قال ارسطو ويقال من الهويات بذاته جميع ما يدل عليه اشكال المقولات لانه بعدد ما تقال تقال ايضا الهويات فبعض المقولات تدل على ما الشىء وبعضها كيفية وبعضها كمية وبعضها مضاف وبعضها فعل او انفعال وبعضها اين وبعضها متى وكل واحد من هذه دلالته بعينها على هوية واحدة فانه ليس فصل بين قول القائل ان الانسان هو فى صحة وبين ان الانسان صحيح او ان الانسان هو يمشى او هو فى المشى وكذلك فى القطع وسائر الاشياء وايضا الهوية تدل على انية الشىء وحقيقته فانه اذا قلنا ان الشىء دللنا على حقيقته واذا قلنا انه ليس دللنا على انه ليس بحق بل هو كذب وكذلك فى الموجبة والسالبة كقولنا ان سقراط موسيقوس فان ذلك حق وقولنا ان سقراط ليس هو ابيض وذلك ليس بحق وكقولنا ان خط القطر مساو لخط الضلع كذب وايضا بعض الهويات بالقوة وبعضها بالفعل فان بعضها هويات بالبصر فانها ترى وبعضها فان لها قوى ترى وكذلك هى فى العلم فان فيها ما له قوة ان يستعمل العلم وفيها ما له الاستعمال ويقال ساكن الذى السكون فيه والذى له قوة ان يسكن ايضا وكذلك فى الجوهر ايضا فانا نقول ان فى الحجر مثال هرمس ونصف الخط ناقص فى اليونانى التفسير لما عرف انواع الهوية التى بالعرض اخذ يعرف على كم وجه تقال الهوية بالذات والموجود فقال ويقال من الهويات بذاته جميع ما يدل عليه اشكال المقولات يعنى باشكال المقولات اجناس المقولات او الالفاظ الدالة على اجناسها ثم قال لانه بعدد ما تقال تقال ايضا الهويات يريد لانه تقال الهوية على عدد ما تقال عليه المقولات او على عدد ما تدل عليه الفاظ المقولات ثم قال فبعضها تدل على ما الشىء وبعضها كيفية وبعضها كمية وبعضها مضاف وبعضها فعل او انفعال وبعضها اين وبعضها متى يريد وانما كان اسم الهوية يدل على كل ما يدل عليه بالفاظ المقولات لان ما يدل عليه اسم الهوية اذا استقريت دلالته ظهر انه مساو لما تدل عليه الفاظ المقولات ثم عدد من المقولات اشهرها فقال فبعضها يدل على ما الشىء يعنى به الجوهر اى يدل على مقولة الجوهر وذكر مقولة الكيف والكم والمضاف والفعل والانفعال ومقولة الاين والمتى وسكت عن مقولة الوضع وعن مقولة له اما على جهة الاختصار واما لخفائها وينبغى ان تعلم ان اسم الهوية ليس هو شكل اسم عربى فى اصله وانما اضطر اليه بعض المترجمين فاشتق هذا الاسم من حرف الرباط اعنى الذى يدل عند العرب على ارتباط المحمول بالموضوع فى جوهره وهو حرف هو فى قولهم زيد هو حيوان او انسان وذلك ان قول القائل ان الانسان هو حيوان يدل على ما يدل عليه قولنا الانسان جوهره او ذاته انه حيوان فلما وجدوا هذا الحرف بهذه الصفة اشتقوا منه هذا الاسم على عادة العرب فى اشتقاقها اسما من اسم فانها لا تشتق اسما من حرف فدل هذا الاسم على ما يدل عليه ذات الشىء واضطر الى ذلك كما قلنا بعض المترجمين لانه راى ان دلالته فى الترجمة على ما كان يدل عليه اللفظ الذى كان يستعمل فى لسان اليونانيين بدل الموجود فى لسان العرب بل هو ادل عليه من اسم الموجود وذلك ان اسم الموجود فى كلام العرب لما كان من الاسماء المشتقة وكانت الاسماء المشتقة انما تدل على الاعراض خيل اذا دل به فى العلوم على ذات الشىء انه يدل على عرض فيه كما عرض ذلك لابن سينا فتجنب بعض المترجمين هذا اللفظ الى لفظ الهوية اذ كان لا يعرض فيه هذا العرض ولو كان اسم الموجود يدل فى كلام العرب على ما يدل عليه الشىء لكان احق بالدلالة على المقولات العشر من اسم الهوية اذ كان هذا الاسم داخلا فى كلام العرب لكن لما عرض لاسم الموجود هذا المعنى اثر بعضهم عليه اسم الهوية ولذلك اذا استعمل هاهنا فينبغى الا يفهم منه شىء من معنى الاشتقاق وان كان شكله شكل اسم مشتق اعنى اسم الموجود وقوله وكل واحد من هذه دلالته بعينها على هوية واحدة فانه ليس فصل بين قول القائل ان الانسان هو فى صحة وبين ان الانسان صحيح يريد وكل واحد من اسماء الاعراض التسعة دلالته مع دلالته على ذلك العرض هى دلالته على مقولة واحدة وهى مقولة الجوهر فانه لا فرق بين قولنا فى مقولة الكيف ان الانسان صحيح او انه فى الصحة وان كانت هذه العبارة لم تجر بها عادة العرب وانما تقول بدل هذا الانسان فيه صحة ولا كن على قياس قولهم انا فى خير وعافية لا يبعد ان يقال على هذا انا فى صحة وان كنت لست اذكره من كلام العرب وبخاصة فى الالوان والخلق والكيفيات الانفعالية فانهم لا يقولون زيد فى بياض ولا فى حمرة وانما اراد بهذا ان يعرف ان الاسم المشتق ليس يدل فى القضية التى موضوعها جوهر ومحمولها اسم مشتق مثل قولنا زيد ابيض على جوهر وعرض او جوهر فيه عرض كما ظن ذلك ابن سينا وذلك انه لما راى لفظ ابيض يدل على شىء فيه بياض توهم ان دلالته الاولى هى على الموضوع وثانيا على العرض والامر بالعكس بل دلالته الاولى هى على العرض ودلالته الثانية هى على الموضوع من قبل ان العرض شانه ان يوجد فى موضوع ولو كان الامر كما يقوله ابن سينا اعنى ان ابيض يدل دلالة اولى على جسم لكان قولنا زيد ابيض يدل على قولنا زيد جسم ابيض ولكان قولنا جسم ابيض يدل على قولنا جسم جسم ابيض وذلك الى غير نهاية لانه اذا دل قولنا ابيض على جسم ابيض فقلنا جسم ابيض وصرحنا باسم الجسم فى الخبر لزم ان يتضمن ابيض جسما اخر غير الجسم الذى صرحنا به فيلزم من قولنا جسم ابيض جسم جسم ابيض الى غير نهاية لانه كلما أثبنا بلفظ الابيض لزم ان نصرح بالجسم وقد كنا صرحنا به اولا فى القضية فيلزم ان تتضمن القضية الواحدة اجساما لا نهاية لها وذلك مستحيل ولما ذكر ان اسم الهوية تقال على المقولات العشر وكذلك اسم الموجود قال وايضا الهوية تدل على انية الشىء وحقيقته فانا اذا قلنا ان الشىء دللنا على حقيقته واذا قلنا انه ليس دللنا على انه ليس بحق بل هو كذب يريد واسم الهوية ايضا يدل على ما يدل عليه قولنا فى الشىء انه موجود صادق فانا اذا قلنا فى الشىء انه دللنا بذلك على انه صادق واذا قلنا فيه انه ليس دللنا فيه على انه ليس بموجود اى كاذب ثم قال وكذلك فى الموجبة والسالبة كقولنا ان سقراط هو موسيقوس فان ذلك حق وقولنا ان سقراط ليس هو ابيض وذلك ليس بحق يريد بالهوية هاهنا ما يدل على الصدق اما مطلقا واما مركبا اعنى بالمطلوب المفرد والمركب اما فى القضية المركبة مثل قولنا زيد هو موسيقوس او زيد ليس بموسيقوس وفى المطلوب المطلق مثل قولنا هل زيد هو ام ليس هو وكذلك الكلمة الوجودية تستعمل فى المطلوبين جميعا اعنى المطلق مثل قولنا هل زيد موجود وفى المركب مثل قولنا هل زيد يوجد موسيقوس وبالجملة فاسم الموجود والهو هاهنا فى الموضعين انما يدلان على الصادق لا على الجنس اعنى رباط هو ورباط يوجد فهو انما دل فى القول الاول على الذى يستعمل فى القضية المطلقة وفى الثانى على الذى يستعمل فى القضية المركبة وهو الذى دل عليه بقوله وكذلك فى الموجبة والسالبة كقولنا ان سقراط موسيقوس فان ذلك حق يريد وكذلك فى الموجبة اذا دللنا على الوجود بالايجاب الذى فيه رابطة دللنا على انه حق مثل قولنا سقراط موسيقوس واذا دللنا عليه بالسلب دللنا على انه ليس بحق مثل دلالتنا على زيد انه ليس بابيض فان ذلك دلالة على ان قولنا فيه انه ابيض ليس بحق وهذا هو الذى اراد بقوله وقولنا ان سقراط ليس بابيض وذلك ليس بحق يريد وقولنا ان سقراط ليس بابيض يدل على ان قولنا فيه انه ابيض ليس بحق ولا كن ينبغى ان تعلم بالجملة ان اسم الهوية التى تدل على ذات الشىء غير اسم الهوية التى تدل على الصادق وكذلك اسم الموجود الذى يدل على ذات الشىء هو غير الموجود الذى يدل على الصادق ولذلك اختلف المفسرون فى المطلوب المطلق وهو قولنا هل الشىء موجود فى المقالة الثانية من كتاب الجدل هل هو داخل فى مطلوبات العرض او فى مطلوبات الجنس وذلك انه من فهم من الموجود هاهنا الشىء الذى يعم المقولات العشر قال هو داخل فى مطالب الجنس ومن فهم من لفظ الموجود هاهنا ما يفهم من الصادق قال هو داخل فى مطلوب العرض وقوله وكقولنا ان خط القطر مساو لخط الضلع كذب˹ هو مثال اخر استعمله فى هذا المعنى يريد انه اذا قلنا ان القطر ليس هو مشاركا لضلع المربع وكان حقا كان قولنا ذلك دلالة على ان كونه مشاركا كذب وانما اراد بهذا ان يفرق بين لفظة الهوية الدالة على الرباط فى الذهن والدالة على الذات التى خارج الذهن ثم قال وايضا فبعض الهويات بالقوة وبعضها بالفعل يريد ويقال اسم الهوية ايضا واسم الموجود على الموجود خارج النفس بالفعل والموجود بالقوة ثم اتا بمثال فى ذلك فقال فان بعضها هويات بالبصر فانها ترى وبعضها بان لها قوة ترى يريد فان بعض الاشياء يقال فيها انها مبصرة عندما ترى بالفعل وبعضها يقال فيها انها مبصرة اى فى قوتها ان تكون مبصرة بالفعل وكذلك الامر فى العالم يقال فيه انه عالم فى وقت ما يستعمل علمه وهذا هو العالم بالفعل ويقال فيه عالم فى الوقت الذى لا يستعمل علمه وهذا هو عالم بالقوة لكن القريبة ويقال فيه ما لم يعلم بعد لا كن فى طباعه ان يعلم وهذا هو الذى اراد بقوله وكذلك هى فى العلم فان فيها ما له قوة ان يستعمل العلم وفيها ما له الاستعمال يريد فانا نقول عالم لمن عنده قوة يستعمل بها العلم من غير ان يستعمله ونقول عالم لمن يستعمل العلم فى الوقت الذى يستعمله وهذا المثال هو مثال للقوى الفاعلة والاول للمنفعلة وذلك ان القوة والفعل يقالان على النوعين جميعا ثم قال ويقال ساكن الذى السكون فيه والذى له قوة ان يسكن ايضا يريد وكذلك الساكن يقال ساكن بالفعل وهو الذى قد سكن وساكن بالقوة وهو الذى لم يسكن بعد ولا كن له قوة على ان يسكن ثم قال وكذلك فى الجوهر ايضا فانا نقول ان فى الحجر مثال هرمس ونصف الخط˹ وانخرم القول وانما يريد وكذلك توجد الهوية التى بالفعل والتى بالقوة فى الجوهر والصورة فانا نقول ان فى الحجر صورة هرمس بالقوة والفعل اما بالقوة فلان طباعه ان يقبل صورة هرمس واما بالفعل فاذا قبلها
˺القول
[٦] فى الجوهر˹
[15] Textus/Commentum
Shafi 563