن ابن دقليس هذا المعنى اتى بحكاية قوله فى هذا لئلا يزعم زاعم انه حرف قوله فقال وهذا قوله بعينه فانه يزعم فى قوله انه معلوم ان من الغلبة كان جميع الاشياء التى كانت فيما مضى والتى هى الان والتى ستكون فيما بعد ومنها تنبت الاشجار والرجال والنساء والسباع والطير والسمك الذى غذاؤه فى الماء والالهة الطويلة اعمارهم وسائر هذه الاشياء يريد ان ابن دقليس تناقض فى وضعه الغلبة سبب الفساد وفى وضعه اياها شرطا فى كون جميع الكائنات ثم اتا بالعلة التى من قبلها كان يضع وجود الغلبة شرطا فى جميع المتكونات فقال ويزعم انه لولا الغلبة فى الاشياء لكانت كلها شيئا واحدا وذلك ان الغلبة اذا صارت مع الاشياء شتتتها واماحتها ولم تدعها تستقر يريد ان ابن دقليس كان يعتقد ان المحبة اذا استولت اوجبت للموجودات ان تكون واحدا فلذلك كان من شرط الكثرة والتمييز ان تكون غلبة ومن شرط الاتحاد ان تكون محبة ثم ذكر شناعة تلزمه فقال فمن هذا القول يعرض ان يكون الله عز وجل وهو الكامل فى السعادة اقل علما وحلما من غيره الى قوله والغلبة بالغلبة يريد ومما يلزم ابن دقليس من الشناعات فى هذا الراى هو ان يكون الله تعلى هو اقل علما من غيره لانه لما كانت المعرفة عنده انما تكون بالشبيه كما يقول هو وسائر القدماء انا انما نعرف الارض بالارض التى فينا والماء بالماء الذى فينا والمحبة بالمحبة التى يعرف الغلبة ولا ما تولد منها فيكون اقل علما من جميع الموجودات ثم قال فمعلوم انه يعرض من قوله ان تكون الغلة علة فساد ولا تكون علة كينونة وعلى مثل هذا القول يعرض ايضا ان لا تكون المحبة علة كينونة لانها اذا اجتمعت اشياء الى واحد افسدت اشياء اخر يريد فيلزم من قول ابن دقليس ان الغلبة علة فساد ان تكون الغلبة علة فساد هى والمحبة ثم اتا بالسبب الذى من قبله يعرض ان تكون المحبة علة فساد فقال لانها اذا اجتمعت اشياء كثيرة الى واحد فقد فسدت˹ ثم قال ومع هذا ان ابن دقليس لم يخبرنا ما علة تغير الاشياء بل زعم ان طباعها كذلك يريد ومع وضع هذا الرجل عللا محركة فانه لم يقدر ان يخبرنا ما علل الكون والفساد الاول فانه يسال فيقال لم فعلت المحبة فى وقت والغلبة فى وقت فيعود قوله الى مثل قول الذين يجحدون السبب الفاعل وهم الذين يقولون ان طبيعة الموجودات اقتضت من الضرورة الكون والفساد ثم اتا بقوله الذى يلزمه منه هذا الراى فقال وزعم انه لما تشبثت العداوة العظيمة الشان فى الاعضاء صارت مكونة فى اخر الزمان الذى يتغير ويغير الاشياء ويخرجها من حدها يريد انه على الحقيقة لم يعط علة في الكون لانه قال انه لما تشبثت العداوة العظيمة الشان فى اعضاء الحيوان صارت اعضاؤه مكونة من قبل انها فرقت الواحد المجموع فاذا تمادى بها الامر صارت فى اخر الزمان جميع الاشياء الى الفساد من قبلها ثم قال فعلى قوله هذا يدل على ان الاشياء تتغير اضطرارا يريد انه يلزمه على قوله هذا ان تتكون الاشياء من ذاتها وتفسد من ذاتها فلا تكون فائدة فى ادخاله هذا السبب المحرك علة فى الكون ولا فى الفساد بل يكون بمنزلة من لم يدخل فى الكون وفى الفساد سببا محركا اصلا وهم اصحاب الهيولى المجمع على ثلب رايهم ممن اتا بعدهم ثم قال ولم يخبرنا ما علة الاضطرار بل يقول على هذا المثال فقط كانه شيء معروف يريد وعلى هذا فيكون قوله انقص من قول اصحاب الاضطرار لان اولئك قالوا بالاضطرار واخبروا بسبب الاضطرار وهو الهيولى وهو لم يخبر بذلك كان سبب الاضطرار شىء معروف بنفسه ثم قال ولا يزعم ان بعض الهويات تفسد وبعضها لا تفسد بل يزعم ان جميع الهويات تفسد ما خلا الاسطقسات يريد وليس من مذهب ابن دقليس ان بعض الموجودات فاسدة وبعضها غير فاسدة بل يرى ان الاشياء كلها تفسد ما خلا الاسطقسات عنده وانما قال ذلك لان الشك الذى كان يتكلم فيه وخرج منه الى قول ابن دقليس انما يعرض لمن يضع ان الموجودات صنفان فاسدة وغير فاسدة وان اسبابها واحدة ولما بين ان ابندقليس ليس ممن يتوجه عليه هذا الشك كل التوجه الا من جهة انه يجعل الاول غير فاسد من قبل انه ليس فيه غلبة دهرا طويلا لا غير فاسد على الاطلاق عاد الى الشك المتقدم فقال فاما فحصنا الآن ومسئلتنا الغامضة فهى لاى علة تفسد بعض الموجودات وبعضها لا تفسد ان كانت من اوائل واحدة وفيما قلنا كفاية ان الاوائل ليست بواحدة يريد واذ قد خرج بنا القول عن المسئلة التى شرعنا فيها من قبل ما عرض من الكلام مع ابندقليس فيها فلنرجع الى التكلم فى مسئلتنا التى قلنا فيها وهى لاى علة يكون بعض الاشياء فاسدا وبعضها غير فاسد ومبادئها واحدة وفيما قلنا من المحال الذى يلزم هذا الوضع كفاية ثم شرع يذكر ما يلزم القول المضاد لهذا من المحال ايضا وهو ان تكون الاوائل مختلفة فقال وان كانت الاوائل مختلفة لزمتنا مسئلة غامضة هل هذه الاوائل تفسد ام لا تفسد يريد وان انزلنا ان اوائل الاشياء الغير فاسدة غير اوائل الاشياء الفاسدة لزمتنا مسئلة غامضة وهى هل اوائل الاشياء الفاسدة فاسدة او غير فاسدة ثم قال فانه معلوم انه ان كانت تفسد فالاوائل من اشياء اخر اضطرارا يريد فانه معلوم انه ان كانت اوائل الاشياء الفاسدة فاسدة فانها من اوائل اخر اضطرارا ثم اتى بالسبب فى ذلك فقال لان جميع الاشياء التى تفسد تصير الى الاشياء التى هى منها يريد والسبب فى ذلك ان كل فاسد فهو ينحل الى الاشياء التى تركب منها فان كانت اوائل الاشياء الفاسدة فاسدة فلها اوائل باضطرار ثم قال فيعرض ان يكون للاوائل اوائل اخر قبلها وهذا مما لا يمكن لانه لا يتناهى بل يذهب الى ما لا نهاية يريد وهذا يعرض منه محال وهو ان يكون للاوائل اوائل فيمر ذلك الى غير نهاية ويؤدى الى امور بالفعل لا نهاية لها بالذات ثم قال وايضا ان كانت الاوائل لا تفسد وتبيد فلاى علة تصير اشياء فاسدة من بعض الاوائل التى لا تفسد ومن بعضها تصير اشياء غير فاسدة فان هذا ليس بواجب بل اما الا يمكن ان يكون ذلك كذلك واما ان يحتاج الى قول كثير فى تثبيت ذلك ايضا يريد وان كانت اوائل الاشياء الفاسدة غير فاسدة كاوائل غير الفاسدة فلأى علة تصير اشياء فاسدة عن اوائل غير فاسدة واشياء غير فاسدة عن اوائل ايضا غير فاسدة فان هذا اما ان يكون ممتنعا واما ان يحتاج فى اعطاء علة ذلك الى قول كثير ولما ذكر ما يلزم من العويص فى وضع مبادى الاشياء الفاسدة وغير الفاسدة مختلفة ذكر ان ذلك لم يقل به احد فقال وايضا نقول انه لم يرم احد ان يقول ان الاوائل مختلفة بل زعموا ان اوائل جميع الاشياء واحدة باعيانها وراموا ان يفحصوا عن المسئلة الغامضة التى قيلت اولا فى هذا المعنى مثل الذين فحصوا عن المسئلة التى قيلت الان يريد ولظهور ما يلزم من الشناعات للقول بان المبادى مختلفة اعنى الغير فاسدة حتى تكون بعضها تفعل الفساد وبعضها تفعل الوجود والبقاء لم يقل احد من القدماء بذلك بل قالوا ان اوائل جميع الاشياء واحدة باعيانها وراموا ان يفحصوا عن المسئلة الغامضة فى ذلك التى قيلت قبل هذا وانما قال هذا اضرابا عمن قال ان هنا الاهين احدهما يفعل الخير والاخر يفعل الشر
[16] Textus/Commentum
Shafi 260