قال ارسطو وسنفحص عن هذا المذهب اذا ميزنا الاضداد واقسام الفلسفة واجزاؤها على عدد الجواهر فمعلوم ان لهذه الجواهر جوهرا واحدا يتقدمها ارفع من جميعها اضطرارا واجناسه الاول الواحد والموجود ولذلك تتبع العلوم لهذه الاجناس فان الفيلسوف يشبه صاحب علم التعاليم فان للعلم التعليمى اجزاء ومن هذه العلوم التعليمية ما هو اول ومنها ما هو ثان وكذلك سائرها على هذا المثال فاذا وجب لعلم واحد النظر فى الموضوعات على المعادلة وعديل الواحد فى الوضع الكثرة فمعلوم انه لعلم واحد النظر فى السالب والعدم لان النظر فى كليهما واحد لواحد فاما ان يكون سالبا واما ان يكون العدم الذى يقال مرسلا انه ليس لهذا الشىء او لجنس من الاجناس فبين الواحد والسلب فصل لان السالب هو نفى الواحد واما العدم فله طبيعة من الطبائع موضوعة له ويحمل العدم عليها فاذا كان يعادل فى الوضع للواحد الكثرة فمعلوم ان الاشياء التى قيلت يعادلها فى الوضع الغير والذى لا شبيه والذى ليس مساو وسائر الاشياء التى تقال بهذا النوع او بنوع الكثرة واذا كان للعلم الذى قلنا المعرفة بالواحد وكانت الضدية شيئا واحدا من هذه الاشياء ويقال الواحد على انواع كثيرة فمعلوم ان هذه الاضداد تقال ايضا على انواع كثيرة ولعلم واحد المعرفة بجميعها مثل ما يعرف الواحد لانه ان كانت تقال هذه الاشياء على انواع كثيرة فليس معرفتها لعلوم شتى بل انما تكون معرفتها لعلوم شتى اذا لم يكن خاصا لها كما قلنا شىء واحد ولم تقل على شىء واحد فاذا نسب جميع الاشياء الى الاول الذى هو اول لها كقولنا ان جميع الاشياء التى تقال واحد تنسب الى الواحد المتقدم بالاولية وكذلك نقول فى الذى يقال هو بعينه وفى الذى يقال غيره وفى الاضداد فينبغى ان نفصل اولا على كم نوع يقال كل واحد من هذه وكذلك ننسبها الى اوائلها ونخبر كيف ينسب اليها فى جميع المقولات فان من الاشياء ما يقال اول لان له اول بنوع من الانواع ومنها ما يقال اول لانه يفعل فعلا من افاعيل الاول بنوع من الانواع ومنها ما يقال اول بنوع اخر من هذه الانواع فمعلوم انه ينبغى ان نعلم هذه الاشياء وان نعرف حدها وحد الجوهر وهذا الطلب هو واحد مما فحصنا عنه فى المسائل الغامضة التفسير قوله وسنفحص عن هذا المذهب اذا ميزنا الاضداد يريد نفحص ونبين ان جميع الاضداد تنسب معرفتها الى هذا العلم الاول اذا ميزنا على كم نوع تقال الاضداد ثم قال واقسام الفلسفة واجزاؤها على عدد الجواهر الى قوله اضطرارا يريد وان كانت اقسام هذا العلم المسمى فلسفة اولى واجزاؤها على عدد انواع الجواهر وكانت الجواهر كثيرة فمعلوم ان لهذه الجواهر جوهرا واحدا يتقدمها ارفع من جميعها اضطرارا ثم قال واجناسه الاول الواحد والهوية يريد ومعلوم انه تكون اجناس هذا العلم الاول الواحد والموجود ثم قال ولذلك تتبع العلوم لهذه الاجناس يريد ولذلك تتبع اجناس اجزاء العلم الواحد منها اجناس الموجودات اى تكون بعددها وتتبع اجزاء العلم الواحد منها اجزاء الموجودات التى فى ذلك العلم ولذلك يكون عدد اجزاء هذا العلم هو على عدد انواع الجواهر واجناسها ثم قال فان الفيلسوف يشبه صاحب العلم التعليمى فان للعلم التعليمى اجزاء وهى هذه العلوم التعليمية فمنها ما هو اول ومنها ما هو ثان وكذلك سائرها على هذا المثال يريد ان الحال فى اجزاء الفلسفة الاولى كالحال فى اجزاء التعاليم فكما ان التعاليم منها جزء اول وهو العدد مثلا او الهندسة ومنها اجزاء ثوان مثل المناظر والموسيقى كذلك الحال فى اجزاء هذا العلم وذلك ان الاول منها هو الناظر فى الجواهر المفارقة اعنى لا الاول فى التعليم بل الاول فى الوجود ومنها ثوان وهو الناظر فى الجوهر المحسوس وهذا هو بحسب الاول فى الوجود واما الاول فى المعرفة فهو الجوهر المحسوس فان النظر فى الجوهر المحسوس ولواحقه هو اول فى المعرفة والنظر فى الجوهر المفارق هو اخر فى المعرفة اول فى الوجود ولذلك سمى علم ما بعد الطبيعة اى بعد النظر فى الجوهر المحسوس المطلق عليه اسم الطبيعة ولما بين ان هذا العلم ينظر فى الواحد وكانت الكثرة تقابل الواحد اما على نحو السلب واما على نحو العدم وكان النظر فى المتقابلين لعلم واحد اخذ يبين ذلك فقال فاذا وجب لعلم واحد النظر فى الموضوعات على المعادلة وعديل الواحد فى الوضع الكثرة يريد واذا وجب ان يكون العلم الواحد بعينه هو الناظر فى موضوعاته المتقابلة والكثرة تقابل الواحد فمعلوم ان هذا العلم اذا نظر فى الواحد فله النظر فى الكثرة ثم اتا بحجة على ذلك فقال فمعلوم انه الى قوله او لجنس من الاجناس يريد وانما وجب ان يكون النظر لهذا العلم فى الموجب والسالب وان يكون له النظر فى الواحد والكثرة لان الواحد اما ان يكون يدل على سلب الكثرة واما ان يكون يدل على عدمها العدم المرسل اعنى المطلق لا العدم الذى يوجد للشىء فى وقت دون وقت وفى موضوع دون موضوع ثم قال فبين الواحد والسلب فصل لان السالب هو نفى الواحد واما العدم فله طبيعة من الطبائع موضوعة له ويحمل العدم عليها يريد وانما قلنا ان الواحد اما ان يقابل الكثرة بالسلب والايجاب او بالملكة والعدم لان بين السلب والعدم فرقا وهو ان السلب نفى الشىء المسلوب باطلاق والعدم هو نفى عن طبيعة محدودة واذا وصفت تلك الطبيعة بالعدم كان ذلك فى صورة الايجاب وهو الذى اراد بقوله ويحمل العدم عليها˹ والفرق بين السلب والعدم قد تبين فى علم المنطق وسنبين الوجه الذى به يقابل الواحد الكثرة فى المقالة التى يتكلم فيها فى الواحد والكثرة وسائر الاضداد فانه ليس نحتاج من ذلك فى هذا الموضع الا ان نبين انه مقابل فقط باى نحو اتفق من النحوين ثم قال فاذا كان معادلا فى الوضع للواحد الكثرة فمعلوم ان الاشياء التى قيلت يعادلها فى الوضع الغير والذى لا شبيه والذى ليس بمساو وسائر الاشياء التى تقال بهذا النوع او بنوع الكثرة يريد ومعلوم انه اذا كان عديل الواحد فى المقابلة الكثرة فمعلوم ان الهوهو يقابله الغير والشبيه يقابله لا شبيه والمساوى يقابله لا مساو وما اشبه ذلك من الاشياء التى تتقابل بهذا النوع او بنوع الواحد والكثرة ثم قال واذا كان للعلم الذى قلنا المعرفة بالواحد وكانت الضدية شيئا واحدا من هذه الاشياء ويقال الواحد على انواع كثيرة فمعلوم ان هذه الاضداد تقال ايضا على انواع كثيرة يريد فمعلوم اذا كان لهذا العلم المعرفة بالواحد وكان اسم الواحد قد يقال على الضدية اى يقال ضد واحد وكان الواحد يقال على كثرة فبين ان اسم الضد يقال على اشياء كثيرة ثم قال ولعلم واحد المعرفة بجميعها مثل ما يعرف الواحد يريد ويجب لمكان هذا كله ان يكون لعلم واحد معرفة جميع انواع الاضداد وهو هذا العلم من قبل ان له معرفة انواع الواحد ثم قال لانه ان كانت تقال هذه الاشياء على انواع كثيرة فليس معرفتها لعلوم شتى الى قوله ولم تقل على شىء واحد يريد فانه ان كانت هذه الاشياء تقال على اشياء كثيرة فليس علمها لعلوم كثيرة لان الاشياء الكثيرة التى هى لعلوم كثيرة هى الكثيرة التى لا تنسب الى شىء واحد واما هذه فانها تنسب الى شىء واحد فهى لعلم واحد كما بينا قبل ثم قال فاذا نسب جميع الاضداد الى الاول الذى هو لها اول كقولنا ان جميع الاشياء التى تقال واحد تنسب الى الواحد المتقدم بالاولية الى قوله وكذلك ننسبها الى اوائلها يريد واذا كانت هذه كلها لها اول تنسب اليه وكان الواجب فى هذا العلم ان يعرف الاول منها فى جنس جنس وكيف نسبة ما فى ذلك الجنس اليه مثال ذلك ان جميع الاشياء التى يقال عليها واحد ينبغى ان نعرف الواحد المتقدم عليها ومرتبة الاشياء الواحدة منه وكذلك الحال فى الاضداد والهوهو والغير فينبغى ان نتقدم اولا فنعلم على كم نوع من هذه الاشياء يقال كل واحد منها ثم ننسبها الى مبادئها وهذا الفعل الذى قاله هو الذى فعله فى المقالة المرسوم عليها حرف الدال فانه افردها بهذا النظر لتعديد المعانى التى تقال عليها اسماء الاشياء التى ينظر فيها هذا العلم وقوله ونخبر كيف ينسب اليها فى جميع المقولات يريد انه يخبر بالاول الذى فى جنس جنس من هذه الاشياء وذلك ان هذه الاشياء توجد فى اكثر من مقولة واحدة مثل الواحد فى الكم والكيف والجوهر وهذا الذى يطلب ان يبين الاول فى كل واحد من هذه المقولات ويبين اول المقولة التى هى علة لهذه المقولات وهو اول الجوهر فانه الاول باطلاق لجميع الاشياء التى فى مقولة مقولة من المقولات ثم قال فان من الاشياء ما يقال اول لان له اولا بنوع من الانواع ومنها ما يقال اول لانه يفعل فعلا من افاعيل الاول بنوع من الانواع ومنها ما يقال اول بنوع اخر من هذه الانواع يريد وكذلك ينبغى ان نتقدم فنعرف على كم نوع معنى يقال الاول فان منه ما يقال اولا لان له نوعا من انواع الاول ومنه ما يقال اولا لا لان له نوعا من انواع الاول بل لان له فعلا من افعال الاول او انفعالا من انفعال الاول يريد او يقبل فعلا من افعال الاول ثم قال فمعلوم انه ينبغى ان نعلم هذه الاشياء وان نعرف حدها وحد الجوهر يريد واذا كان ذلك كله كما وصفنا فبين انه ينبغى لصاحب هذا العلم ان يعرف حدود هذه الاشياء وحدود الجوهر الذى هو علة لهذه كلها ثم قال وهذا الطلب هو واحد مما فحصنا عنه فى المسائل الغامضة يريد وهذه الاشياء التى تبين هنا ان هذا العلم ينظر فيها هى احدى المسائل الغامضة التى فحصنا عنها فى المقالة التى قبل هذه
[5] Textus/Commentum
Shafi 324