قال ارسطاطاليس انه بين ان اوائل الهويات وعللها مطلوبة على كنهها هويات فانه علة ما للصحة والبرء وللاشياء الرياضيات اوائل واسطقسات وعلل وبقول كلى فكل علم فكرى او تناول شىء فكرى فله علل واوائل اما على غاية الفحص او على الفحص المرسل ولما كان كل واحد من هذه قد احتوى على هوية ما وجنس ما صار يستعمل ذلك الشىء وليس استعماله وطلبه الهوية الكلية ولا بانها هوية ولا يفحص شىء منها على ما هى البتة بل بعضها لهذا المعنى يثبت انما هو بالحس وبعضها فبينة بالوضع وبهذا النوع يبرهنون وتبين الاشياء التى هى بذاتها للجنس الذى هو محيط بها اما باضطرار واما باسهل من ذلك ولذلك هو بين مما يتلوا هذا القول انه ليس للجوهر برهان ولا لما هو بل دلالة اخرى بنوع ما وكذلك ايضا لا يخبر البتة ان كان الجنس الذى يستعمله ولا ان لم يكن وذلك انه لفكرة واحدة تبيين ما هو وهل هو واذ العلم الطبيعى ايضا لجنس ما من اجناس الهوية فانه يطيف بالجوهر الذى فيه ابتداء الحركة والسكون فبين انه ليس هو لا فعلى ولا صناعى فان ابتداء الاشياء الفاعلة فى الفاعل اما العقل واما المهنة واما قوة ما وابتداء الصناعية ففى الصانع اى الاختيار فان المصنوع والمختار شىء واحد فاذا جميع الفكرة الفاعلة والصانعة والتى بالراى فهى ذو راى ما وهى تفحص عن هوية لا يمكن ان تتحرك وعن جوهر هو اكثر ذلك كالكلمة لا مفارق التفسير لما كان قصده فى هذه المقالة ان يفحص من انواع الهوية عن الهوية التى بالعرض اذ كانت اول اقسام الهوية هى الهوية التى بالذات والتى بالعرض اخذ يذكر بما تبين فى مقالة الجيم ويؤكده من ان لهذا العلم النظر فى جميع انواع الهويات بما هى هويات وياتى على ذلك بشواهد بينة واضحة فابتدأ فقال انه بين ان اوائل الهويات وعللها مطلوبة على كنهها هويات يريد انه من البين او مما يبين ان هاهنا علما يفحص عن اوائل الهويات وعللها بما هى هوية مطلقة وانه يطلب الهوية على كنهها اى بما هى هوية لا بما هى هوية بصفة ما وذلك انه ان كان هاهنا هويات بصفات مختلفة فبين ان النظر فيها يكون على نوعين احدهما ان ننظر فى واحدة واحدة منها من جهة الصفة التى تخصها والنظر الثانى ان ننظر فيها بالجهة التى تشترك فيها وهو كونها هوية ويكون طلب العلل فيها من هذه الجهة ولما وضع انه واجب ان تكون للهوية المطلقة علل مطلقة اخذ يبين ذلك بان الحال فيها يجب ان تكون كالحال فى العلوم الجزئية التى تنظر فى بعض الهويات فقال فانه علة ما للصحة والبرء وللاشياء الرياضية اوائل واسطقسات وعلل وبقول كلى فكل علم فكرى او تناول شىء فكرى فله علل واوائل اما على غاية الفحص او على الفحص المرسل يريد ان باستقراء العلوم وبالتشوق الاول الذى لنا بالطبع فى طلب علل الاشياء واعتقادنا انا نرى ان المعرفة بالشىء لا تكون الا من قبل علله يظهر ان كل علم وكل صناعة فلها علل واسباب تفحص عنها فاذا اضيف الى هذه المعرفة ان هاهنا علما يفحص عن الهوية المطلقة وجب ان يكون فحصه ايضا عن اسبابها المطلقة فقوله الرياضيات يعنى بها علوم التعاليم ويعنى بالعلم الفكرى النظرى ويعنى بما يتناول شيئا فكريا العلوم العملية التى تستعمل القياس او ما يعم الصنفين ويعنى بالفحص المرسل الذى ليس فى الغاية من الوثاقة وانما قال ذلك لان العلوم تختلف فى ذلك من قبل اختلاف طبيعة الموضوع ويحتمل ان يريد ان بعض العلوم تفحص عن الاسباب بالاضافة الى شىء وبعضها تفحص عن الاسباب بالاطلاق وهذا المعنى اشبه بالموضع ولما بين بهاتين المقدمتين ان العلم الناظر فى الهوية المطلقة يجب ان ينظر فى عللها اخذ يقرر ايضا ان هاهنا علما يجب ان ينظر فى الهوية المطلقة لان ذلك مما كان وضعه اولا فى القياس المتقدم فقال ولما كان كل واحد من هذه قد احتوى على هوية ما وجنس ما صار يستعمل ذلك الشىء وليس استعماله وطلبه الهوية الكلية ولا بانها هوية ولا يفحص عن شىء منها على ما هى عليه البتة يريد ولما كان يظهر انه ولا واحد من العلوم الجزئية اعنى التى تختص بالنظر فى جنس ما يفحص عن الهوية بما هى هوية اذ كان كل علم انما يفحص عن هوية ما وهى التى تخصه فبين انه يجب ان يكون هاهنا علم هو الذى يفحص عن الهوية المطلقة والا لم تستوف معرفة الاشياء ولما ذكر ان العلوم الجزئية انما تفحص عن هويات مقيدة محدودة اخذ يعرف ذلك فقال بل بعضها لهذا المعنى يثبت انما هو بالحس وبعضها فبينة بالوضع يريد بل بعض العلوم تفحص عن الهوية التى تخصها بان تنزلها موجودة بالحس وبعضها تفحص عن هوية تتسلم وجودها وتضعها وضعا مثل حال الناظر فى علم العدد فانه يضع الوحدة انها موجودة ثم قال وبهذا النوع يبرهنون الاشياء التى هى بذاتها للجنس الذى هو محيط بها اما باضطرار واما باسهل من ذلك يريد والبرهان الذى يستعمل هولاء فى صناعة صناعة انما هى للامور الذاتية الموجودة فى ذلك الجنس الخاصة به الذى هو محيط بجميعها والبرهان الذى يكون فى امثال هذه الصنائع يكون اما من مقدمات ضرورية واما من مقدمات اكثرية وهو الذى دل عليه بقوله واما اسهل من ذلك˹ ثم قال ولذلك هو بين مما يتلوا هذا القول انه ليس للجوهر برهان ولا لما هو يريد ولكون البراهين انما تكون على الامور الذاتية الموجودة للجنس الذى تنظر فيه تلك الصناعة لا على جنس الصناعة نفسه ولا على نوع من انواعه يظهر انه ليس للجوهر برهان لان البرهان هو من الجواهر على الاعراض وليس للجوهر جوهر ولذلك ليس يوجد للجواهر حدود ولذلك ليس يوجد على الجواهر براهين هى حدود متغيرة فى الوضع بل انما يلفى ذلك فى الاعراض هذا هو الذى ينبغى ان يفهم من قوله ان الجوهر ليس عليه برهان ولا لما هو الجوهر اى برهان مطلق وهو الذى يعطى الوجود والسبب معا وقوله بل دلالة اخرى بنوع ما يعنى بل يكون للجوهر دلالة اخرى من غير نوع البرهان يستدل منها على ما هو او على الوجود وهذا النوع يحتمل ان يشير به الى الامور المتاخرة فانه انما يوقف على جواهر الاشياء فى العلوم الطبيعية من الامور المتاخرة اى من الاعراض وهذه الانواع من البراهين هى التى تسمى دلائل ويحتمل ان يريد بالنوع الاخر من الدلالة طريق التقسيم وطريق التركيب او جميع هذه فان اكثر حدود الجواهر انما يوقف عليها بهذه الطرق الثلاثة ثم قال ولذلك لا يخبر البتة ان كان الجنس الذى يستعمله ولا ان لم يكن وذلك انه لفكرة واحدة تبين ما هو وهل هو يريد ولذلك لا يقدر علم من العلوم ان يبرهن شيئا من انواع الجنس الذى ينظر فيه هل هو موجود او غير موجود لانه لعلم واحد تكون معرفة وجود الشىء ومعرفة ماهيته وهو البرهان المطلق ولما قرر ان العلوم الجزئية ليست تنظر فى الهوية المطلقة وانه يجب ان يكون هاهنا علم يفحص عن الهوية المطلقة اخذ يعرف ان العلم الطبيعى ليس هو هذا العلم وشرع قبل ذلك ان يبين ان العلم الطبيعى ليس بعلم عملى فقال واذ العلم الطبيعى لجنس من اجناس الهوية فانه يطيف بالجوهر الذى فيه ابتداء الحركة والسكون فبين انه ليس هو لا فعلى ولا صناعى يريد ولما كان العلم الطبيعى فى جميع الامور المتحركة الساكنة بالطبع فمن البين ان العلم الطبيعى ليس علما صناعيا ولا علم شىء يعمل ثم اتى بالعلة فى ذلك فقال فان ابتداء الاشياء الفاعلة فى الفاعل اما العقل واما المهنة واما قوة ما يريد فان مبدا الاشياء المفعولة لنا هى فى الفاعل وذلك اما فى العقل واما فى الصناعة واما فى قوى اخر تشبه الصناعة يريد وليس فينا مبدا قوة صانعة للامور الطبيعية ثم اخذ يشرح هذا المعنى ويزيده وضوحا فقال وابتداء الصناعية ففى الصانع اى الاختيار فان المصنوع والمختار شىء واحد يريد وهو من الظاهر ان المبدا الاول للاشياء المصنوعة الذى هو فينا اى فى الصانع هو الاختيار فان المصنوع والمختار شىء واحد بالصورة وانما اراد بهذا كله ان الاشياء التى مبداها الاختيار هى غير الاشياء التى مبداها الطبيعة وان هذين العلمين علمان مختلفان ثم قال فاذا جميع الفكرة الفاعلة والصانعة والتى بالراى فهى ذو راى ما يريد فاذا جميع الفكر الفاعلة والصانعة والتى تستعمل القياس هى قياسية ما لا قياسية باطلاق اذ كان العلم فيها انما هو من اجل العمل وهذا القول كانه قول قصد به ان يعرف الفرق بين العلوم الصناعية والنظرية باطلاق وان كان انما يتمثل فى ذلك بالعلم الطبيعى وقوله وهى تفحص عن هوية لا يمكن ان تتحرك وعن جوهر هو اكثر ذلك كالكلمة لا تفارق˹ الظاهر منه انه يعنى بذلك العلم الطبيعى ويعنى بقوله عن هوية لا تتحرك˹ الصورة والنفس وذلك انها غير متحركة بالذات واكثر اجزائها كما قال لا تفارق بالحد وانما قال اكثر ذلك˹ من قبل العقل وان قرئ ˺وعن جوهر لا يمكن الا يتحرك˹ بزيادة لا امكن ان يفهم منه جميع ما ينظر فيه العلم الطبيعى الا ان كما كتبناه اولا وقع فى النسخة التى صححت منها هذه النسخة
[2] Textus/Commentum
Shafi 705